أولًا: سيتضح إن كانت ستتغير إحدى نقاط “الاتجاه العالمي” أو لا فهناك الكثير من الدول -والأزمات- التي تنتظر الانتخابات النصفية الأمريكية.
أرى في الغالب أن الكونغرس الذي يتكون من البيت الأبيض ومجلس النواب ومجلس الشيوخ ستضعف سلطته، كما سيتم تغيير حكام الولايات أيضًا، ويعد هذا أمرًا مهمًا فعندما تواجه البلاد مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية تزداد الاضطرابات وخاصة في “الدول الفيدرالية” كما أن هذا أمر معتاد في أمريكا، ونزاعات “الشمال والجنوب” و”الشرق والغرب” مشهورة فيها.
وسيؤثر هذا على أهم صلاحيات الرئيس وهي “السياسة الخارجية” وسيكون لها نتائج سياسية على العالم كله بما في ذلك الحرب الأوكرانية والكثير من الدول مثل تركيا والعراق وإيران ومصر واليونان وحوض بحر قزوين وآسيا الوسطى، وروسيا والصين وأوروبا جميعها وخاصة ألمانيا وفرنسا، والمحيط الهادئ وخاصة إنجلترا التي تُعد أحد الأطراف الأساسيين في النزاع الروسي فهي تعيش الآن حالة عدم استقرار سياسي واقتصادي لأنها وضعت رهانها على معاداة روسيا، أما دول الخليج فقد أدلت بأصواتها مع قرار “أوبك”.
على الصعيد الداخلي أيضًا سيكون التأثير على الديناميكيات المحلية الأمريكية فانهيار حكومة بايدن سيسبب في تضخم الأزمة الاقتصادية وسيؤثر على واشنطن والبنتاغون، باختصار يمكن أن تؤدي الانتخابات النصفية الأمريكية إلى التحول في إحدى نقاط “الاتجاهات العالمية” فحتى لو فاز بايدن ستكون هذه النقطة ضعيفة و”غير واضحة”.
ثانيًا: تشير التحالفات إلى أن الاتجاه سيميل باتجاه الشرق.
ستنعقد في 10-11 نوفمبر قمة “منظمة الدول التركية” في سمرقند، بدأت “منظمة الدول التركية” تحظى باهتمام كبير حول العالم لأن مثل هذه “التحالفات” -صغيرة كانت أو كبيرة- تدل على انحياز العالم باتجاه الشرق، ومن هذه التحالفات أيضًا منظمة شنغهاي للتعاون و”مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا” -والذي تم إضفاء الطابع المؤسسي عليه أيضًا في الاجتماع الأخير- وكذلك تُعد الخطوات التي تقوم بها كل من إيران وباكستان وسياسة أنقرة في مبادرة “آسيا من جديد” جزءًا من هذا التحول.
وعلى الصعيد الداخلي يُعد اجتماع القمة هذا مهمًا لتركيا أيضًا حيث سيصدر عن هذه القمة قرار حول العضوية الدائمة لجمهورية شمال قبرص التركية في “منظمة الدول التركية” أو ظهور اسمها في الوثائق الرسمية على الأقل، مما سيضيف قوة لتركيا في تحقيق رؤية “قرن تركيا” وسيضفي تنوعًا للجغرافيا السياسية وموارد الطاقة في شرق المتوسط.
كما سيشجع هذا بعض البلدان غير الإقليمية في التعاون مع جمهورية شمال قبرص التركية، يصعب الآن معرفة ما إذا كان سيتغير موقف القوى العظمى من جمهورية شمال قبرص التركية وخاصة روسيا، على كلٍ يجب اتخاذ الخطوات بتأنٍ وهدوء بما يتناسب مع الظروف الجارية.
ويمكن اعتبار العلاقات الإسرائيلية-التركية الجديدة واحدة من التحالفات في البحر الأبيض المتوسط، قد يعتبرها البعض امتدادًا لعلاقات سابقة و”تطورًا” لها لكن هذا غير مقبول أبدًا فمواقف إسرائيل القديمة مُدانة وستبقى كذلك.
وقد تكون التصريحات الأخيرة لمصر حول “انقطاع العلاقات بسبب موقف تركيا الثابت في ليبيا” بمثابة درس في اتخاذ موقف “داعم للوفاق مع القاهرة تحت أي شرط من الشروط” بالنسبة للذين وفق أجندات يدعون أنها وطنية، والذين يطالبون بالتصالح مع اليونان وينتقدون سياسة تركيا في ليبيا.
ثالثًا: اجتماع بوتين و بايدن “في ظل ظروف جديدة”
ستُعقد في 15-16 نوفمبر في بالي قمة مجموعة العشرين بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسيكون الموضوع الرئيسي للقمة -بلا شك- هو حرب أوكرانيا وآثارها على الاقتصاد العالمي، فأغلب الدول الأعضاء مستاءة لكنها لا تصرح بذلك، لهذا سيكون هدف الاجتماع الرئيسي هو البحث في محاولة ترتيب اجتماع روسي أمريكي.
وعلى الرغم من صعوبة الأمر إلا أن قمة العشرين قد تنجح في تحقيق السلام في أوكرانيا وخاصة إذا خسر بايدن الانتخابات النصفية، ولا بد من متابعة المحادثات الثنائية التي سيجريها أردوغان في القمة بدقة.
رابعًا: عضوية فنلندا والسويد في الناتو
من بين هذه الأحداث المهمة هناك مسألة أخرى على أنقرة التعامل معها حيث سيأتي الأمين العام “غيس ستولتنبرغ” إلى تركيا في 4 نوفمبر وسيتبعه رئيس الوزراء السويدي الجديد كريسترسون للضغط على أنقرة، فقد وافق 28 من أصل 30 عضوًا على انضمام البلدين إلى الناتو وبقيت المجر وتركيا ومن المتوقع موافقة بودابست قبل نهاية العام، لهذا فإن الضغط سيزداد على أنقرة.
قد يكون أحد أسباب تأخر تركيا في الموافقة هو عدم وفاء البلدين بوعودهما وخاصة السويد فهما يقدمان وعودًا فقط دون تنفيذ.
ومن جانب آخر، هناك من يدعو إلى عدم الموافقة على عضويتهما حتى لو استوفوا الشروط ، فهم يرون أنه لا يمكن لأحد أن يضمن ما ستفعله هذه الدول مستشهدين بقصة عودة اليونان إلى الناتو،وقد يكونون على حق.
بواسطة / نيدرت إيرسانال