وجه اليابانيون أواخر مايو وأوائل يونيو عام 1942 ضربة مفاجئة لأستراليا استخدموا فيها غواصات حاملة لغواصات قزمية. ذلك الأاسطول وصل إلى سواحل “سيدني” بعد أن قطع نحو 9 آلاف كيلومتر.
فيما تشتهر الغارات الجوية المدمرة التي نفذها اليابانيون على قطع الأسطول الأمريكي الراسية في ميناء بيرل هاربر بجزر هاوي في 7 ديسمبر 1947، لا يجري الحدث عن الغارة الجريئة التي نفذها اليابانيون على مدينة سيدني منتصف العام التالي إلا فيما ندر.
بداية الضربة اليابانية:
لم يستعمل اليابانيون في هذه الضربة حاملات الطائرات، بل جعلوا من غواصاتهم حاملات لسلاح مبتكر يتمثل في غواصات قزمية يتكون طاقمها من فردين، وهي مسلحة بأنبوبي طوربيد.
اجتمعت خمس غواصات يابانية كبيرة من الفئة الأولى في 29 مايو 1942 على بعد نحو 35 ميلا بحريا شمال شرق مدخل ميناء سيدني.
في الصباح اليوم التالي الباكر 30 يونيو، انطلقت طائرة مائية من طراز ” إي 14 واي غلين” من الغواصة الأم “أي -21 “، وكان وطاقمها يتكون من الطيار “سوسومو إيتو” والبحار “إيواساكي”، في مهمة استطلاعية جريئة فوق ميناء سيدني، وحلقت مرتين حول الطراد “يو إس إس شيكاغو” قبل أن تنحرف نحو الشرق.
اعتقد الكثير من العسكريين خطأ أن الطائرة العائمة، أمريكية تقوم برحلة تدريب روتينية، فيما كانت تلك الطلعة بالنسبة لليابانيين، من بين عدة فرص استطلاع قاموا بها فوق سيدني لجمع معلومات استخباراتية قيمة قبيل تنفيذ هجوم مفاجئ استهدف عدة سفن حربية للحلفاء راسية في الميناء. الأهداف الرئيسة شملت الطرادين “اتش إم إس كانبيرا” و “يو إس إس شيكاغو”.
هجمات الغواصات القزمية:
في الليلة الثالثة 31 مايو انتظمت “الغواصات الأم اليابانية”، “أي -27″، “أي –”22 و”أي -24 ” في تشكيل على شكل قوس خارج مدخل ميناء مدينة سيدني، قبل أن تنطلق من كل منها غواصة قزمية يقودها رجلان، لتبدأ هذه الغارة المجهولة التي سماها البعض “معركة سيدني”.
الغواصة اليابانية القزمية “إم- 27” كانت تقدمت الأولى للدخول إلى ميناء سيدني في الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم، إلا انها لم تستطع التقدم وعلقت مراوحها بشبكة مضادة للغواصات.
اضطراب المياه الناجم عن محاولات الغواصة القزمية التخلص من المصيدة لفت انتباه خفر السواحل الاستراليين الذين أبلغوا عن هذا الأمر المريب، وجرى إرسال زورقي دورية للتحقق من الأمر، إلا أن قائدا الغواصة اليابانية القزمية حين أدركا عجزهما عن التخلص من الشبكة، اختارا الموت وفجرا غواصتهما.
الغواصة القزمة الثانية “إم -24 ” بقائديها، دخلت الميناء بنجاح في الساعة 9:48 مساء، وحاولت إغراقه وأطلقت نحوه أنبوبي طوربيد، والاثنان أخطأ الهدف، ومر الثاني تحت الغواصة الهولندية “كي – 9″، وأصاب العبارة كوتابول ما أدى على غرقها ومقتل 21 من بحارتها وهم 19 استراليا وبريطانيين اثنين، وإصابة 10 آخرين، فيما فقد أثر هذه الغواصة على أن عثر على حطامها في عام 2006.
اما الغواصة القزمية الثالثة والأخيرة “إم – 22″، فقد دخلت الميناء في الساعات الأولى من يوم 1 يونيو، واكتشفت لاحقا في خليج تايلور وجرى استهدافها من قبل زوارق الدورية ضباب البحر، وفي اليوم التالي عثر عليها الغواصون وقد تعطلت، فيما كانت محركاتها لا تزال تعمل ومراوحها تدور ببطء.
رفعت هذه الغواصة القزمية اليابانية في وقت لاحق، وتبين أن قائديها قتلا بداخلها بعد إصابتهما بعدة طلقات نارية.
انتشلت الغواصتان القزميتان “إم – 27″ و”إم-22” وتم فحصهما بشكل دقيق للتعرف على أسرار هذا السلاح المبتكر، وفيما بعد رُكبت الغواصة “إم -27” على مقصورة وتم جرها في موكب استعراضي جاب أرجاء أستراليا لرفع الروح المعنوية.
أما المعركة التي وصل فيها اليابانيون حينها إلى عقر دار الأستراليين فلم تنته. في وقت لاحق، في الساعات الأولى من يوم 8 يونيو، أطلقت الغواصة اليابانية الكبيرة “أي -24” عشر قذائف شديدة الانفجار على الضواحي الشرقية لمدينة سيدني فيما استهدفت الغواصة الكبيرة الثانية “أي – 21” منطقة نيوكاسل بعدة قذائف يقدر مجموعها ب 21 قذيفة سقط بعضها من دون أن ينفجر.
تسببت القذائف التي أطلقت على سيدني وتيوكاسل في أضرار في الممتلكات والحقت إصابات طفيفة، ولم تسجل أي خسائر بشرية في صفوف المدنيين.
يعد الهجوم الياباني على سيدني بأسطول من الغواصات الأم والغواصات القزمية حدثا مهما واستثنائيا في الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من أنه لم يلحق أضرارا جسيمة، إلا أنه في ذلك الوقت زاد من المخاوف من تعرض أستراليا لغزو ياباني.
المصدر: RT