بالتزامن مع النقاشات التي تدور حول إمكانية أن تصبح تركيا مركزًا للطاقة، سأسلط الضوء على تقرير نشره مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا” عام 2016، وكان تحت عنوان “مساعي تركيا لأن تصبح دولة مركزية في مجال الطاقة”، حيث قمت بإعداده مشاركة مع “سيدهان أحمد أتيش” و “صالح قايا” و”محمد قزل قايا”
وتطرقنا حينها إلى المكانة التي وصلت إليها تركيا في مجال الطاقة، حيث جاء في التقرير:
“إن تركيا دولة مجاورة لمناطق الشرق الأوسط وآسيا والقوقاز، التي تمتلك احتياطيات كبيرة وغنية من النفط والغاز الطبيعي، لكنها لم تتمكن من تحويل موقعها الجغرافي المميز لتستفيد منه في مجال الطاقة لسنوات. وعلى الرغم من أن تركيا جارة للدول التي تمتلك موارد الطاقة، إلا أن تركيا بقيت في وضع تتحمل فيه تكلفة المنطقة التي تعيش فيها بدلاً من الاستفادة من موقعها الجيوسياسي”
وفي الوقت الحاضر، تتمتع تركيا بمكانة تتيح لها بأن تكون مركزًا في مجال الطاقة، وخاصة الغاز الطبيعي، وذلك بفضل موقعها الجغرافي المميز.
وبالتزامن مع أزمة الطاقة التي تعيشها أوروبا نتيجة الحرب الأوكرانية، فإن موقع تركيا الجيوسياسي يعزز مكانتها لتصبح مركزًا للطاقة من أجل نقل موارد الطاقة إلى الأسواق الدولية عبر أراضيها.
وفي هذا الصدد، بدأت الدول الأوروبية التي تعتمد على الغاز الروسي في البحث عن بدائل لاستيراد موارد الطاقة، حيث برزت مشكلة أمن إمدادات الطاقة على أجندتهم. وبالتزامن مع بحث الدول الأوروبية عن بدائل، باتت تركيا الطريق الأبرز لنقل الطاقة.
من جهة أخرى، ترغب موسكو بأن لا تخسر السوق الأوروبية، التي تعد أكبر سوق مستورد للغاز الروسي. كما ترغب الاستمرار في كونها اللاعب الرئيسي في معادلة الطاقة العالمية نتيجة امتلاكها أكبر احتياطيات العالم في الغاز الطبيعي. ولهذا السبب، تريد روسيا أن تكون موجودة في سوق الطاقة للدول الأوروبية من خلال تركيا.
كما تتمتع تركيا بكونها دولة مركزية وطريق نقل بين البلدان التي تمتلك موارد الطاقة والبلدان التي تستهلك موارد الطاقة وهذه الميزة تتيح تأمين إمدادات الطاقة بطريقة موثوقة ودائمة.
كما أن موقع تركيا الاستراتيجي يجعلها بديلًاا لا غنى عنها للبلدان المصدرة للطاقة والبلدان المستوردة لموارد الطاقة.
مساعي تركيا لأن تصبح دولة مركزية في مجال الطاقة
وبالعودة إلى التقرير الذي ذكرته ببداية المقال، والمنشور في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا” عام 2016: تمتلك تركيا العديد من الخصائص التي تتيح لها بأن تصبح دولة مركزية في مجال الطاقة ونذكر منها:
-يوفر مشروع ممر الغاز الجنوبي نقل الغاز الطبيعي من أذربيجان إلى تركيا عبر خط أنابيب “تاناب” العابر للأناضول ونقل الغاز إلى السوق الأوروبية عبر خط الأنابيب العابر للأدرياتيكي “تاب”.
-كما أن خط أنابيب الغاز “ترك ستريم” الذي ينقل الغاز من روسيا إلى تركيا والدول الأوروبية يتيح لتركيا بأن تكون دولة مركزية محتملة لأنها ستصبح جسر يصل بين الدول الأوروبية وروسيا.
-يتيح الغاز الطبيعي القادم من العراق وإيران وتركمانستان وشرق البحر الأبيض المتوسط ودول أخرى إلى تركيا، الفرصة لضمان التنوع بالغاز الطبيعي مما يعزز أهمية تركيا ومكانتها كدولة مركزية.
كما أن موارد الغاز الطبيعي المسال، التي تزداد أهميتها كل يوم وتوفر تنوعًا في البلاد والموارد، تعزز مكانة تركيا بأن تكون مركزًا في مجال الطاقة.
عندما تصبح تركيا دولة مركزية في مجال الطاقة، ستبدأ حقبة جديدة لمعادلة الطاقة الجديدة التي ستتشكل. كما ستبدأ حقبة جديدة لضمان أمن إمدادات الطاقة.
بواسطة / إيردال تانس قاراغول