ماذا يعني أن تتفق مع أمريكي ضد خصمك السياسي الذي ينفق الأموال المحلية والوطنية لأكثر من 20 عاماً لخدمة مبادئ سياساته وممارساته التي فاز في الانتخابات بسببها، ماذا يعني أن تتفق معه في افتتاح حملتك الانتخابية التي تصادف بداية القرن الثاني للجمهورية؟
ماذا يعني اللعب مع “جيرمي ريفكين” بالنسبة للمرشح الرئاسي “كيليجدار أوغلو” وحزبه الذي بدأ بحملته الانتخابية وأعضاء الطاولة السداسية +1 الذين سيصبحون لاعبين ثانويين في هذه اللعبة.
إنه لخطأ فادح في الحملة الانتخابية أن يتم تقديم هوية من الخارج لا تنتمي لك، ويربطك معها علاقة مهنية، ولا تناسبك معلوماتها وأفكارها، وأن تقدم على لجنة مؤلفة من 70 شخصاً من بينهم أسماء ذات مكانة عالية، ثم تقدم هذه الشخصية للناخبين الأتراك.
إذا قام خبراء الاتصالات أو العلاقات العامة أو الدعاية والإعلان باقتراح هذا في الاجتماعات الصباحية، فسيتم طردهم من عملهم في المساء. لكن سيأتي بعضهم ويقول: “لكنه تحدث عن ذلك”. أيها السادة هذا ليس عمل علامة تجارية.
عندما كان “ريفكين” يتحدث وضع بياناته العلمية في خيال عالمي، لقد رسم نموذجًا لـ “العالم الجديد”. وأكد على أن الطريق المختصر لا يأتي بنتائج دائمة، وأنه علينا البدء من الآن بما يجب القيام به.
يا ترى ما الذي فكرت به نخبة حزب الشعب الجمهوري التي كانت تجلس في الصف الأول وتستمع إلى هذا الخيال العلمي وتظن أنها تعرف الواقع العالمي اليوم؟
أنا على ثقة تامة بأن هناك من داخل حزب الشعب الجمهوري من تساءل في الافتتاح الاستشاري، لابد أنهم خضعوا لإرادة رئيسهم قائلين: فليقل كل شخص ما يريد، لكن عندما يحين الوقت سنرى إلى أي مدى سيبقون خاضعين لهذه الإرادة.
دعونا ننتقل إلى الجزء الخطير
بالنسبة للكتلة الحادة في تركيا فإنهم يقدسون ما يقوله “ريفيكن” دون اهتمام بمن يحكم تركيا وكيف ومع من.
أولاً: إن أي محاضر في أي جامعة في تركيا على اطلاع بالمواضيع التي ذكرها “ريفكين” ويمتلك هذا القدر من المعلومات، بل إن الأكاديميين وحتى بعض الصحفيين ومن يختصون في مجالات الروبوتات والإنترنت والتقنيات السحابية والواقع المعزز والذكاء الاصطناعي، والرقاقات والمناخ والطاقة النظيفة يعلمون تفاصيل ودقائق هذه الأمور. “ريفيكن” لا يأتي بشيء جديد ولا يخترع شيئاً وإنما يصف نموذجاً شائعاً تمت مناقشته والبحث فيه عند تركيا والعالم أجمع.
ثانياً: الدراما تبدأ من هنا، إذا كان العرض الذي قدمه المستشار “ريفكين” نال إعجاب النخبة من حزب الشعب الجمهوري وتلك الكتلة العمياء، وخلق جواً من التشييد بالإثارة والابتكار، فذلك لقلة اطلاعهم ومعرفتهم بالقضايا المشهورة.
ثالثاً: الأمر الخطير أن كل هذه القضايا قد تم الجدال والبحث فيها أكاديمياً وسياسياً على نطاق واسع.
كما أنه يوجد شك كبير حول واقعيتها وما إذا كانت هناك شروط للتنفيذ أم لا، وأخيرًا حول “ماذا ولمن ستوكن فائدتها”. فهذه ليست أمور يمكن القبول بها “لمجرد أن المستشار “جيرمي ريفكين” قد قال ذلك” والسماح لحزب الشعب الجمهوري وشركائه بفرضها على تركيا.
ومثالًا على ذلك، قدمت كل من الحكومة البريطانية والمصرية في قمة المناخ السابعة والعشرين للأمم المتحدة التي عقدت في مصر في بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر قدمتا تقريرًا مشتركًا جاء فيه: تحتاج الدول الفقيرة إلى إنفاق 2 تريليون دولار سنويًا للحد من استخدام الوقود الأحفوري، والاستثمار في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات منخفضة الكربون، والتعامل مع تأثيرات المناخ. تحتاج إلى إنفاق 2 تريليون دولار سنويًا لمدة 8-10 سنوات على الأقل! لنسقط هذا الرقم على واقعنا الاقتصادي/ السياسي العالمي اليوم، لا يوجد مثل هذا المقدار من المال ولا يوجد من يعطيه.
والآن ستتجاهلون اعتراضات العلماء الأتراك التي تقول: “نحن لا ذنب لنا، هم أفسدوا العالم أثناء محاولة تطورهم والآن يحاولون جعلنا نقوم بتنظيف هذه الفوضى” محاولين إلباس هذه المضاعفات العلمية غطاء “الأهداف” وتخدعوا تركيا التي نجحت في النمو في فترة الضائقة الاقتصادية حتى، والتي يزداد احتياجها إلى الطاقة كل عام.
إذا اعتمدتم العناوين التي جاءت في خطاب “جيرمي ريفكين” بدون “تدقيق” في حملتكم الانتخابية أو بدأتم بتنفيذها عندما تستلمون السلطة فستتحول الدولة إلى دولة جاثمة في غيبوبة تحاول التعايش مع وحشية الليبرالية الجديدة، منغمسة في الديون للغرب ومحكومة للتنازلات دائمًا وقد تنازلت عن كل مكاسبها.
ثم تتحول هذه “العناوين المقدسة” إلى برنامج حكومي كواحد من “نماذج الانتداب/ الرأسمالية الجديدة لقوى العالم الجديدة” التي بدأت مع زيارات الولايات المتحدة وبريطانيا
ولأن حزب الشعب الجمهوري لن يستمع لنا فهو لا يستمع حتى إلى ناخبيه، فقد اقتبست فقرة من خطابٍ لـ “عصمت إينونو” في عام 1963، آملًا أن يستمعوا إليه:
“الكل يتحدث عن نفس الشيء “كيف سأفعل هذا؟”، سأعطي قراري وأحيل المهمة للفنيين، وهم بدورهم سيقومون بدراسات مفصلة ويبلغوني بمقترحاتهم، هل يمكنهم فعل هذا؟ هم جميعًا محاطون بخبراء أجانب مخادعين إن لم يستطيعوا النجاح يحاولون المماطلة، وإن لم تنجح هذه أيضًا يحاولون اتخاذ تدابير احتياطية، وعندما أعطيهم مهمة تصل النتيجة إلى واشنطن قبل أن تصل إلي، فأسمعها من السفير قبل المسؤولين، هم هكذا، يعدونك وكأنهم أنبياء وبعد أن توقع ترى العمال والمعدات والتجهيزات قد جاءت في اليوم التالي مباشرة، ولكن عندما يحين وقت ذهابهم فهم لا يذهبون بأي شكل. يجب العمل على إيجاد حل لهذه المسألة بأسرع وقت وإلا فلا يمكن اتباع سياسة مستقلة لا خارجية ولا داخلية، ولكن لا تعتقد أنه أمر سهل فأنت لا تعرف ماذا يمكن أن يحدث لك عندما تحاول”.