إرسال قوات 7 دول إلى شرق الفرات،حصار وطننا تركيا مرة أخرى بعد قرن من الزمان

 

ماذا ستفعل تركيا لو نشرت “قوة دولية” في شرق الفرات؟ هل ستبقى إمكانية التقدم خطوة نحو الأمام ومكافحة الخطر المتصاعد في تلك المنطقة وحماية حدود هذا البلد؟ يجب التفكير في شيء عاجل والتحرك على الفور.

إذن لماذا؟ ماذا يحدث؟

تعتبر منطقة شرق الفرات قضية مستقبلية مصيرية بالنسبة لتركيا. فهي تمثل أقرب وأخطر تهديد بالنسبة لبلدنا. ولهذا فإن إضعاف الإرادة والمبادرة الرامية للتخلص من هذا التهديد واللجوء إلى المحاولات الخبيثة لتحقيق ذلك والتعاون مع بعض دول المنطقة ومنفذي هذا المخطط للوصول إلى ذلك الهدف يعتبر تهديدا كبيرا بقدر ذلك التهديد الذي يحدق بأراضينا.

شق صف “جبهة تركيا” كفاح استقلال صريح .. هذه هي “مسألة الحياة أو الموت” الحقيقية

إن الاستخفاف بتهديد “جبهة تركيا” المقامة بشكل ممنهج والممتدة من حدود إيران شرقا إلى البحر المتوسط غربا والتستر عليها ومراوغة تركيا لمنعها من مكافحة هذا التهديد سيكلفنا ثمنا باهظا.

إن مخطط “الممر” الذي أغلق بوابته المطلة على البحر المتوسط بفضل عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون لا يزال قائما كما هو. فالبوابة الشرقية لهذا المخطط، ذلك الحزام الواسع الممتد على مسافة مئات الكيلومترات، واقعة تحت احتلال التنظيمات الإرهابية والقوى القادمة من خارج المنطقة. ولا شك أن وجهتهم معروفة، وهدفهم تركيا. وإن الدفاع عن الوطن وضمان المستقبل في ظل الظروف الإقليمية الراهنة مربوط بتفتيت هذا الحزام، فهذه هي مسألة الحياة أو الموت الحقيقية.

حصار تركيا قرنا آخر

إن الوعد الوحيد الذي تفي به تركيا هو المراوغة. وإن فتيل الحرب السورية أشعل – في الواقع – من أجل هذا المخطط المبني على قطع جميع أواصر تركيا مع العالمين العربي والإسلامي. لقد أسسوا كل خططهم على “حصار” تركيا من الناحية الحدودية بالكامل. فهذا مخطط حصار، وكل من كان في مواجهتنا قبل مائة عام يشارك اليوم في هذا الحصار.

وإذا كان الأمر كذلك، فإن عملية شرق الفرات ومكافحة أي تهديد يستهدف بلدنا بشكل مباشر ويأتينا من تلك المنطقة ويتزايد خطره بمرور الوقت يعتبر مسألة حياة أو موت صريحة.

لقد دافعت منذ البداية عن ذلك المبدأ: ضرورة السماح لأي قوة من خارج المنطقة أو تنظيم إرهابي بالسيطرة على هذا الحزام. وكل ما هو بخلاف هذا من احتمالات فسيكون دمارا بالنسبة لتركيا.

القضية ليست قضية إرهاب.. نحن أمام مخطط تدمير كبير

القضية ليست قضية بي كا كا أو قضية إرهاب. كما أنها ليست قضية عرقية. بل إن هناك احتلال دولي في هذا الحزام. وإن هذا الاحتلال سيعزز قدراته بمرور الوقت، وهو ما سيجعل من التدخل أمرا مستحيلا.

إنهم ينفذون مخططا جيوسياسيا كبيرة للغاية سيمتد من حدود إيران إلى البحر المتوسط، وسيربط بمرور الوقت بحر الخزر بالخليج العربي كما سيمتد إلى شرق البحر الأسود.

علينا أن نمعن التفكير جيدا في ممري البحر الأحمر – الخليج العربي والبحر الأسود – البحر الأبيض. كما ينبغي لنا أن نتابع جيدا المناطق والنقاط التي يركز عليها الإرهاب وقوى الاحتلال الدولي.

جبهة المعارضة تتعاون مع “الاحتلال الدولي” .. هذا أمر خطير!

للأسف فإن هناك بعض الأوساط السياسية في تركيا تبذل جهودا حثيثة للتستر على هذا الخطر وإبعاده عن الأنظار. ولا يمتلك ائتلاف المعارضة المشكل لخوض الانتخابات المحلية يوم 31 مارس أجندة كهذه. وإن مبادرتهم هذه تتطابق مع مواقف جبهة الاحتلال الدولي والأوساط التي تتعاون معها في الداخل.

كان ينبغي لتركيا أن تتجه إلى شرق الفرات مباشرة عقب عملية غصن الزيتون مهما كلف الأمر، كان يجب عليها ألا تصغي لتكتيكات المراوغة. نعم أن الأمر صعب وأن المسألة معقدة للغاية وأن الأزمة السورية تعتبر أزمة إقليمية بل حتى دولية. لكن علينا أن نعلم أننا ليس أمامنا أي خيار سوى الإيمان بمبدأ “القوي هو الذي يضع قوانين اللعبة” وأن “اللعبة تصنع في الملعب”.

تكتيك المراوغة من الخارج والداخل: فكرنا واضح وصريح

لقد عرقلت كل محاولة تدخل بعروض ومقترحات مختلفة من المراكز والأوساط عينها. فنفذوا تكتيكات المراوغة من الداخل وكذلك من الخارج. ولا أزال أتذكر كل شيء فعلوه في هذا الصدد لدرجة أن كل شيء حدث ويحدث أمام أعيننا.

اقرأ أيضا

الصبر مفتاح الفرج

كنا نعلم أن التأخر “سيفضي إلى مستحيلات مميتة”. واليوم نسير نحو هذا الطريق. ولهذا يجب إطلاق مبادرة عاجلة للغاية من أجل القضاء على أكبر تهديد يحدق بمستقبل بلدنا. وحينها سترون كيف سيظهر بوضوح “المعارضون” في الداخل.

7 دول ترسل قواتها إلى شرق الفرات.. فماذا يعني هذا؟

لقد بدأ تنفيذ مخطط نشر قوات دولية في ذلك الحزام بقيادة الولايات المتحدة ودعم إقليمي من السعودية والإمارات ومصر. كما سترسل بريطانيا وألمانيا وفرنسا ومصر والأردن قوات عسكرية.

وقد اتخذت الدول السبع قرارا كهذا خلال اجتماع منفصل عقد على هامش مؤتمر مكافحة داعش الذي استضافته واشنطن، فأعلنته من خلال الخارجية الأمريكية. فإذا نفذ هذا القرار ونشرت الدول السبع قواتها في شرق الفرات، فحينها سيبدأ الخطر الحقيقي بالنسبة لتركيا.

سيبدؤون قريبا هجماتهم الإرهابية واستهداف تركيا

لن يتنازلوا عن هذه المنطقة لسوريا أو تدخل تركيا أبدا. وما يحمونه هناك ليس بي كا كا كما يعتقد، بل سيكونون قد انتقلوا إلى المرحلة الأخيرة لرسم ملامح خريطة جديدة وترسيخ دعائم احتلال دولي.

كانت الولايات المتحدة هي الموجودة هناك حتى هذه اللحظة، واليوم ستأخذ الدول السبع أماكنها هناك ليشلوا حركة تركيا. وهل تعلمون ماذا سيحدث بعد ذلك؟ سيطلقون من تلك “الجبهة” حملة لزعزعة استقرار تركيا.

وسنشهد هجمات إرهابية وتدخلات سياسية داخلية ومحاولة لحبس تركيا عند النقطة صفر من حدودها الجنوبية وإحداث ضجيج من أجل إخراجها من عفرين مهما كلف الأمر.

كتبنا دائما في مقالاتنا لسنوات أنه “يجب تنفيذ هذا التدخل مهما كلف الأمر وحتى إن كان هذا يعني الانتحار، فكل يوم نتأخره سيجعل الأمر مستحيلا”. كانت هذه النتيجة واضحة، وكان معلوما أننا سنصل إلى هذه النقطة.

ولهذا السبب استخدمت عبارة قلت فيها “ربما تضطر تركيا لمكافحة الاحتلال الأجنبي في شمال سوريا جنبا إلى جنب مع إيران وروسيا، بل وحتى مع النظام السوري”.

يجب أن يتدخل الجيش الليلة ليس هناك خيار آخر، أي تأخر يعني تحول الأمر إلى مستحيل

إن نشر الدول السبع قواتها في شمال سوريا يهدف، إلى جانب احتلال تلك المنطقة، يهدف لسلب تركيا قدرتها على الدفاع وشل حركة خطوطها الدفاعية وجعلنا عاجزين عن حماية أنفسنا. لم تعد تلك المنطقة قضية خاصة بالملف السوري، بل إنها لم تعد حتى جزءا من سوريا، بل إنها جبهة تهدف لحصار تركيا.

لم يعد هناك سوى شيء واحد وخطوة واحدة: أن تتدخل تركيا دون تردد وبشكل عاجل قبل أن تنشر الدول السبع قواتها في شرق الفرات شمال سوريا. ولو لم تفعل هذا فلن تتمكن من فعله أبدا مستقبلا. وحينها سنرى جميعا كيف سينقلون المعركة إلى قلب الأراضي التركية.

الوضع جد خطير. ينبغي للجيش التركي تنفيذ هذا التدخل بالتعاون مع الجيش الحر دون تأخر حتى ولو ليوم واحد. بل يجب تنفيذ هذه العملية الليلة إن أمكن.

البدء من جديد من سيواس بعد مئة عام.. إنهم يقيمون جبهة تركيا، انتبهوا..

أتابع الرسائل التي قدمها الرئيس أردوغان أمس من سيواس، وأعتقد أنها تحمل معنى البدء من جديد من سيواس بعد مائة عام.

أرى حجم الخطر وعظم الكفاح، كما أتابع خطورة الأمر وتجاهل وأنانية بعض التيارات السياسية.

فهل تعتقدون أن هذا خطابا في إطار الحملة الانتخابية؟ انتبهوا إلى تضليل العقول الذي يقوم به المحتلون الداخليون. أنصتوا إلى هذا المحور الوطني وتلك الجينات السياسية، انظروا إلى المنطقة، فكل شيء واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.

إن نشر سبع دول قواتها في شرق الفرات يعني فتح أولى جبهات الحرب على تركيا. استيقظوا!

 

 

 

.

بواسطة/ إبراهيم قاراغول 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.