استغل أنصار رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، قرار السجن في حقه في قضية الإساءة إلى أعضاء الهيئة العليا للانتخابات، وأطلقوا حملة لتلميع صورته بهدف فتح الطريق أمام ترشحه لرئاسة الجمهورية كمرشح تحالف الطاولة السداسية، إلا أنها انقلبت ضده لتجعل حظ ترشيحه أقل من ذي قبل.
الفرحة التي أظهرها إمام أوغلو مع رئيسة الحزب الجيد، ميرال أكشنير، أثارت علامات استفهام كثيرة حول حقيقة الحكم الصادر في حق رئيس بلدية إسطنبول. وكشفت التطورات والتصريحات التي تلت إعلان المحكمة قرارها، عن حجم الخلاف الذي يهدد وحدة التحالف المعارض، ومدى شراسة التنافس بين إمام أوغلو ورئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، على الترشح للانتخابات الرئاسية.
معسكر إمام أوغلو- أكشنير يسعى إلى تحويل رئيس بلدية إسطنبول إلى بطل ديمقرطي تعرض للظلم على يد القضاء لعرقلة مسيرته السياسية، كما حدث لرئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان حين كان رئيس بلدية إسطنبول في التسعينيات. إلا أنه لا يبدو ممكنا نجاح محاولة تقليد أردوغان
معسكر إمام أوغلو- أكشنير يسعى إلى تحويل رئيس بلدية إسطنبول إلى بطل ديمقرطي تعرض للظلم على يد القضاء لعرقلة مسيرته السياسية، كما حدث لرئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان حين كان رئيس بلدية إسطنبول في التسعينيات. إلا أنه لا يبدو ممكنا نجاح محاولة تقليد أردوغان؛ لاختلافات كثيرة بين صورتي الرجلين وقضيتيهما.
أردوغان حقق آنذاك نجاحات باهرة في رئاسة بلدية إسطنبول شهد لها البعيد قبل القريب. وأما إمام أوغلو فلم يحقق حتى الآن أي نجاح يذكر، بل أداؤه في رئاسة البلدية منذ توليه لمنصبه سيئ للغاية، بسبب انشغاله بحلم الترشح لرئاسة الجمهورية، الأمر الذي أدَّى إلى تراجع شعبيته، وجعله يتعرض لانتقادات حتى من الذين صوتوا له في الانتخابات المحلية والمؤيدين لحزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه.
رئيس الجمهورية التركي حوكم بتهمة التحريض بعد قراءته أبيات شعر تعود إلى الشاعر التركي الشهير ضياء غوكالب، ودخل السجن بعد الحكم الصادر في حقه. أما إمام أوغلو فحوكم لأنه وصف أعضاء الهيئة العليا للانتخابات بــ”الحمقى”، فرفعوا قضية ضده، ولا علاقة للحكومة ولا أردوغان بالقضية. إضافة إلى ذلك، ما زالت هناك فرصة للاستئناف وتصحيح القرار، كما هو المتوقع، ما يعني أن عقوبة السجن لم تتأكد بعد في حق إمام أوغلو، وأنه لن يدخل السجن ولو ليوم واحد في حال تخفيف العقوبة.
العلمانيون المؤيدون لحزب الشعب الجمهوري كانوا لا يخفون فرحتهم الكبيرة حين سجن أردوغان، بل وقالوا آنذاك إن حياته السياسية قد انتهت ولن يكون بعد ذاك اليوم حتى عمدة حي. وأما اليوم فالمؤيدون للحكومة منزعجون من الحكم الصادر في حق إمام أوغلو ومن محاولة الأخير لاستغلال قرار المحكمة في تلميع صورته، ويقولون “دعوه يعاقبه الشعب عبر صناديق الاقتراع”.
المؤيدون للحكومة منزعجون من الحكم الصادر في حق إمام أوغلو ومن محاولة الأخير لاستغلال قرار المحكمة في تلميع صورته، ويقولون “دعوه يعاقبه الشعب عبر صناديق الاقتراع”
معسكر إمام أوغلو- أكشنير بالغ في تقليد قصة إبعاد أردوغان عن رئاسة بلدية إسطنبول، لدرجة أن رئيسة الحزب الجيد قالت: “هذه الأغنية لا تنتهي هنا”، وهي مقولة شهيرة لرئيس الجمهورية التركي، في إشارة إلى استمرار مسيرته، إلا أنهم ينسون أن محاولة تقليد الشيء تعني إعجابا بأصله والثناء عليه.
الشخصيات ووسائل الإعلام الغربية، مثل مايكل روبين المعادي للإسلام والمسلمين، وصحيفة واشنطن بوست، بدأت تدعم حملة تلميع صورة إمام أوغلو، وتبذل جهودا حثيثة لإقناع الرأي العام بأن أردوغان يسعى إلى إقصاء إمام أوغلو من التنافس في الانتخابات الرئاسية، في محاولة لتصوير رئيس بلدية إسطنبول كـــ”مرشح منتظر” لإسقاط رئيس الجمهورية التركي، ولترويج دعاية تدعي بأن أردوغان يخاف من التنافس مع إمام أوغلو، إلا أن هذه الحملة المبنية على الأكاذيب والمغالطات قد تنطلي على الرأي العام الغربي البعيد عن حقائق تركيا، وآخرين ممن يستقون الأخبار من وسائل الإعلام الغربية ويعتبرونها موثوقة، ولكن الرأي العام التركي يشاهد المسرحية الرديئة بأم عينيه.
إمام أوغلو يرى أنه المرشح الوحيد الذي يمكن أن يهزم أردوغان، وقال إن “الحكومة لن تفوز على الإطلاق ولكن المعارضة قد تخسر” إن لم تخض الانتخابات الرئاسية بمرشح قادر على الفوز، في إشارة إلى نفسه، إلا أن نتائج استطلاعات الرأي تشير إلى أن شعبيته في عموم البلاد متدنية للغاية، ولا تتجاوز 4.5 في المائة، في الوقت الذي تصل شعبية كليتشدار أوغلو 15.7 في المائة، وتليها شعبية رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش بــ15.3 في المائة.
العائق الأكبر أمام ترشح إمام أوغلو لرئاسة الجمهورية هو كليتشدار أوغلو الذي يرغب ذاته في الترشح للانتخابات الرئاسية
العائق الأكبر أمام ترشح إمام أوغلو لرئاسة الجمهورية هو كليتشدار أوغلو الذي يرغب ذاته في الترشح للانتخابات الرئاسية. ودعا كليتشدار أوغلو رئيس بلدية إسطنبول إلى أنقرة ليشارك في اجتماع الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري، في ظل استياء معظم قادة الحزب من تصرفات معسكر إمام أوغلو- أكشنير وتدخل رئيسة الحزب الجيد في شؤون حزب الشعب الجمهوري، إلا أنه لم يسمح لإمام أوغلو بإلقاء كلمة أمام النواب، الأمر الذي أثار غضب المؤيدين لرئيس بلدية إسطنبول، بل وذكر كليتشدار أوغلو أن علاقاته مع إمام أوغلو كالعلاقات بين الابن والأب، وأنه يعتبر رئيس بلدية إسطنبول ابنا له، وكأنه طلب من إمام أوغلو أن لا ينسب نفسه إلى غير حزب الشعب الجمهوري وأن يكون بارا لرئيسه.