برج غلاطة: رمز إسطنبول التاريخي الذي يروي أسرار الطيران الأولى
له تاريخ تتناقله الأجيال عبر السنين، “برج غلاطة” ذاك المعلم الشامخ في إسطنبول كأنه يروي للناظرين إليه أو زائريه قصة مدينة هاربة من التاريخ.
يقع البرج في منطقة “بي أوغلو” في الطرف الأوروبي من إسطنبول، ويطلّ على أجمل وأبرز المعالم التاريخية في المدينة.
بحسب المراجع التاريخية التي تعود لعهد الدولة العثمانية، فقد نجح العالم التركي “هزارفن أحمد شلبي” في 1638، بالطيران من فوق سطح البرج، وصولاً إلى منطقة “أُوسكودار” في الطرف الآسيوي للمدينة.
ووفقاً للمصادر، فقد قطع العالم التركي حينها نحو 3358 متراً، معتمداً على أجنحةٍ صناعية ركّبها على جسده، فشكّلت هذه التجربة الناجحة بدايةً للتجارب الإنسانية في مجال الطيران.
** برج غلاطة
يتيح برج غلاطة لزائريه الاستمتاع برؤية بانورامية للمدينة ينصح بعدم تفويتها.
هذه الميزة أبقت البرج بوصلة للسائحين الراغبين في مشاهدة سحر إسطنبول التاريخي، ومعلماً سياحياً مميّزاً، فهو من أقدم وأجمل أبراج المدينة، حيث يعود تشييده إلى العصور الوسطى.
أينما وقف زائرو المدينة سيلاحظون إطلالة البرج من زاوية ما بمنظره الفريد.
فمعالم البرج تتضح من مُعظم الأماكن في المدينة القديمة خاصةً، كمنطقة فاتح، وأيوب سلطان، وهاليتش، بل حتى من أوسكودار وقاضي كوي في الشق الآسيوي من المدينة.
ويبلغ ارتفاع البرج نحو 66.90 متراً، أما قطره الخارجي فيبلغ 16.45 متراً، فيما يبلغ قطره الداخلي 8.95 أمتار، أما سماكة جدرانه فتقدر بـ3.75 أمتار.
بعض المصادر التاريخية تقول إنّ البرج بُني عام 507 ميلادي، وتم ترميمه في زمن الدولة العثمانية عام 1509، على يد المعماريّ المعروف آنذاك “خير الدين”، أحد تلاميذ المعمار الشهير سنان، بعد زلزال ضرب المدينة في تلك الحقبة.
وفي عهد الدولة العثمانية تعرّض البرج للحريق مرتين، أولهما عام 1794، وثانيهما عام 1831، إلا أنه تم ترميمه.
ويتكوّن البرج من 9 طوابق، بحيث يتم صعود الطوابق السبعة الأولى من خلال المصعد الكهربائي الذي استُحدث فيه، أمّا الطابقان الأخيران، فيصعد الزوّار إليهما على الأقدام.
في الطابق الثامن يوجد مجسّم كبير تظهر فيه بوضوح تفاصيل مدينة إسطنبول، المضائق والمباني التاريخية والمساجد والجسور وغير ذلك.
وفي الطابق التاسع توجد شرفة دائرية تطلّ على العديد من مناطق إسطنبول، كمضيق البوسفور وخليج القرن الذهبي وبحر مرمرة، حيث يحلو للزوار أخذ الصور التذكارية الفريدة، مع الاستمتاع برؤية بانورامية للمدينة، ينصح بعدم تفويتها.
وداخل الطابق التاسع، يمكن للزائرين رؤية ملاحظة رسومات جميلة تعلو الجدران، ليست سوى نوعٍ من المحاكاة الدقيقة لما هو عليه حال مشهد المحيط الخارجيّ للبرج.
لدى دخول السياح إلى الطابق الأول، يستقبلهم موظفون لإرشادهم خلال جولتهم بالبرج، وتنظيمهم لاستخدام المصعد الذي يتسع لنحو 6 أشخاص.
ولإغناء التجربة قدر الإمكان، تمّ تزويد المكان بنظام صوتيّ لتعريف الزائرين بالمعلومات عن كل ما بداخل البُرج.
لعدم تفويت أي جزء من جمالية البرج، يعمد الزائرون إلى النزول من الجسر عبر السلالم، وهناك تقابلهم في كل طابق جزئية خاصة لا تقلّ رونقاً عن سابقاتها.
فالسلالم بحد ذاتها تمتاز بهندسة حلزونية تحت مجال سقف ضيّق وبحجارة حمراء وصفراء تضفي سحراً خاصاً على المشهد.
في الطابق الخامس سيرى الزائر عن قرب جزءاً من السلاسل المعدنية الضخمة التي كانت تثبت في البحر لقطع الطرق على سفن الغزاة أو السفن غير المصرّح لها بالدخول.
وتتوزع عند زوايا البرج والكوات آثار عثمانية لا تقدّر بثمن، يسعد المهتمون بالآثار بالتعرف على قصصها من خلال الشروحات باللغتين التركية والإنكليزية التي ترافقها.
في الطابق الرابع تنتظر زائري البرج تجربة استثنائية، تتمثل بعرض ضوئي تفاعلي (Animation) لتجربة الطيران التي قام بها العالم “هزارفن”، حيث تنطلق الرحلة عندما يقف شخص في المكان المحدد في الصالة ويرفع يديه كأنه يريد أن يحلّق.
ولأن التذكارات شيء أساسيّ يسعى لاقتنائه الزوار، يوجد في الطابق الأول من البرج معرضٌ صغير لبيع الهدايا التراثية والتذكارات على اختلاف أنواعها.
الجميل في زيارة البرج، أن المشرفين عليه لا يحددون أي مدة لجولة السائح، ما يعني أن بإمكانه البقاء قدر ما يشاء.
وبحسب موقع وزارة السياحة والثقافة التركية، تبلغ رسوم الدخول إلى البرج حالياً 130 ليرة تركية (نحو 7.5 دولارات).
ولأن البرج يشكل مقصداً للسياح ويقع ضمن منطقةٍ حيوية، تنتشر في محيطه العديد من المقاهي والمطاعم، حيث يتناول زواره بعد إنهاء جولتهم فيه كوباً من الشاي أو القهوة التركية وألذ الوجبات، مع التقاط صور تذكارية تبرز البرج كاملاً بالخلفية في مشهدٍ مهيب.