ماذا حدث في الأسواق بعد اعتقال إمام أوغلو: كم باع البنك المركزي التركي من العملات الأجنبية، وما هو وضع البورصة؟
لا تزال تداعيات العمليات التي استهدفت بلدية إسطنبول الكبرى، وشملت اعتقال 90 شخصًا بينهم رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو، تلقي بظلالها على الأسواق المالية. فبعد أن شهد سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية انخفاضًا حادًا تجاوز 10% يوم الثلاثاء 19 مارس، تدخل البنك المركزي التركي للحد من الخسائر لتصل إلى 3.2% فقط. وتشير التقارير إلى أن البنك المركزي باع ما يقرب من 25 مليار دولار من احتياطياته خلال الفترة من 19 إلى 21 مارس.
أما سوق الأسهم، فقد شهد تراجعات أكثر حدة، إذ أنهى مؤشر BIST 100 جلسة الأربعاء على انخفاض بنسبة 8.79%، ثم شهد هدوءًا طفيفًا يوم الخميس، لكنه خسر 8.71% أخرى يوم الجمعة، ليختتم الأسبوع عند أدنى مستوياته.
اضطراب في الأسواق عقب اعتقال إمام أوغلو
منذ اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو في 19 مارس، شهدت الأسواق المالية اضطرابات شديدة. وقد تم فتح تحقيق مع 106 أشخاص، بمن فيهم إمام أوغلو، بتهم تتعلق بـ الفساد والإرهاب، وهو ما تسبب في تقلبات عنيفة في سوق العملات والبورصة.
ففي أعقاب أنباء الاعتقالات، ارتفع سعر صرف الدولار من 36.57 ليرة إلى 41.53 ليرة، مسجلًا مستوى قياسيًا غير مسبوق. كما تجاوز سعر صرف اليورو 45 ليرة في الساعات نفسها.
وزير المالية يطمئن الأسواق
وسط هذه الاضطرابات، نشر وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك رسالة عبر منصة X (تويتر) في الساعة 11:40 من يوم 19 مارس، قال فيها:
“يتم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حسن سير الأسواق. وسنواصل تنفيذ برنامجنا الاقتصادي بحزم.”
وبعد هذه التصريحات، تراجع الدولار يوم الأربعاء إلى أقل من 38 ليرة، وظل يومي الخميس والجمعة قرب مستوى 39 ليرة، لكنه أنهى الأسبوع عند 37.73 ليرة، ما يعني أن التأثير الفعلي للأحداث أدى إلى ارتفاع الدولار بنسبة 3.2% فقط مقارنة بالسعر قبل الأزمة.
تدخلات البنك المركزي
لوقف انهيار الليرة، قام البنك المركزي التركي (TCMB) بسلسلة من التدخلات القوية، كان أبرزها بيع كميات كبيرة من احتياطيات النقد الأجنبي.
وبحسب صحيفة Financial Times البريطانية، فإن البنك المركزي التركي باع في يوم 19 مارس وحده نحو 12 مليار دولار.
كما استمرت هذه المبيعات يومي الخميس والجمعة. وقدّر كبير الاقتصاديين السابق في البنك المركزي، البروفيسور هاكان كارا، أن إجمالي مبيعات البنك خلال الأيام الثلاثة الماضية بلغ 23 مليار دولار.
أما الخبيرة الاقتصادية غوزم يلماز إرتيم، فقد ذكرت أن حجم التراجع في احتياطيات النقد الأجنبي وصل إلى 25 مليار دولار، مشيرة إلى أن هذه الاحتياطيات كانت قد تجمعت سابقًا بفوائد مرتفعة بلغت 50%.
إجراءات تشديد نقدي
إلى جانب بيع العملات الأجنبية، اتخذ البنك المركزي خطوات إضافية للسيطرة على الأسواق:
عقد اجتماع طارئ يوم الخميس 21 مارس، قرر خلاله رفع سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة بمقدار 200 نقطة أساس ليصل إلى 46%.
أعلن عن البدء في بيع عقود صرف أجنبية آجلة بالليرة التركية، بقيمة 1.1 مليار دولار خلال ثلاثة أيام.
أعلن يوم الجمعة عن إصدار سندات سيولة قصيرة الأجل لمدة تصل إلى 91 يومًا، بهدف سحب السيولة الزائدة من السوق.
انهيار البورصة
كان لسوق الأسهم النصيب الأكبر من الخسائر، حيث شهد مؤشر BIST 100 انخفاضًا حادًا عقب اعتقال إمام أوغلو:
يوم الثلاثاء 19 مارس، أغلق المؤشر عند 9,853.01 نقطة، متراجعًا بنسبة 8.79%.
يوم الخميس 20 مارس، انخفض المؤشر بنسبة 0.47% فقط، ليستقر عند 9,814.41 نقطة.
يوم الجمعة 21 مارس، استمر التراجع الكبير، حيث انخفض المؤشر بنسبة 7.81% ليصل إلى 9,044.64 نقطة، بعد أن اختبر خلال الجلسة مستوى 9,000 نقطة لأول مرة منذ فترة طويلة.
وفي ظل هذه التقلبات، تم تفعيل آلية “القاطع التلقائي” في البورصة مرتين يومي 19 و21 مارس.
أما المؤشر المصرفي، فقد شهد انخفاضًا كارثيًا بنسبة 26% خلال الأسبوع، في واحدة من أسوأ موجات التراجع في السنوات الأخيرة.
قفزة في المخاطر المالية لتركيا
نتيجة لهذه التطورات، ارتفعت المخاطر المالية لتركيا بشكل كبير. فقد ارتفع مؤشر مقايضة العجز عن سداد الائتمان (CDS) لخمس سنوات من 255 نقطة يوم 18 مارس إلى 328 نقطة يوم الجمعة 21 مارس، مسجلًا أعلى مستوى له منذ الانتخابات المحلية في مارس 2024.