يلتقي الرئيس رجب طيب أردوغان وزعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي بشكل دوري. الأمر يعد طبيعيًا لاجتماع شركاء التحالف معًا. ومنذ تأسيس تحالف الشعب في فبراير/شباط 2018، كانت اللقاءات تعقد من وقت لآخر في مركز الأمة “بيش تبه” للمؤتمرات والثقافة، وأحيانا تعقد في منزل دولت بهتشلي. وكان الرئيس أردوغان يزور زعيم حزب الحركة القومية في منزله. وجرى آخر لقاء بين الزعيمين في منزل بهتشلي الواقع في حي “تركمان بايي” في أنقرة.
وبعد بحثي في أرشيف اللقاءات بينهما، وجدت أن معظم اللقاءات كانت تستغرق حوالي الساعة. وبكل تأكيد، يمكن التعليق على جدول أعمال الزعيمين وفقا للأحداث التي وقعت قبل المحادثات وبعدها، لكنني أود أن ألفت الانتباه إلى تفصيل آخر وهو: “الانسجام واللطف بينهما”.
تبادل أردوغان وبهتشلي تصريحات شديدة اللهجة وتهكم واتهامات ضد بعضهما البعض في الماضي. وبعد تلك التصريحات المتبادلة، كان لقاء أردوغان وبهتشلي وما تلاه من تأسيس تحالف الشعب تطورا لا يمكن التنبؤ به قبل محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز
جلس الزعيمان المخضرمان على نفس الطاولة من أجل الحفاظ على تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقام الزعيمان بطي صفحة الماضي، وفتح صفحات جديدة من أجل تركيا. ويمكن ملاحظة مدى الانسجام الحاصل بين الزعيمين منذ تشكيل التحالف قبل 5 سنوات. ونلاحظ من خلال مشاهدة صور اللقاءات التي استضافها دولت بهتشلي مدى الاحترام والتقدير والمودة بين الزعيمين.
زعيم حزب الحركة القومية بهتشلي يكبر الرئيس أردوغان بـ 6 سنوات. ونلاحظ أن السيد بهتشلي لا يسند ظهره أبداً إلى المقعد بينما يجلس مقابل ضيفه أردوغان. وبالطبع، هذه علامة على الاحترام للرئيس والضيف.
ولكن الأهم من ذلك، أن صور اللقاءات التي تنعكس من بيئة المنزل تؤسس العلاقة الحميمة وتنتشر في أوساط المجتمع والقواعد الحزبية.
ويؤثر انسجام القادة أيضا في كوادر الحزبين، لهذا السبب، لا توجد أزمة وعدم توافق بين منظمات حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. كما يتم حل الأزمات التي تنشأ بسرعة.
وبالنظر إلى صورة لقاء العشاء الذي جمع بين كمال كليجدار أوغلو وميرال أكشنار مؤخرا، لإنهاء التوتر بينهما وحل مشاكلهما التي تتزايد. يمكننا ملاحظة التوتر على وجهيهما. ورؤية عدم الارتياح في عيون ميرال أكشنار بشكل خاص.
إذا تابعنا التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي وحكمنا من خلالها على الصورة. سنرى أن تحضير سفرة الطعام المتواضعة لم يخدمهما في تشكيل صورة صادقة. حتى إنهما تعرضنا للكثير من الانتقادات اللاذعة من قبيل “هل جلستما على مائدة طعام مرةً أخرى”؟
لا يمكننا القول إن هذه مجرد صورة عادية. لأن الجميع الآن بات يعرف تداعيات لغة الجسد لقادة السياسة والرأي العام. فلغة الجسد تؤثر في المتابعين الذين ينظرون إلى صورة اللقاء بطريقة إيجابية أو سلبية.
ولا يمكننا أن نربط بين الأجواء السلبية المنعكسة من تحالف الأمة المعارض والطاولة السداسية بصورة اللقاء الذي جمع بين أكشنار وكليجدار أوغلو.
منذ فترة طويلة، كانت هناك مشاحنات بين كليجدار أوغلو وأكشنار عبر رسائل وجَّهها كل منهما للآخر من خلال المنشورات التي نشراها. فهما يتصرفان كما لو أنه لم يحصل أي اجتماع في الطاولة السداسية بينهما وكأنهما لم يلتقيا أو يتحدثا أبدًا.
وقد أدلت أكشنار بتصريحات شديدة اللهجة بعد تجمع سراج هانة، حيث ردت على الانتقادات التي طالتها وعلى سؤال هل اتصلت بكليجدار أوغلو أم لا قبل حضور التجمع. قالت: «انتقد أي شخص يقول ذلك، لا يمكنني تحمل أخذ إذن عندما أدعم رؤساء البلديات الذين انتخبناهم». لقد ذكرت في مقالتي الأخيرة أن كليجدار أوغلو كان يتحكم بـ أكشنار،على الرغم من استهدافه بشكل مباشر وغير مباشر لفترة طويلة.
ينخرط كليجدار أوغلو في مسألة ترشحه ويتطلع لذلك، كما أنه يؤسس كوادره لهذه المسألة.
أسلوب كليجدار أوغلو في إدارة الأزمات من خلال القوة الناعمة” يغذي الأزمات الحالية للطاولة السداسية.
في حين أن أكشنار تحاول تشكيل تحالف يؤيد مرشح آخر غير كليجدار أوغلو في أقرب وقت ممكن. لأن الوقت بدأ ينفد. ولكن يبدو أنه على الرغم من كل تصريحاتها ولقاءاتها ورغبتها في فرض ترشيح أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش، إلا أنها لا تستطيع التغلب على كليجدار أوغلو. تتفق جميع الدوائر السياسية في أنقرة على أن كليجدار أوغلو لن يتراجع عن مسألة ترشحه للرئاسة.
بالتزامن مع مواصلة إصرار أكشنار على تسمية مرشح رئاسي يمكن انتخابه، فإن حزب الجيد يبتعد عن إمكانية أن يصبح الحزب الثاني، أي حزب المعارضة الرئيسي الجديد في تركيا.
لأن جبهة حزب الجيد في أنقرة، تدلي بتعليقات حول مسألة الترشح بين الفينة والأخرى مفادها أن “المرشح الأول واضح، ولذلك يجب التركيز على تحيد المرشح الثاني”
وبالنظر إلى رغبة زعماء الأحزاب الأخرى على الطاولة السداسية في أن يصبحوا نوابًا في البرلمان، يتبين لنا أن طموحاتهم تستند إلى المصالح الشخصية.
كيف سيتمكن كليجدار أوغلو وأكشنار من تلافي خيبة الأمل التي تسود أوساط الناخبين، وهما عاجزان عن إظهار شيء من الثقة والأمل حتى في صورة تجمعهما؟ بل هل سيتمكنان من ذلك أصلًا؟