منذ أكثر من عام والمعارضة التركية تلتقي على الطاولة السادسية بشكل دوري أشبه ما يكون بدوري لقاء السهرات الشهرية، أو لقاء السيدات بالبيوت ،حيث يكون اللقاء كل شهر ببيت ويتم الحديث والتسامر بشؤون الحياة كلها إلا المواضيع التي تثير الخلاف.
لكن هذه اللقاءات هي ليست بين زملاء السهرات والمهن وأصحاب الشعر والفكر وسيدات البيوت ، لأنها بين رؤوساء أحزاب المعارضة الأساسية ، التي تنشد الوصول لحكم تركيا ،بعد الفوز على أردوغان بالانتخابات الرئاسية القادمة ، وهذا أمر ليس بالأمر السهل والهين ، لذلك ينتظرها المواطن والسياسي ، وتعقد الحوارات التلفزيونية المطولة قبلها وبعدها ، لتخمين وتوقع ما ستتمخض عنه هذه اللقاءات من مقترحات وأفكار ومواقف سياسية واستراتيجيات وخطط ورؤى لمستقبل تركيا ومواطنيها.
لكن العجيب الملفت ، أن كل من تابع هذه اللقاءات المتكررة ، كان يصاب بالحيرة والدهشة ، وخيبة الأمل ،والاستهجان ،فكيف لمعارضة تريد الفوز على رجل فاز كل الانتخابات الخمسة عشر الماضية التي خاضها خلال العشرين سنة من تصدر العدالة والتنمية سدة الحكم بتركيا،أن تجتمع كل هذه اللقاءات الدورية ولم ترخرج حتى الآن بشيء يزيل الغباشة الأقل عن خططهم وأهدافهم!!؟
قبل ايام حبست تركيا أنفاسها قبل الاجتماع الحادي عشر للطاولة السادسية حيث توقع الكثيرون أن يخرج المجتمعون بالاعلان عن أسم المرشح الرئاسي الذي طال انتظاره ،وكانت كل المؤشرات لصالح زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي استطاع كسر حواجز الجليد والممانعة حول ترشحه، ولم يبق سوى زعيمة الحزب الجيد أكشنار التي لاتزال تراهن على أسم رئيس بلدية اسطنبول اكرم امام أوغلو حتى اللحظات الأخيرة غير آبهة بكل أحاسيس وسعور ومحاولات شريكها الاساسي كليجدارأوغلو.
قبل الاجتماع الاخير كتبت مقالاُ تساءلت بخاتمته بهل يتمخض الجبل فأراً من ذلك الاجتماع .ويبدوا أن الفأر كان حلماً جيداً لوتمخض عنه ذلك اللقاء المتدد لتسع ساعات متواصلة والناس كلها تترقب اي تسريبات عن اسم المرشح أو خطة الادارة القادمة.
خرج الاجتماع ببيان مقتضب أعاد للأذهان تركيا القديمة أيام هيمة العسكر والسلطة القضائية المتناغمة معهم .
فبدل أن يخرج المجتمعون معلنون أسم مرشحهم ـ، ويطلبون من الناخبين الالتفاف حوله ضد الحزب الحاكم ، على العكس والنقيض من ذلك ، خرجوا ليعترضوا على مشروعية ترشح الرئيس أردوغان لمرة ثانية ، وأن القانون لا يسمح له بالترشح بالانتخابات القادمة، وأنهم لن يقبلوا هذا التحدي للدستور ولن يسمحوا بالفراغ السياسي الحاصل .
بيان شديد اللهجة، يحمل معاني قانونية كبيرة وقوية، وتشكيك بشرعية الانتخابات القادمة من الآن…
هل هو عجزهم بالاتفاق وتسمية مرشحهم !؟
أم أن خلافاتهم التي بينهم هي أكبر من ذالك!؟
أم حرصهم على تقاسم المناسب 1؟
أم اعترافهم منذ الآن بفشلهم أمام اردوغان فأرادوا تحويل النقاش من تأخرهم بتسمية مرشحهم الى نقاش شرعية أردوغان والتشكيك بقانونية الانتخابات منذ الآن!؟
رغم أن كل المجتمعين سياسيين مخضرمين ، و يعرفون حقيقة تركيا وطبيعتها العاطفية ، ويعلمون كيف تكون ردة فعل وتعاطف الناخب التركي على مر العقود الماضية مع كل من يتعرض للظلم والغدر ،ويدركون كيف تقلب المظلومية كفة الانتخابات التي جاءت بأردوغان بعد سجنة واقالته من رئاسة بلدية اسطنبول بسبب ابيات شعر ألقاها ، رغم كل هذه المعرفة لديهم كيف يعطون أردوغان هذه الورقة على طبق من ذهب!؟
أم أن وراء الأكمة ما وراءها !؟وأن مشروعهم يستحق المجازفة بهذه المغامرة..!!؟
البعض يقول أن الاختلافات القانونية والاجتهادات التفسيرية والمناقشات الاعلامية قسمت الشارع التركي لطرفين،الاول يقول أن لاغبار على قانونية ترشح أردوغان للمرة الثانية لأن قانون النظام الرئاسي هو الفصل ،والآخر يقول أن الرئيس قد استنفد حقه بالرئاسة لدوريتين ،وهذا البيان جاء استجابة لنبض الشارع ،وما كان للطاولة السداسية أن تغفل ذلك .
لكن البعض المتوجس من هذا التحول بموقف المعارضة ، الذين صرح أغلبهم سابقاً بأنهم لن يُثيروا هذه النقطة الخلافية، وأنهم سيفوزون على أردوغان عبر صناديق الاقتراع ،وليس عبر طرق اخرى .
كيف بهم ولماذا اليوم يتراجعون عن هذا الموقف ويعودون لطرح موضوع شرعية وقانونية ترشح أردوغان ..؟
هل هي خطوة لسلسلة من العصيان المدني السياسي على النظام الرئاسي برمته من خلال الطعن بقانونية الترشح والطعن بلجنة الانتخابات التي صرح كليجدارأوغلو بأنهم لا يثق بها…!؟
هذه الانعطافة تعيد للذاكرة السياسية التركية خواطر سلبية ، ومواقف مزعجة لايريد المواطن التركي تذكرها ،حيث كان لتصريح مدعي الجمهورية العام صبيح قنادأوغلو اجتهاداً مغايراً ، بعد قبول البرلمان التركي قانون رفع الحظر عن ارتداء الحجاب ب 411 صوتا من أصل 511 ورغم هذا النسبة العالية التي تزيد عن ثلثي الاعضاء، يومها قال ان هذا التصويت ليس دستوريا وغير قانونياً..
خرجت جريدة الحريات باليوم الثاني بعنوان “411 يد ارتفعت (صوتت) للفوضى وعدم الاستقرار “
نقل حزب الشعب الجمهوري هذا الامر للمحكمة الدستورية لتلقي القرار بدورها ضاربة بعرض الحائط كل هذا الاجماع البرلماني عليه …
كليجدارأوغلو نفسه كان هو أول من وقع على تلك العريضة ضد الحجاب وهو الذي خرج مؤخرا وكأنه هو الذي سيحل قضية الحجاب من خلال قانونا برلمانياً ،بعد أن تم حلها من قبل العدالة والتنمية بشكل سلس وبدون ضجيج ، لكن تقدم العدالة والتنمية بمشروع دستوري لهذا الأمر جعل حزب الشعب الجمهوري يحجم من جديد ويتمترس بموقفه القديم.
ما يعنينا هنا ليس موقف حزب الشعب الجمهوري ، بل صاحب المقولة بعدم قانوينة ترشح اردوغان للأنتخابات هذه الدورة هو نفسه صبيح قنادأوغلو الذي حرض المعارضة والقضاء والمحكمة الدستورية بالعام 2008 ضد مشروع حرية الحجاب.
هل يفلح صبيح قنادأوغلو هذه المرة أيضاً كما فلعلها قبل ذلك !؟
أم أن تركيا اليوم هي ليست تركيا 2008 وأن الديمقراطية واستقلالية القضاء لن تسمحان بمثل هذه التجوازات!!؟؟
بالطبع تركيا اليوم هي غير تركيا الأمس …
لكن مجرد تمسك المعارضة بمثل هذا الاجتهادات وتوسلها بمثل هذه الاطروحات ، بدل طرح مشاريعها الانتخابية وخططها ووعودها للفوز بالانتخابات يجعل كل من عاش تلك الفترة ينتابه الحزن ، ويشعر بشيء من القلق ، ويتوجس الخوف تداعيات هذا الطرح ومن شراسة الدعاية الانتخابية هذه المرة…
لكن أردوعان لم يفوت الفرصة ولم يضيع الباص ونقل الكرة له ليبدأ بتسجيل الأهداف ، وهو لاعب كرة القدم الماهر ويجيد التسديد، فرد مباشرة على هذا البيان وبدأ بكسب تعاطف الجماهير مباشرة
وربما هذا ما سيجعل المعارضة تحاول التخلص من اثار هذا البيان المقلق وهذا التخبط وتعود لرشدها وعقلانيتها من جديد
حققت ولاية أنطاليا، عاصمة السياحة التركية المطلة على البحر المتوسط، نجاحًا ملحوظًا في استقطاب السياح،…
أعلنت وزارة الداخلية التركية عن إقالة رئيس بلدية أسنيورت بإسطنبول، أحمد أوزار، المنتمي لحزب…
أعلن الجيش الأميركي عن وفاة جندي كان في حالة حرجة بعد إصابته خلال مهمة غير…
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الثلاثاء، على ضرورة مواصلة الجهود في العالم التركي…
انطلقت في إسطنبول أمس فعاليات "ملتقى الأعمال السعودي- التركي"، الذي ينظمه اتحاد الغرف السعودية بالتعاون…
في عملية لمكافحة الدعارة نظمتها الشرطة في كوتاهيا، استهدفت 12 موقعًا، من بينها 3 صالات…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.