نقلت قناة القاهرة الإخبارية الفضائية المصرية، السبت 11 مايو/أيار 2024، عن مصدر رفيع المستوى قوله إن مصر رفضت التنسيق مع إسرائيل في دخول المساعدات من معبر رفح بسبب “التصعيد الإسرائيلي غير المقبول، وحملتها مسؤولية تدهور الأوضاع بقطاع غزة أمام كافة الأطراف”.
في السياق ذاته، نقل موقع واللا العبري عن مسؤول إسرائيلي أن مصر تراجعت عن كل التفاهمات حول عملية معبر رفح بعد رفع العلم الإسرائيلي فيه.
كان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أكّد في اتصال مع نظيره الفرنسي ستيفان سيغورني أنّ القاهرة حريصة على مواصلة دورها في الوساطة بين إسرائيل و”حماس”، لكن الأمر يتطلب “تحمل جميع الأطراف لمسؤولياتها”.
الخارجية المصرية، قالت في بيان منفصل، إن شكري حذّر في اتصاله مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون من “عواقب التصعيد الخطير لسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، ووقف المنفذ الرئيسي والآمن بالقطاع لخروج الجرحى ودخول المساعدات الإنسانية العاجلة”.
اقتحام شرقي رفح
وبدأ جيش الاحتلال عملية في شرق مدينة رفح، يوم الإثنين الماضي، وسط تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات شن عملية عسكرية في المدينة التي يوجد بها قرابة 1.5 مليون فلسطيني نزحوا من أنحاء القطاع جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وعقب اقتحام رفح، وخلال ساعات قليلة، تمكنت الدبابات الإسرائيلية من الوصول إلى معبر رفح البري، صباح الثلاثاء 7 مايو/أيار 2024، ليعلن الجيش الإسرائيلي بعدها سيطرته الكاملة على هذا الموقع الاستراتيجي من قطاع غزة.
ونشر جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء 7 مايو/أيار 2024، مقاطع من اقتحامه لمعبر رفح الفلسطيني، مستعرضاً توغل آلياته داخل المعبر وتواجدها قرب البوابة المصرية.
اكتفت مصر، آنذاك، بإدانة سيطرة الاحتلال على معبر رفح الفلسطيني، وذلك في أول تعليق رسمي على التوغل الإسرائيلي برفح، الأمر الذي أثار انتقاد النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
الاحتلال يبحث عن صيغة مدنية لإدارة المعبر
والسبت، كشفت مصادر فلسطينية في غزة لـ”عربي بوست” عن تواصل “جهات إسرائيلية”، مع موظفين في هيئة الشؤون والمعابر في القطاع، الذين يتلقون رواتبهم من السلطة الفلسطينية، لتعرض عليهم تسلم إدارة معبر رفح، ولكن بشكل مشروط.
وفقاً للمصادر، فإن الشرط المرتبط بذلك، “ألا تكون مرجعية الموظفين هي السلطة الفلسطينية، في إدارتهم لمعبر رفح، وإنما لطرف ثالث”، لم تحدده.
الموظفون في هيئة الشؤون والمعابر في غزة، هم العاملون في المعابر مع الجانب الإسرائيلي قبل الحرب؛ مثل معبر إيريز المخصص للمشاة والمركبات، ومعبر كرم أبو سالم المخصص لنقل البضائع، وكانوا يتلقون رواتبهم من السلطة الفلسطينية.
إذ تنقسم إدارة المعابر في غزة قبل الحرب، إلى معابر مع الجانب الإسرائيلي؛ مثل إيريز وكرم أبو سالم، تديرها السلطة الفلسطينية والاحتلال، ومعبر وحيد مع مصر، وهو معبر رفح، تحت إدارة حكومة غزة -التي تقودها حماس منذ “الحسم العسكري” في غزة عام 2007- والجانب المصري.
خرق بنود اتفاقية “كامب ديفيد” مع مصر
في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية أن جيش الاحتلال الاسرائيلي أبلغ مصر نيته احتلال منطقة “محور فيلادلفيا” الحدودية بين قطاع غزة ومصر، والواقع ضمنها معبر رفح، وبدء عملية عسكرية هناك.
ونقلت حينها “شبكة قدس” الفلسطينية عن مصادر قولها إن الاحتلال الإسرائيلي أبلغ مصر نيته احتلال منطقة الحدود في محور “فيلادلفيا” على الحدود بين رفح وقطاع غزة، وطلب من الجنود المصريين إخلاء الحدود. وأضافت الشبكة أن الاحتلال أخبر مصر بأنه “غير مسؤول عن سلامة أي جندي مصري خلال محاولته احتلال الحدود معها، وأن العملية العسكرية في المنطقة مستمرة سواء قبلت مصر أو رفضت”.
وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2023، كشف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال حديثه عن “خطته لمستقبل غزة” بعد الحرب، عن نيته “السيطرة على محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة والحدود المصرية”، وكرر نتنياهو ذلك في تصريحات أخرى بعد 5 أيام، رغم تحذيرات القاهرة السابقة من تنفيذ أي عمليات أو أنشطة عسكرية في هذه المنطقة العازلة.
ويعد محور فيلادلفيا (أو صلاح الدين) شريطاً حدودياً ضيقاً داخل أراضي قطاع غزة، يمتد المحور بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر من معبر كرم أبو سالم مروراً بمعبر رفح وحتى البحر الأبيض المتوسط.
ووفقاً لأحكام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، تم الاتفاق بين مصر و”إسرائيل” على اعتبار هذا المحور منطقة عازلة، كان يخضع لسيطرة وحراسة “إسرائيل” قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة في عام 2005.