بعد قرابة 5 شهور من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ما زالت التبعات الاقتصادية في إسرائيل ودول الإقليم، والعالم، تتوالى، بصدارة قطاعي السياحة والتجارة.
يقول الخبير الاقتصادي في مركز “أورسام” لدراسات الشرق الأوسط أوغوزهان دمير دوغن، إن الضغوط على الاقتصادات العالمية والإقليمية سترتفع، إذا استمرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأوضح الخبير الاقتصادي في تقييمه حول تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد، أنه “بصرف النظر عن الأزمة الإنسانية للحرب، تؤثر الحرب على أسعار النفط وطرق التجارة العالمية والتضخم العالمي”.
ويضيف دمير دوغن: “الهجمات الإسرائيلية على فلسطين تجر الاقتصاد الإقليمي إلى طريق مسدود”، مشيرا إلى وجود خطر ارتفاع أسعار النفط، فضلا عن ارتفاع أسعار الشحن الملاحظ منذ بداية الحرب في غزة.
وصعدت أسعار النفط من متوسط 75 دولارا قبيل الحرب على قطاع غزة، ووصلت إلى 86 دولارا في الأسابيع الأولى، بينما تستقر حاليا عند 82.4 دولارا لبرميل برنت.
بينما ارتفعت أسعار كلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسب وصلت إلى 170 بالمئة بسبب هجمات الحوثي على السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، وهو ما دفع شركات شحن لتعليق كل رحلاتها عبر المضيق.
ولفت دمير دوغن إلى أن الحوثيين في اليمن هاجموا السفن التي تمر عبر البحر الأحمر والمرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، وأن التوتر تسبب في تغيير مسار تلك التي تصل أوروبا من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح جنوبي دولة جنوب إفريقيا.
“الطرق البديلة تزيد من تكلفة وقود السفن ذهابا وإيابا بنحو مليون دولار لكل سفينة، ما يعني أن تكاليف الشحن البحري ارتفعت بنسبة 40 بالمئة كمتوسط”، وتجاوزت كلفة بعض الرحلات 170 بالمئة وفق صندوق النقد الدولي.
وزاد: “بالمحصلة، مع تراجع سعة الحاويات وارتفاع تكاليف الوقود والتشغيل بسبب فترة الإبحار الطويلة، تسبب ذلك في زيادة تكاليف النقل بشكل كبير”.
وذكر أن تراجع الشحنات البحرية عبر قناة السويس أثر على الاقتصاد المصري، حيث تعبر القناة مصدرا مهما للعملة الأجنبية في البلاد.
والإثنين، كشف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن تراجع إيرادات قناة السويس، الممر الملاحي العالمي “بنسبة بين 40 و50 بالمئة”.
وقال: “معدل دخل الممر الملاحي (قناة السويس) الذي كان يدخل لمصر تقريبا حوالي 10 مليارات دولار سنويا، تراجع بنسبة من 40 إلى 50 بالمئة”.
وأما عن التأثير السلبي للحرب في غزة على الصين التي تنفذ 80 بالمئة من تجارتها الخارجية عن طريق البحر، ذكر دمير دوغن أن الصين تأثرت سلبا بالتطورات، وعلى إثرها وضعت الطرق البرية البديلة على جدول أعمالها لتلبية الطلب الخارجي.
** أمن الطاقة الأوروبية
وقال دمير دوغن، إن المستثمرين الدوليين الذين يشعرون بالقلق إزاء عدم الاستقرار المستمر، يعيدون استراتيجيتهم الاستثمارية في دول المنطقة.
وأوضح أن إلغاء شحنات الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى أكبر محطة للغاز الطبيعي المسال في إيطاليا، يشكل خطرا جديدا على أوروبا التي اهتز أمن الطاقة فيها بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وألغت قطر حوالي 70 بالمئة من شحنات الغاز الطبيعي المسال القادمة من قطر والتي كانت متجهة إلى المحطة الرئيسية في إيطاليا على البحر الأدرياتيكي في يناير، بسبب هجمات الحوثي، وفق أسوشيتدبرس.
“الضغوط على الاقتصادات العالمية والإقليمية، ستزداد، إذا استمرت الحرب، وبالتالي الوصول إلى طريق مسدود”، وفق الخبير الاقتصادي.
ومؤخرا، أعلنت شركة “ميرسك” الدنماركية للشحن البحري، تراجع أرباحها بنسبة 87 بالمئة على أساس سنوي، خلال الربع الأخير من العام 2023، بسبب أزمة البحر الأحمر.
ومنذ ديسمبر/كانون أول الماضي علقت “ميرسك” وشركات شحن تجارية كبرى عبورها للبحر الأحمر، واستبدلته بطريق رأس الرجاء الصالح جنوب دولة جنوب إفريقيا، ما أضاف قرابة أسبوعين إضافيين ونفقات أعلى للوصول إلى وجهاتها النهائية.
و”تضامنا مع قطاع غزة” الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لحرب إسرائيلية بدعم أمريكي، يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل، توسعت لاحقا لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية.
وبوتيرة متقطعة منذ 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، يشن تحالف تقوده الولايات المتحدة غارات يقول إنها تستهدف “مواقع للحوثيين” في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجماتها في البحر الأحمر، ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.