كليتشدار أوغلو ومستشاره الأمريكي المثير للجدل!

خرج رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، في أواخر الشهر الماضي، ليعلن في مقطع فيديو مسجل أنه سينافس العالم، وطلب من الجميع أن ينتظروا الثالث من شهر كانون الأول/ ديسمبر الحالي. وبدأ الرأي العام التركي يترقب “المفاجأة الكبرى” التي سيفجرها كليتشدار أوغلو، وتفاصيل برنامجه الذي سينافس به العالم في مختلف المجالات.

حزب الشعب الجمهوري نظَّم السبت الماضي اجتماعا ليعلن فيه عن “رؤية القرن الثاني”، وظهر اقتصادي أمريكي على شاشة كبيرة ليلقي محاضرة أكاديمية باللغة الإنجليزية. وكان ذاك الرجل هو المفاجأة التي وعد كليتشدار أوغلو بتفجيرها، إلا أن المفاجأة المرتقبة كانت أقرب إلى الفضيحة منها إلى أي شيء آخر. وكما يقال، تمخض الجبل فولد فأراً.

كليتشدار أوغلو أعلن أنه اتفق مع الباحث الأمريكي في مجالات علم الاجتماع والاقتصاد، جيريمي ريفكين، ليكون مستشاره، ولكن الرجل لم يتعب نفسه ليأت إلى تركيا ويحضر اجتماع حزب الشعب الجمهوري، على الرغم من أنه سيجني من عمله مبالغ كبيرة. بل اكتفى بإلقاء كلمته من الولايات المتحدة عبر الفيديو-كونفرانس. ولم تتم ترجمة كلمته إلى اللغة التركية، وبالتالي لم يفهمها أحد غير الذين يعرفون اللغة الإنجليزية.

ريفكين سبق أن عمل مستشارا للمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل. ويعود أصله إلى أسرة يهودية هاجرت إلى ولاية تكساس الأمريكية، كما أنه مدعوم من عائلة روكفلر الشهيرة. ويقال إنه المسؤول عن إغلاق ألمانيا محطات الطاقة التي تعمل بالفحم الحجري لتظل رهينة الغاز الروسي، وعن تدهور الاقتصاد في إسبانيا والبرتغال. ومن المؤكد أن هذا السجل لا يشير إلى “منقذ”، كما يراه كليتشدار أوغلو.

المواطن التركي حين ينظر إلى ريفكين سيرى خادما مخلصا للرأسمالية الأمريكية، في الوقت الذي بلغت معاداة الولايات المتحدة في صفوف الأتراك ذروتها، بسبب انحياز واشنطن لليونان ودعمها للتنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن تركيا واستقرارها، مثل حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن. وبالتالي، لا يمكن اختيار ريفكين كمستشار لرئيس حزب الشعب الجمهوري أن يكون رسالة موجهة إلى الناخبين.

اقرأ أيضا

“عملاق العصائر” في تركيا تعلن إفلاسها

كليتشدار أوغلو يرغب بشدة في خوض الانتخابات الرئاسية كمرشح مشترك لتحالف الطاولة السداسية، إلا أنه ما زال يواجه عقبات قد تحول دون ترشيحه لمنافسة رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، لأن التحالف المعارض لم يحسم أمره بعد، وأنه ما زال يتردد في قدرة رئيس حزب الشعب الجمهوري على الفوز في الانتخابات الرئاسية. ومن هنا، يمكن تفسير خطوة كليتشدار أوغلو هذه بأنها رسالة موجهة إلى واشنطن مفادها أن رئيس حزب الشعب الجمهوري يتعهد بالعمل مع رجال الولايات المتحدة إن تم اختياره كمرشح لتحالف الطاولة السداسية وفاز في الانتخابات.

عدم ترشيح كليتشدار أوغلو حتى الآن من قبل تحالف الطاولة السداسية ليس المشكلة الوحيدة التي تقف أمام تسليم رئيس حزب الشعب الجمهوري زمام الاقتصاد التركي إلى ريفكين في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية، بل هناك مشاكل أخرى يجب أن يحلها ليستمر عمل مستشاره الأمريكي، كضرورة إقناع رؤساء الأحزاب التي تشكل التحالف بأن ريفكين هو الرجل الأنسب لقيادة الاقتصاد التركي؛ لأن رئيس حزب السعادة، تمل كاراموللا أوغلو كشف قبل أيام أن مرشح التحالف إن فاز في الانتخابات فسيحكم البلاد بالتنسيق والتعاون مع مجلس يتألف أعضاؤه من رؤساء الأحزاب الستة، ما يعني أن ذاك المجلس قد يرفض الاتفاق الذي أبرمه كليتشدار أوغلو مع مستشاره الأمريكي.

استيراد مستشار من الولايات المتحدة يثير علامات استفهام عديدة، ويسأل الرأي العام التركي: “ألم يجد كليتشدار أوغلو خبيرا اقتصاديا في صفوف أعضاء حزبه أو الموالين له؟”، كما أن هناك تقارير تتحدث عن أن رئيسة الحزب الجيد، ميرال أكشنير، تشترط على رئيس حزب الشعب الجمهوري تسليم ملف الاقتصاد إلى حزبها في مقابل الموافقة على ترشيحه لرئاسة الجمهورية. وإن قبل كليتشدار أوغلو هذا الشرط فلن يكون بحاجة إلى مستشار اقتصادي، وإن لم يقبل فلن يتم ترشيحه، وبالتالي لن يبقى لاتفاقه مع ريفكين أي معنى.

رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، علي باباجان، قال إن تحالف الطاولة السداسية لم يحدد حتى الآن مرشحه، مضيفا أنه “سيخرج دخان أبيض” للإعلان عن اختيار المرشح، في إشارة إلى الدخان الأبيض الذي يتصاعد من كنيسة سيستينا في الفاتيكان كدليل على انتخاب بابا جديد. ويتوقع أن يخرج الدخان الأبيض المرتقب من مدخنة تحالف الطاولة السداسية أواخر الشهر القادم ليعلن اختيار مرشح التحالف، ويحدد مصير عمل الاقتصادي الأمريكي كمستشار لكليتشدار أوغلو.

بواسطة /إسماعيل ياشا

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.