الوقت يمضي لصالح كليجدار أوغلو
إن ما يتجنب زعماء الأحزاب المعارضة قوله وجهًا لوجه في الطاولة السداسية، يقولونه من خلال موظفيهم الذين يعملون تحت إمرتهم. فهم يحاولون ضبط النفس وإظهار الوفاق في اجتماعاتهم، ولذلك نرى أن كمال كليجدار أوغلو وميرال أكشنر يتبادلان الجدل على ألسنة عدد من الموظفين لديهما، ولسان حال كليجدار أوغلو يقول سأرشح نفسي لرئاسة الجمهورية التركية، ولسان حال أكشنر يقول: لا ترشح نفسك يا كليجدار أوغلو
ومع أننا أصبحنا في أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر، إلا أن بعض ناخبي الأحزاب المعارضة يأملون تحديد مرشحهم للرئاسة في شهر كانون الأول/ديسمبر القادم. وستجتمع أحزاب الطاولة السداسية مجددًا اليوم، ولكن تحديد مرشحهم الرئاسي لن يكون على جدول أعمالهم، بل سيعلنون عن مخطط الدستور الجديد الذي كانوا يعدونه منذ مدة. ونحن بدورنا سنرى ونناقش معًا نوع المسودة التي سيخرجون بها، وما سيقترحونه من الضمانات الدستورية أمام الشعب.
لكن ثمة شيء لفت انتباهي، وهو أن زعماء أحزاب المعارضة الستة، قد اجتمعوا تسع مرات خلال هذه السنة، وعملوا على سن دستور مشترك، إلا أن ذلك كله لم يكن له أي أصداء في الرأي العام، ولم يحظ باهتمام الشعب. وأعتقد أن اقتراح كليجدار أوغلو المفاجئ بتنظيم موضوع الحجاب، واقتراح أردوغان بتعديل الدستور من أسباب عدم اكتراث الشعب بذلك.
ليس هنالك أي حماس في الشارع، بل على العكس فثمة ركود في جبهة المعارضة. وكنا قرأنا في صحيفة يني شفق مؤخرًا أن أحزاب الطاولة السداسية تنتظر شهر شباط/فبراير، وأن تحديد مرشحهم الرئاسي سيُطرح على جدول الأعمال للمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر. وهذا يعني أن الطاولة السداسية ستشهد نقاشات ومباحثات حول تحديد مرشحها، ومن ثم سيتم تحديد هذا المرشح بعد شهر كانون الثاني/يناير كما قال أحد مسؤولي حزب السعادة بيرول آيدين: “عندما يقترب موعد الانتخابات أكثر سيتم الإعلان عن مرشحنا بعد شهر يناير/كانون الثاني”. أي إنه يشير إلى شهر شباط/فبراير. ولكن هناك من يرى أن الأمور إذا استمرت على هذا النحو فإن تحديد مرشح المعارضة قد يُؤجل إلى مارس/آذار. ولكن هل هذا أمر طبيعي في العملية الانتخابية؟
ففي انتخابات 2014 أعلن حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية مرشحهما المشترك أكمل الدين إحسان أوغلو قبل 51 يومًا من الانتخابات، في حين أعلن أردوغان ترشحه بعد 15 يومًا من إعلان منافسه.
أما انتخابات 2018 فقد شهدت أحداثًا غريبة، حيث دخل محرم إينجه وميرال أكشنر وصلاح الدين دميرطاش وتمل كارامولا أوغلو في سباق الترشح. في الواقع كانوا مضطرين إلى ذلك. ولكن أكشنر هي التي حددت مسار عملية الترشح، فحزب الشعب الجمهوري أبدى تحمسًا لاقتراح حزب السعادة بتحديد مرشح مشترك، ولكن أكشنر اعترضت على ترشيح عبد الله غول، الذي أعلن في 28 نيسان/أبريل 2018 أنه لن يكون مرشحًا لعدم وجود اتفاق على ترشيحه..
وقام حزب الشعب الجمهوري، بتقديم مرشح من صفوفه، حيث أعلن ترشيح محرم إينجه في 4 أيار/مايو، حين تم تعليق لافتات تشير إلى ترشيحه في شوارع أنقرة، وذلك قبل 51 يومًا من الانتخابات.
من جانب آخر، كان دولت بهتشلي قد أعلن ترشيح أردوغان للرئاسة قبل 6 أشهر من انتخابات 2018، وهو في هذه الانتخابات ينتهج سياسة دعم مماثلة لأردوغان.
تحاول أحزاب الطاولة السداسية أن تُري لنا بأنها ليست على عجلة من أمرهها، ولكن الوقت في هذه الحالة يمر لصالح كليجدار أوغلو، إذ إنه يحاول ترشيح نفسه للرئاسة، وإذا لم يتم تحديد مرشح غيره في فبراير/شباط أو في مارس/آذار من قبل أحزاب الطاولة السداسية فسيكون كليجدار أوغلو مرشحهم الوحيد ولا بديل له. وهذا ما يدركه حزب الجيد الذي اتخذ خطوته الأخيرة للحيلولة دون ذلك عن طريق أحد أعضائه “ياووز آغير علي أوغلو” الذي قال: “إننا نسمع قلق البعض من أن كليجدار أوغلو لن يتمكن من النجاح في حال رشح نفسه. فناخبو اليمين التقليدي لا يحبذون حتى مجرد الوقوف في الجهة اليسرى من صفوف الصلاة في المساجد. ولا يمكننا تجاهل ردة فعلهم المحتملة”. وكلامه هذا يثير حفيظة حزب الشعب الجمهوري.
إن توقع عدم حصول كليجدار أوغلو على أصوات ناخبي اليمين في المساجد ناجم عن قراءة المجتمع، ولكن ذلك يفسح الطريق لتداول نقاشات أخرى.
ومنذ عدة أشهر وعد غورسل تكين من أعضاء حزب الشعب الجمهوري بمنح حقائب وزارية لحزب الشعوب الديمقراطي في حال فوز المعارضة، ما أدى إلى نشوب أزمة بين حزب الجيد وحزب الشعوب الديمقراطي، الأمر الذي علقت عليه أكشنر بالقول: “إن غورسل تكين خبير جدا وهو من أبرز الأعضاء في حزب الشعب الجمهوري، وهو بكلامه هذا يعبر عن رؤية حزبه”.
أكشنر ترى أن تكين كان يتحدث باسم كليجدار أوغلو، وفي المقابل يرى أعضاء الحزب الجمهوري أن “آغير علي أوغلو” يتحدث باسم أكشنر، وأنه تجاوز الحدود كثيرًا، ويطالبون بتأنيبه. وحزب الشعب الجمهوري يحاول كسب الوقت من خلال الأزمات التي تحدث، وذلك لأن الوضع الراهن يجبر أحزاب المعارضة في جميع الأحوال على ترشيح كليجدار أغلو. هذا إن لم تصرح أكشنر وحزبها بعدم موافقتها على المرشح المشترك كما فعلت في سنة 2018.
بواسطة / أرسين جليك