قراءة عامة في نتائج الإنتخابات المحلية التركية وأسبابها

 

شهدت الانتخابات المحلية بتركيا، تنافسا كبيرا، بين التحالف الحاكم، وتحالف المعارضة، إلا أن مؤشرات النتائج الأولية كانت صادمة وغير متوقعة للجميع، وسط تقدم للحزب الحاكم في محافظات، وخسارته لمحافظات كبرى مثل أنقرة وإزمير، وخسارة محتملة بإسطنبول.

 

وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات المحلية، تقدم الحزب الحاكم على منافسيه في تحالف المعارضة في عموم تركيا.

 

رئاسة البلديات

وبحسب المعطيات الأولية، فقد أظهرت النتائج، تقدم حزب العدالة والتنمية لرئاسة بلديات 39 ولاية، وحزب الشعب الجمهوري المعارض في 21 من أصل 81 ولاية، إلا أنه تراجع في رئاسة البلديات الكبرى، وخسر العاصمة أنقرة وأزمير التي تعد معقلا للمعارضة، مع خسران محتمل لإسطنبول التي تعد العاصمة الاقتصادية.

 

وأظهرت النتائج غير الرسمية، فوز “تحالف الشعب” الذي شكله حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية، بفارق ملحوظ يتمثل في نسبة 51.62%، من أصوات الناخبين مقابل 37.56%، لـ”تحالف الأمة” الذي يضم حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد.

 

ومن إجمالي البلديات، حصد حزب العدالة والتنمية 44.31%، فيما حصد حزب الشعب الجمهوري 30.11%، وحزب الجيد 7.45%، وحزب الحركة القومية 7.31%، وحزب الشعوب الديمقراطي 4.24%، وحصلت الأحزاب الأخرى على 5.61%.

 

البلديات المحلية

 

وفاز حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المحلية الفرعية بـ576 بلدية، ليحل في المرتبة الأولى، وحصل حزب الشعب الجمهوري على 211 بلدية، والحركة القومية على 156 بلدية، والشعوب الديمقراطي على 63 بلدية، والحزب الجيد على 18 بلدية، والأحزاب الأخرى على 21 بلدية.

 

بلديات أنقرة الـ25

وعلى الرغم من خسارة الحزب الحاكم لرئاسة بلدية أنقرة، إلا أنه تمكن من الفوز بـ 19 بلدية، فيما حصل كل من حزب الوحدة القومية على 3 بلديات، وحزب الشعب الجمهوري على 3 بلديات من أصل 25 بلدية.

 

اقرأ أيضا: هكذا اكتسح حزب أردوغان البلديات الصغرى بمدن كبرى خسرها 

فيما أعلن حزب العدالة والتنمية، تقديم اعتراض على نتائج أغلب صناديق الاقتراع الـ12 ألفا و180.

 

وقال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فاتح شاهين، إن حزبه سيطعن في نتائج الانتخابات في إسطنبول، وبكافة مناطق العاصمة أنقرة، مشيرا إلى أنه تم رصد تجاوزات كثيرة فيها.

 

وأضاف، أنه يتوقع تحول نتيجة الانتخابات في أنقرة لصالح حزبه، بعد التقدم بالطعون للجهات المختصة.

 

بلديات إسطنبول الـ39:

 

وأمام خسارة حزب العدالة والتنمية، لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، ومرشحه بن علي يلدريم، بحسب النتائج الأولية، إلا أنه تمكن من الفوز بـ24 بلدية فرعية بإسطنبول، فيما حصل حليفه بالتحالف حزب الوحدة القومية، على بلدية واحدة، أما حزب الشعب الجمهوري، فقد حصل على 14 بلدية، من أصل 39 بلدية.

 

وأعلن حزب العدالة والتنمية، أنه سيقدم طعونا في كافة بلديات إسطنبول والبالغ عددها 39.

 

وقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، علي إحسان ياووز، أمس الاثنين، إن 17 ألفا و410 أصوات فرزت من 309 صناديق في مدينة إسطنبول، سُجّلت في خانة أحزاب أخرى، بالانتخابات المحلية.

 

وأشار إلى أن “رئيس الصندوق وأعضاء اللجنة المشرفة على التصويت يوقعون على جداول عد وفرز الأصوات، ومن ثم يتم نقل بيانات الأصوات إلى محضر نتائج التصويت وإطلاع الأحزاب على هذه الأرقام تباعا”.

وأردف: “وهنا تحديدا تم تسجيل الأصوات في خانات أحزاب أخرى، ونتيجة لذلك جرى تسجيل 17 ألفا و410 أصوات فرزت من 309 صناديق في خانات أحزاب أخرى، في الوقت الذي كان من المفترض أن تسجل في خانة حزب العدالة والتنمية”.

ولفت ياووز إلى ارتفاع عدد الأصوات الباطلة في المراكز الانتخابية التي تصدرت أصوات حزب العدالة والتنمية فيها بإسطنبول.

وقال: “نحن واثقون من بياناتنا ولدى النظر إلى هذه البيانات نرى أن حزب العدالة والتنمية يظفر ببلدية إسطنبول الكبرى”.

 

بلديات إزمير الـ30

 

ولم يتمكن حزب العدالة والتنمية، إلا بالفوز بـ4 بلديات، في إزمير وحليفه حزب الحركة القومية بـ1 بلدية، فيما فاز الحزب المعارض حزب الشعب الجمهوري، بـ24 بلدية، وحزب الجيد بـ1 بلدية من أصل 30 بلدية.

 

اقرأ أيضا: “العدالة والتنمية”: 17 ألف صوت لنا بإسطنبول سجّلت لغيرنا

بلديات الشرق والجنوب الشرقي

 

وفي كسر هيمنة، حزب الشعوب الديمقراطي، تمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق فوز كبير لأول مرة، في المناطق التي يسيطر عليها الحزب الذي يمثل الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، في مناطق الشرق والجنوب الشرقي.

 

وتمكن حزب العدالة والتنمية، من الفوز بثلاث بلديات شرق تركيا، وهي: شرناق، وبيتليس وأغري، فيما خسر أيضا حزب الشعوب الديمقراطي بلدية تونجلي، التي فاز بها الحزب الشيوعي التركي.

 

مقارنة بين نتائج 2014 و2019

 

وبالمقارنة مع الانتخابات المحلية عام 2014، يتضح أن حزب العدالة والتنمية، فقد 9 بلديات من أصل 48 كانت بحوزته، من بينها العاصمة أنقرة العاصمة السياسية، واحتمال فقدان إسطنبول العاصمة الاقتصادية، التي تعد الرصيد الأكبر للحزب الذي يترأسها منذ عام 1994م.

 

وتظهر المقارنات، تقدم حزب الشعب الجمهوري، بـ7 بلديات كبرى، عن عام 2014، حيث كان بحوزته 14 بلدية كبرى، فيما استطاع أن يحوز في عام 2019 على 21.

 

وفي عام 2014، حصل حزب العدالة والتنمية، على نسبة 45.50% من البلديات، فيما حصل على نسبة 44.31% عام 2019، أي بتراجع عن الانتخابات التي سبقتها.

 

وحصل حزب الشعب الجمهوري عام 2014، على نسبة 27.79% من البلديات، فيما حصل على نسبة 30.11% عام 2019، أي إنه تقدم عن الانتخابات التي سبقتها.

 

قراءة في النتائج

 

وفي قراءة لنتائج الانتخابات في البلديات الكبرى، رأى المختص التركي، محمد إحسان أوزدمير، أن التحالفات أثرت بشكل سلبي على نسبة العدالة والتنمية في تلك البلديات، وخاصة في إسطنبول.

 

ولفت  إلى أن الأكراد المقيمين في المدن الكبرى، لم يتقدم عنهم أي مرشح، وكذلك حزب الجيد، ما أدى لتعزيز أصواتهم لمرشحي حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول وأنقرة.

 

وأضاف، أن ما قام به تحالف المعارضة في إسطنبول، وعدم ترشيح منافسين بخلاف مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو، وتوحدهم،  عزز من قوة “تحالف المعارضة” في مواجهة “تحالف الشعب”.

 

وأشار إلى أن التذبذب الاقتصادي، في تلك المدن الكبرى، وغلاء المعيشة هناك، كان له دور في زعزعة قوة العدالة والتنمية فيها.

 

وتطرق المختص التركي، إلى أن تلك الإجراءات التي قام بها الرئيس أردوغان، بعزل الرئيس السابق لبلدية أنقرة، مليح غوكجك، ورئيس بلدية إسطنبول، قدير توباش، واتهامهما بالفساد والرشوة، كان لها دور بعدم ثقة الناخب التركي بالعدالة والتنمية.

 

الشرق والجنوب الشرقي

 

وحول قراءة النتائج في الشرق والجنوب الشرقي التركي، قال المختص التركي أوزدمير، إن انتخابات 2019، شكلت رافعة لحزب العدالة والتنمية، في تلك المناطق.

 

وأضاف أن من عوامل ذلك الانتصار في تلك المناطق، يرجع للإجراءات التي قام بها الرئيس رجب طيب أردوغان، في مواجهة “العمال الكردستاني”، وإصداره لقرارات بعزل رؤساء البلديات الذين تبين ارتباطهم بالتنظيم المسلح الذي تصنفه تركيا كيانا “إرهابيا”.

 

من جهته رأى المختص بالشأن التركي، سعيد الحج، أن النتيجة ذات أهمية بالغة لتلامسها المباشر مع المسألة الكردية وملف العمال الكردستاني.

 

ولفت الحاج، إلى أن الساسة الأتراك، يهتمون كثيرا بنسبة تصويت تلك المناطق، وفي مقدمتهم أردوغان الذي يتحدث عادة عنها بشكل خاص ومستقل بعد الحديث عن عموم تركيا، ولعله ردد جملة “وصلتنا الرسالة” أكثر من مرة، موجها كلامه لناخبي تلك المناطق.

وأوضح، أن نسبة تلك المحافظات، تعني بشكل غير مباشر استفتاء شعبيا فيها على الكثير من السياسات الحكومية والحزبية، تبدأ من مكافحة العمال الكردستاني في تركيا وسوريا والعراق، وتمر بإجراءات تعيين “أوصياء” على بعض بلدياتها إثر المسار القضائي الذي يلاحق قيادات الشعوب الديمقراطي، ولا تنتهي بتحالف العدالة والتنمية مع الحركة القومية المحسوب على اليمين التركي المتشدد، لا سيما في ما يخص الملف الكردي.

وبغض النظر عن المكسب الحزبي المباشر للعدالة والتنمية، أشار المختص بالشأن التركي، إلى أن انزياح طيف مهم من الناخبين الأكراد من سكان تلك المناطق نحو الخيارات السلمية الداخلية، وتعبيرهم عن ذلك بكامل حرياتهم في سياق انتخابات نزيهة، هو مكسب كبير ومهم لتركيا ولحزب العدالة والتنمية، وللطيف الكردي من الشعب على المدى البعيد.المصدر/عربي21

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.