حزب الشعب الجمهوري التركي.. اشتداد الصراع بين الكماليين والأكرميين

تقترب تركيا يوما بعد يوم من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتوقع إجراؤها في أيار/ مايو أو حزيران/ يونيو 2023، إلا أن تحالف “الطاولة السداسية” المعارض لم يحدد حتى الآن مرشحه لرئاسة الجمهورية، في ظل تطورات تشير إلى اشتداد الصراع بين أنصار اثنين من المرشحين المحتملين؛ هما رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.

كليتشدار أوغلو لا يتردد في إبداء رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية، ولكنه يفضِّل أن يأتي ترشيحه من “الطاولة السداسية” وبإجماع رؤساء أحزاب التحالف. ولذلك، بعد إظهار استعداده لمنافسة مرشح تحالف الجمهور، رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، يعود ويكرر أن رؤساء الأحزاب الستة هم الذين سيختارون مرشح التحالف المعارض.
شهدت تركيا الأسبوع الماضي حدثين أثارا ضجة في الأوساط السياسية والإعلامية؛ أولهما الزيارة التي قام بها كليتشدار أوغلو إلى العاصمة البريطانية، بعد زيارته للولايات المتحدة. وأشار كثير من المحللين بمن فيهم مؤيدون لحزب الشعب الجمهوري، إلى أن الزيارتين لم تكونا ناجحتين من حيث الموعد والمضمون والنتائج. وصرح كليتشدار أوغلو بأنه زار لندن ليجد فيها “أموالا نظيفة” لتركيا، إلا أنه كان قبل فترة وجيزة قد انتقد زيارة وزير الخزانة والمالية التركي، نور الدين نباتي، للعاصمة البريطانية للقاء رجال الأعمال والمستثمرين، ووصفها بــ”التسوّل من المرابين”.

كليتشدار أوغلو لا يتردد في إبداء رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية، ولكنه يفضِّل أن يأتي ترشيحه من “الطاولة السداسية” وبإجماع رؤساء أحزاب التحالف. ولذلك، بعد إظهار استعداده لمنافسة مرشح تحالف الجمهور، رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، يعود ويكرر أن رؤساء الأحزاب الستة هم الذين سيختارون مرشح التحالف المعارض

أما الحدث الثاني فهو فصل صحيفة “سوزجو” الموالية لحزب الشعب الجمهوري، عددا كبيرا من كتابها ومحرريها من أعمالهم بشكل مفاجئ. واتضح فيما بعد أن هناك مشكلة بين رئيس بلدية إسطنبول والصحيفة المؤيدة لكليتشدار أوغلو، أدَّت إلى طرد الموالين لإمام أوغلو من الصحيفة.

وسائل الإعلام التركية سلطت الضوء على تفاصيل الحدث، وذكرت أن إمام أوغلو أرسل رجال الضابطة التابعة لبلدية إسطنبول إلى بيت والدة مالك صحيفة “سوزجو”، براق آقباي، بدعوى أن هناك بلاغا بحقها. وجاءت هذه المداهمة لبيت السيدة البالغة من العمر 83 عاما من أجل ترهيب نجلها المقيم خارج البلاد، بعد نشر الصحيفة تقارير عن الفساد لم تعجب رئيس بلدية إسطنبول.

الكاتب الصحفي والنائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري، باريش يارقاداش، في برنامج تلفزيوني، أكد صحة الأنباء المتداولة حول مداهمة بيت والدة مالك صحيفة “سوزجو” من قبل رجال بلدية إسطنبول، ووصف ما قام به إمام أوغلو بــ”غير مقبول” و”مخيف للغاية”، مضيفا أن رئيسة الحزب الجيد، ميرال أكشنير، التي نُقلت إليها تفاصيل الأزمة بين رئيس بلدية إسطنبول وصحيفة “سوزجو”، تشعر بالقلق من ميول إمام أوغلو الاستبدادية.

رئيس حزب الشعب الجمهوري شدد أكثر من مرة على معارضته لترشيح أي من رؤساء البلديات للانتخابات الرئاسية، إلا أن إمام أوغلو ما زال يطمح إلى الترشح، ويحلم بتولي منصب رئيس الجمهورية، رغم تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي

رئيس حزب الشعب الجمهوري شدد أكثر من مرة على معارضته لترشيح أي من رؤساء البلديات للانتخابات الرئاسية، إلا أن إمام أوغلو ما زال يطمح إلى الترشح، ويحلم بتولي منصب رئيس الجمهورية، رغم تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي بشكل كبير لفشله الذريع في رئاسة بلدية إسطنبول.

إمام أوغلو يعتقد بأنه أفضل مرشح لمنافسة أردوغان، ويسعى جاهدا لتعزيز حظه بين المرشحين المحتملين من خلال تمويل وسائل إعلام تروّج له، كما يعمل الإعلاميون الموالون له لتشويه سمعة كليتشدار أوغلو من أجل عرقلة ترشح هذا الأخير، وإفساح المجال لترشح رئيس بلدية إسطنبول، في ظل أنباء تفيد بأن إمام أوغلو سيصدر قريبا صحيفة جديدة بعد أن بدأت صحيفة “سوزجو” مقاطعته، وعدم نشر أخباره.

هذه الاستراتيجية، وإن نجحت في ذلك إلى حد ما، فإنها أدَّت من ناحية أخرى إلى اشتداد التنافس بين المرشحين المحتملين، وصراع داخل حزب الشعب الجمهوري والتحالف، كما أنها قد تتسبب في انقسامات وانشقاقات وتفكك تحالف “الطاولة السداسية”، لتخوض الأحزاب الستة الانتخابات الرئاسية بمرشحيها، بدلا من مرشح مشترك

الأطراف الأخرى في حزب الشعب الجمهوري وتحالف “الطاولة السداسية” تراقب الصراع الدائر بين “الكماليين” و”الأكرميين” عن كثب لتحديد موقفها من المرشحين. ومن المؤكد أن الحزب الجيد برئاسة ميرال أكشنير يأتي على رأس تلك الأطراف لثقله داخل التحالف، كثاني أكبر حزب فيه بعد حزب الشعب الجمهوري. ويبدو أن أكشنير ما زالت تعارض ترشيح كليتشدار أوغلو لرئاسة الجمهورية وترى أنه غير قادر على منافسة أردوغان. ولذلك، تعقد اجتماعات سرية مع إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور ياواش كل على حدة، وسط تسريبات تشير إلى أنها بدأت تميل إلى ترشيح ياواش وأنها طلبت منه أن يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية.

رؤساء الأحزاب الستة التي تشكل التحالف المعارض قالوا إنهم سيعلنون مرشحهم في اللحظة الأخيرة، كيلا يتعرض لانتقادات شرسة وتتراجع شعبيته، ولكن هذه الاستراتيجية، وإن نجحت في ذلك إلى حد ما، فإنها أدَّت من ناحية أخرى إلى اشتداد التنافس بين المرشحين المحتملين، وصراع داخل حزب الشعب الجمهوري والتحالف، كما أنها قد تتسبب في انقسامات وانشقاقات وتفكك تحالف “الطاولة السداسية”، لتخوض الأحزاب الستة الانتخابات الرئاسية بمرشحيها، بدلا من مرشح مشترك يحظى بدعم كلها.

 

اشتداد الصراع بين الكماليين والأكرميين بواسطة / إسماعيل ياشا
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “تركيا الآن”
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.