تم اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، على خلفية تحقيقات تتعلق بالفساد والإرهاب. وبعد تقديمه إلى المحكمة، قررت الأخيرة إيداعه السجن بسبب التهم المتعلقة بالفساد، بينما لم يُرَ ضرورة لاعتقاله في القضية المتعلقة بالإرهاب. وبموجب هذا القرار، تم عزله من منصبه.
تفاصيل المحاكمة والاتهامات الموجهة إليه
مثل أكرم إمام أوغلو أمام القاضي المناوب في المحكمة الجنائية بسبب تحقيقات الفساد الجارية في بلدية إسطنبول الكبرى، حيث قررت المحكمة اعتقاله. أما فيما يخص التحقيق المتعلق بالإرهاب، فقد تقرر عدم احتجازه.
وفي حيثيات قرار المحكمة، تم التأكيد على وجود “شكوك قوية” حول تورط إمام أوغلو في “مساعدة منظمة إرهابية مسلحة”، وذلك بناءً على تقارير وحدة التحقيق في الجرائم المالية (MASAK)، وشهادات الشهود، وتقارير سجلات الاتصالات (HTS)، ومحاضر الشرطة، وسائر الوثائق المدرجة في ملف القضية.
ورغم ذلك، أشار قرار المحكمة إلى أن إمام أوغلو قد أُرسل إلى السجن بسبب “جرائم مالية جسيمة” مثل “تشكيل وإدارة منظمة إجرامية”، و”تلقي رشاوى”، و”الاختلاس”، و”تسجيل بيانات شخصية بشكل غير قانوني”، و”التلاعب بالمناقصات”، وبالتالي لم يتم حبسه بتهمة الإرهاب، بل تقرر محاكمته فيها وهو خارج السجن. وتم نقل إمام أوغلو، إلى جانب الأفراد الآخرين المتورطين في قضايا الفساد، إلى سجن سيليفري وسط إجراءات أمنية مشددة.
امتيازات خاصة للمقربين وتلاعب بالمناقصات
كشفت وثائق التحقيق أن إمام أوغلو تورط في أنشطة فساد واسعة النطاق ضمن البلديات التي أدارها، حيث تم العثور على أدلة تشير إلى حدوث مخالفات في العديد من الشركات التابعة للبلدية تحت إدارته. وأظهرت التحقيقات أن الشبكة الإجرامية التي يقودها إمام أوغلو تعود جذورها إلى فترة رئاسته لبلدية بيلك دوزو، واستمرت في ممارسة أنشطتها غير القانونية خلال فترة ترؤسه لبلدية إسطنبول الكبرى، حيث استمرت الانتهاكات والتلاعب بالمناقصات العامة.
وتم التأكيد على أن المقربين من إمام أوغلو حصلوا على امتيازات خاصة في المناقصات، وقاموا بعرقلة النزاهة في العطاءات البلدية، مما أدى إلى ثرائهم الشخصي على حساب المال العام. كما وردت معلومات عن طلب رشاوى وعمولات من رجال الأعمال لقاء تمرير الصفقات، الأمر الذي تسبب في أضرار مالية كبيرة للبلدية. وأفادت التقارير أن بعض رجال الأعمال أُجبروا على دفع أموال مقابل الحصول على عقود خدمات من البلدية.
إمام أوغلو يرفض الاعتراف بالاتهامات
أثناء استجوابه، رفض إمام أوغلو الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بشهادات الشهود والوثائق المالية، قائلاً إنه “لا يعترف بهذه الادعاءات”. وعندما طُرحت عليه أسئلة حول المناقصات البلدية، مثل تلك المتعلقة بشركات “إسبارك”، و”كالتشر AŞ”، و”كيبتاش”، والتي يُزعم أنها تسببت في خسائر بمئات الملايين من الليرات، أجاب قائلاً: “أنا لا أعتبر هذا السؤال موجهاً لي، وأرفض جميع التهم الموجهة إليّ بشدة”. كما رفض الإدلاء بأي تصريح حول تقارير وحدة التحقيق المالي بشأن هذه المناقصات.
رد إمام أوغلو على شهادات الشهود: “هذه الادعاءات قذرة”
أثناء استجوابه، تمت مواجهة إمام أوغلو بشهادات الشهود السريين الذين تحدثوا عن تورطه في قضايا فساد. حيث أشار أحد الشهود إلى أن شخصًا يُدعى “آدم سويتيكن” كان شريكًا تجاريًا لإمام أوغلو منذ فترة رئاسته لبلدية بيلك دوزو، وأنه حصل على مناقصات خاصة بشركة “كيبتاش”، بالإضافة إلى عقود تتعلق بإنشاء دور الحضانة. وعند سؤاله عن هذه الشهادة، أجاب إمام أوغلو: “أنا لا أعتبر هذا السؤال موجهاً لي”.
وفي مواجهة شهادة شاهد آخر ذكر أن آدم سويتيكن كان بمثابة “الصندوق الأسود” لإمام أوغلو، وأنه حصل على عقود من “كيبتاش”، ويتعاون مع شخص يُدعى فاتح كيليش، رد إمام أوغلو قائلاً: “أكرر إجابتي السابقة”. وأمام المحكمة، وصف إمام أوغلو جميع الادعاءات بأنها “عديمة القيمة”، قائلاً: “كل صفحة كتبها هؤلاء لا تساوي شيئًا سوى أنها قمامة”.
لا تعيين وصي على بلدية إسطنبول، والبديل سيتم انتخابه
أعلنت وزارة الداخلية التركية أنه تم عزل أكرم إمام أوغلو، بالإضافة إلى رئيس بلدية بيلك دوزو، محمد مراد تشاليك، ورئيس بلدية شيشلي، رسول أمره شاهين، من مناصبهم كإجراء احترازي.
وأكدت محافظة إسطنبول أنه لن يتم تعيين وصي لإدارة بلدية إسطنبول، بل سيتم انتخاب نائب رئيس البلدية في جلسة لمجلس البلدية يوم الأربعاء. كما تم الإعلان عن تعيين قائمقام شيشلي، جودت أرتوركمان، كرئيس مؤقت لبلدية شيشلي.
وفيما يلي توزيع المقاعد داخل المجالس البلدية المعنية:
بلدية إسطنبول الكبرى: حزب الشعب الجمهوري (CHP) – 187 مقعدًا، حزب العدالة والتنمية (AKP) – 120 مقعدًا، حزب الحركة القومية (MHP) – 7 مقاعد، حزب الوحدة الكبرى (BBP) – مقعدان.
بلدية بيلك دوزو: حزب الشعب الجمهوري – 24 مقعدًا، حزب العدالة والتنمية – 10 مقاعد، حزب الحركة القومية – مقعدان، مستقل – مقعد واحد.
بلدية شيشلي: حزب الشعب الجمهوري – 30 مقعدًا، حزب العدالة والتنمية – 5 مقاعد، حزب الحركة القومية – مقعد واحد، مستقل – مقعد واحد.
فريق إمام أوغلو بالكامل في السجن
بعد الانتهاء من التحقيقات، تم تحويل العديد من المشتبه بهم إلى محكمة إسطنبول، حيث تم الحكم باعتقال 19 شخصًا من المقربين من إمام أوغلو، من بينهم:
علي إلباك، آدم تونجاي، أحمد كوكسال، علي نوح أوغلو، أيوب صباجي، كامل تيمور ديليباش، مراد عباس، ميتي ساري ألتون، ألبير أيدين، سيردار طاشكين، سركان أوزتورك، مصطفى نهاد سوتلاش، سليمان عتيق، أحمد شيشك، يوسف إلباك، سرفيت يلدرم، سردار حيدانلي، وبوغرا غوكجي.
كما قررت المحكمة اعتقال رئيس مجلس إدارة “إعلام بلدية إسطنبول الكبرى” مراد أونغون، ومدير شركة “إمام أوغلو للإنشاءات” تونجاي يلماز.
أما بعض المشتبه بهم الآخرين، مثل أحمد بلاز أوغلو، أليهان أيدين، إرجان ساعتجي، وآخرين، فقد تم فرض حظر سفر عليهم وإلزامهم بتوقيع حضور دوري في المحكمة بدلاً من اعتقالهم.
وفي سياق متصل، شملت التحقيقات أيضًا مسؤولين كبارًا مثل مساعد الأمين العام لبلدية إسطنبول، ماهر بولات، ورئيس بلدية شيشلي، رسول أمره شاهين، ومدير “معهد الإصلاح”، محمد علي جاليشكان، الذين تم الحكم باعتقالهم أيضًا، بينما لا تزال عمليات البحث جارية عن ثلاثة مشتبه بهم فارين.