هل سيبقى بشار الأسد عالقاً بأحداث الماضي؟
يبدو أن نظام الأسد لا يزال عالقاً في الماضي، ولا يستطيع أن يتخطاه ولو بمرحلة واحدة، ويراوح في مكانه بدلاً من إيجاد حل لتفشي الغرغرينا في جسد البلاد
ومنذ فترة قصيرة تداولت وسائل الإعلام أن عملية التطبيع بين تركيا وسوريا تهدف إلى لقاء بين الرئيس رجب طيب أردوغان وبشار الأسد السوري.
ولا تبدو روسيا منزعجة من علاقات أنقرة مع دمشق. والواقع أن تركيا طورت علاقاتها مع روسيا بسبب دور أنقرة الوسيط في المفاوضات المتعلقة بحرب أوكرانيا. كما ترى موسكو أن انخراط تركيا في عملية تشكيل سوريا سيضعف هيمنة الولايات المتحدة في البلاد.
وتتوقع إيران وهي جهة فاعلة أخرى في المنطقة، أن ينحسر دورها في مستقبل سوريا إذا ما تم فتح صفحة جديدة بين أنقرة ودمشق. ولذلك أضحت طهران التي تجاوزت مساعداتها لسوريا 20 مليار دولار، تحث السوريين على التعاون في كافة المجالات وخاصة الطاقة. ولهذا يحاول المسؤولون الإيرانيون أن تتم مشاركتهم في عملية التطبيع المرتقبة.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لوزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو خلال لقائهما في العاصمة أنقرة: “يسعدنا أن العلاقات مع دمشق قد تغيرت”.
في غضون ذلك، يبدو أن نظام الأسد عالق في الماضي بدلاً من إيجاد حل للغرغرينا المستشرية في البلاد. وترى دمشق أن تركيا التي تكافح الجماعات الإرهابية بما في ذلك داعش، هي المشكلة الأساسية وليست الولايات المتحدة التي تجر سوريا إلى الفوضى من خلال المنظمات الإرهابية مثل واي بي جي/بي كي كي.
نعم، لقد كان البلدان معاديان لبعضهما في الماضي. ولم ننس القنابل التي انفجرت في مدن المناطق الحدودية التركية ولكن الماضي ماض، وعند التفكير بما مرت به تركيا وروسيا نجد أن موسكو قتلت السفير الروسي أندريه كارلوف في أنقرة على يد عضو في جماعة غولن الإرهابية كان متنكراً في زي ضابط شرطة. وكذلك أسقطت تركيا طائرة روسية. ومع ذلك، أدرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس أردوغان لاحقاً أنهما وقعا في دائرة من الإحباط المتبادل.
وبالإضافة إلى ذلك، تقوم تركيا بعمليات مكافحة الإرهاب ضد داعش وواي بي جي/ بي كي كي في سوريا لأن دمشق لم تقم بواجبها. كما تعمل تركيا على إنشاء مناطق آمنة عبر الحدود لعودة اللاجئين السوريين الذين يمثلون عبئاً عليها.
وباختصار، يشكل وجود القوات المسلحة التركية في سوريا عبئاً على تركيا التي لا تكسب قرشاً واحداً من سوريا بل تنفق الأموال باستمرار.
وبالنظر لكل ما تقدم، يمكننا القول أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تستفيد من وحدة أراضي سوريا. وهي العبارة التي يكررها الرئيس أردوغان كثيراً. لكن حقيقة أن دمشق تتصرف وكأنها ليست في عجلة من أمرها في المفاوضات تعني أن الولايات المتحدة تكسب الوقت للاستفادة من “الغنيمة” في سوريا.
وفي حديثه عن المزاعم بأن الجيش الأمريكي نقل 53 ناقلة محملة بالنفط من محافظة الحسكة السورية إلى قواعدها في العراق يوم 14 يناير/كانون الثاني، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “وانغ وين بين” ما حدث بأنه عملية “نهب” مخططة.
وفي إشارة إلى أن البيانات الرسمية لنظام الأسد تشير إلى أن أكثر من 80% من النفط المستخرج في سوريا في النصف الأول من عام 2022 تم تهريبه إلى خارج البلاد من قبل قوات الاحتلال الأمريكية، حذر وانغ: “هذه اللصوصية تعمق أزمة الطاقة والإنسانية في سوريا وكذلك تنتهك الولايات المتحدة حق الشعب السوري في الحياة. وسيحاول هذا الشعب البقاء على قيد الحياة في الشتاء الأسود بالقليل من النفط والطعام”.
وختاماً، فإن الأسد المحاصر في عاصمته يجد صعوبة في فهم ما يجري، وإلا لكان قد أدرك أنه يلعب لصالح الولايات المتحدة، التي تعارض بشدة حوار الدول الثلاثة مع دمشق، من خلال إبطاء المفاوضات مع تركيا التي تقاتل ميليشيات واي بي جي/بي كي كي منفذة عمليات “نهب النفط” المستمرة.