“العدالة والتنمية” التركي يدين مقترح إيطالي حول أحداث عام 1915

أعرب المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي عمر جليك عن إدانتهم الشديدة للمقترح الذي تقدمت به الحكومة الإيطالية للبرلمان ويطالب بالاعتراف بأحداث عام 1915 على أنها “إبادة جماعية”.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي الأربعاء، أثناء انعقاد اجتماع اللجنة المركزية للحزب بالعاصمة أنقرة، أكد فيه جليك أن تصريحات بعض المسؤولين الإيطاليين بهذا الصدد خاطئة للغاية.

وقال:” تنساقون وراء مكيدة الشتات الأرمني الذي لا يرغب بتطبيع العلاقات بأي شكل من الأشكال، ولا يرغب بإظهار الحقيقة، وتتحدثون عن مواجهة المجازر، ولكن تخلوا عن الاهتمام بتاريخ الدول الأخرى وعليكم الاهتمام بتاريخكم، وليكن لديكم نهج مبدئي بهذه المسألة”.

وأضاف:” هناك فائدة كبيرة من مواجهتكم لاعمالكم التي ارتكبتوها في ليبيا بين عامي 1911 و1940، حيث قضى مئات الآلاف من المسلمين الأفارقة في المعسكرات التي أقمتموها”.

وأشار جليك إلى أن ربع سكان برقة الليبية البالغ 225 ألف نسمة وقتها لقوا حتفهم، مبينًا أن أعمالًا وحشية للغاية ارتكبت مثل استخدام الأسلحة الكيميائية وقتل أسرى الحرب.

وأردف: “تم ارتكاب تطهير عرقي عبر تهجير 100 ألف من سكان برقة، فإذا كنتم تقولون أن المواجهة بهذا الموضوع تفيد التاريخ والإنسانية، إذا واجهوا هذه الأمور رجاءًا، واتركوا جانبًا نبش تاريخ الدول الأخرى”.

ومضى بالقول “كما أنكم قصفتم 40 ألف شخص في اثيوبيا يوم 3 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1935 أثناء احتلالكم لها، ورميتم غاز الخردل السام على آلاف المقاومين الهاربين، وقتلتم نحو 300 ألف شخص قبل انسحابكم من اثيوبيا عام 1941 وبحسب بعض المصادر فالرقم 760 ألف شخص”.

وتطرق جليك إلى الدعوة التي وجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأرمينيا من أجل فتح الأرشيف (العثماني)، مبينًا أن “كل خطوة اتخذها الشتات الأرمني مع البرلمانات ترهن مستقبل الجالية الأرمنية في أرمينيا لأنها أخرت التطبيع”.

وشدد على وجود العديد من القضايا التي توجب التعاون مع إيطاليا على رأسها أزمة الهجرة، وعلاقات حلف شمال الأطلسي، ومكافحة الإرهاب.

وأكد ضرورة ابتعاد إيطاليا عن المواقف التي تفتح الطريق نحو ضرر لا يمكن إصلاحه بالعلاقات التركية – الإيطالية، ونبش التاريخ عبر نهج خاطئ، داعيًا إياها للتصرف بحكمة.

وأشار إلى وجود مجالات هامة للغاية للتعاون بين تركيا وإيطاليا على رأسها أزمة البحر المتوسط، والمسألة الليبية وأزمة الهجرة ومكافحة الإرهاب، لافتًا إلى أنه تم تشكيل أرضية هامة بين البلدين خلال زيارة الرئيس أردوغان لإيطاليا.

وأعرب عن تمنياته بعدم اتخاذ إيطاليا أي قرار يسهم في تخريب هذه الأرضية، مضيفًا:” اتركوا المؤرخين يقيمون التاريخ، فإن عمل السياسيين هو إدارة اليوم وبناء المستقبل، إذ إننا نقول فلنركز على الأشياء التي سنفعلها سويًا لإدارة اليوم وبناء المستقبل”.

– ما الذي حدث في 1915؟

تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.

وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.

اقرأ أيضا

اعتبارًا من اليوم.. تغييرات جديدة في لوائح بيع الهواتف…

وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.

وسعيا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء “الإبادة الأرمنية” المزعومة، في كل عام.

وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 آيار/ مايو، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.

ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.

وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى محاكمة وإعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.

الحاجة إلى ذاكرة عادلة والتفهم المتبادل

وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير على أنه “إبادة عرقية”، وبالتالي دفع تعويضات.

وبحسب اتفاقية 1948، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن مصطلح “الإبادة الجماعية” (العرقية)، يعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

وتؤكد تركيا عدم إمكانية اطلاق صفة “الإبادة العرقية” على أحداث 1915، بل تصفها بـ”المأساة” لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدًا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور “الذاكرة العادلة” الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف.

كما تقترح تركيا القيام بأبحاث حول أحداث 1915 في أرشيفات الدول الأخرى، إضافة إلى الأرشيفات التركية والأرمنية، وإنشاء لجنة تاريخية مشتركة تضم مؤرخين أتراك وأرمن، وخبراء دوليين.

يريفان لم تنتهز فرصة تطبيع العلاقات

شهد عام 2009 أهم تطور من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، حيث وقع الجانبان بروتوكولين من أجل إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية، وتطوير العلاقات الثنائية، في تشرين الأول/أكتوبر، بمدينة زيورخ السويسرية.

ويقضي البروتوكولان، بإجراء دراسة علمية محايدة للمراجع التاريخية والأرشيفات، من أجل بناء الثقة المتبادلة وحل المشاكل الراهنة، فضلًا عن الاعتراف المتبادل بحدود البلدين، وفتح الحدود المشتركة.

وأرسلت الحكومة التركية، البروتوكلين إلى البرلمان مباشرة من أجل المصادقة عليهما، فيما أرسلت الحكومة الأرمنية، نصيهما إلى المحكمة الدستورية من أجل دراستهما، وحكمت المحكمة أن البروتوكلين لا يتماشيان مع نص الدستور وروحه.

وأعلنت أرمينيا تجميد عملية المصادقة على البروتوكلين، في كانون الثاني/يناير عام 2010، وبعد 5 أعوام سحبتهما من أجندة البرلمان، في شباط/ فبراير 2015.المصدر/الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.