قال البرلماني التركي، خليل أوزشاولي، إنه عثر على وثائق أرشيفية نتيجة أبحاثه، تفنّد مزاعم “الإبادة الأرمنية” وتظهر حقيقة أحداث عام 1915، وذلك استناداً إلى وثائق ومراسلات الأرمن أنفسهم.
جاء ذلك خلال حوار أجراه مع الأناضول، تطرق فيه إلى الدراسات التي يجريها منذ 15 عاماً حول أحداث عام 1915، والأبحاث التي يقوم بها لدى الأرشيف الأمريكي، والبريطاني وهيئة الأمم.
وأضاف “أوزشاولي” الذي له العديد من الكتب والمقالات حول المسألة الأرمنية، أنه عاش لفترة من الزمن في أرمينيا، بغرض تعلّم لغتها، مبيناً أنه قد يكون المؤرّخ الوحيد الذي يجيد هذه اللغة في تركيا.
وأوضح أن تعلّمه للغة الأرمينية، منحه الكثير من الفرص خلال أبحاثه حول المسألة الأرمنية، مضيفاً: “توصلت إلى ما لم يتوصّل إليه مؤرخون آخرون، من وثائق أرشيفية بمثابة اعترافات على لسان الأرمن”.
وأشار المؤرخ التركي إلى إجرائه أبحاثاً في الصحافة الأرمينية التي تعود لفترة وقوع أحداث عام 1915، وأنه لاحظ تحريض المثقفين والكتّاب الأرمن، شعبهم على الانفصال والتمرّد ضد الدولة العثمانية، فضلاً عن مساندة قوات التحالف حينذاك.
ولفت إلى توجيه قادة الأرمن في الماضي، شعبهم لتنظيم حملات لجمع التبرعات، وشراء الأسلحة بتلك الأموال وتوزيعها على العصابات الأرمنية عبر روسيا.
وأفاد بنقل متطوعين أرمن إلى جزيرة قبرص على متن سفينة تم استئجارها في الولايات المتحدة الأمريكية، وإخضاعهم للتدريب هناك لمدة عام كامل.
وتابع “أوزشاولي” قائلاً: “فيما بعد تم تشكيل فيلق مكوّن من 5 آلاف متطوع أرمني، وقام هذا الفيلق الذي ارتدى عناصره الزي العسكري الفرنسي، باحتلال عدة ولايات جنوب وجنوب شرقي تركيا. فهذا الفيلق لم يكن عبارة عن 300 أو 500 شخص، بل حركة شعبية مسلحة”.
وأردف: “هذه التطورات دفعت بالدولة العثمانية إلى اتخاذ التدابير للحد من تقدّم الفيلق الأرمني، فيما بعد تم نقل الأرمن من مناطق جنوب شرقي الأناضول التي كانت تشهد حرباً، إلى مناطق آمنة، مثل سوريا، والشام، والموصل”.
ولفت إلى أنه بحلول عام 1918، تم السماح للأرمن المهجّرين، بالعودة إلى أراضيهم، إلا أنهم لم يعودوا.
وأضاف أنه “تم العمل فيما بعد على تكثيف النفوذ الأرمني في ولايات جنوب وجنوب شرقي الأناضول بناء على وعود فرنسية، وعند فشل هذه الخطة أيضاً مع انسحاب الفرنسيين من تلك المناطق عام 1921، تعرض الأرمن لخيبة أمل أخرى، وبدأوا حينها بإرسال آلاف الرسائل إلى عصبة الأمم آنذاك”.
وفي معرض تعليقه على وثيقة أظهرها من أرشيف عصبة الأمم، قال البرلماني التركي إن “هذه الوثيقة بمثابة اعتراف على لسان الأرمن، حيث تتضمن توقيع قادة 3 مذاهب أرمنية”.
ويسرد “أوزشاولي” فحوى الوثيقة: “نحن قاتلنا من أجلكم، وشكّلنا فيلقاً أرمنياً قوامه 5 آلاف شخص، وجمعنا أكثر من 200 ألف عسكري متطوع شرقي الأناضول، وأنتم بدوركم وعدتمونا بإنشاء دولة أرمنية”.
وتابع القادة قولهم “إلا أنكم تعلنون الآن انسحابكم، قمتم باحتلال بعض الولايات بفضلنا، وبدورنا قاتلنا وقتلنا من أجلكم، إما أن تتراجعوا عن الانسحاب، أو أن تأخذونا معكم عند الانسحاب من المنطقة”.
وتطرّق المؤرخ التركي إلى أنه وعقب هذه الحادثة، ارتفع عدد الأرمن الذين هاجروا من الأناضول في الفترة بين عامي 1921 و1925، إلى 400 ألف، وكانت هذه الهجرة هي الأكبر من نوعها.
وشدّد على أن مغادرة الأرمن منطقة الأناضول وهجرتهم إلى مناطق أخرى، ليست لها علاقة بأحداث عام 1915، مستدلاً على ذلك بالوثائق التاريخية لدى أرشيف عصبة الأمم.
وأشار “أوزشاولي” إلى أن الموجة الثانية من الهجرة الأرمنية، كانت بين عامي 1929 – 1930، حيث هاجر قرابة 5 آلاف أرمني من ولايات موش، وديار بكر، وبيتليس وبينغول، إلى مناطق سيطرة الفرنسيين في سوريا.
وتطرّق إلى تقرير لقنصل واشنطن لدى الأرشيف الأمريكي، يشير إلى “هجرة الأرمن بدافع رغبة العيش تحت إدارة دولة مسيحية”.
وأضاف أن تقرير القنصل الأمريكي ينفي ممارسة الدولة العثمانية أية ضغوط على الأرمن، بل وسمحت لهم باصطحاب ما يشاءون من الأموال والأمتعة خلال هجرتهم، ودون أن يتعرضوا لأي اعتداء في طريق هجرتهم.
ولفت إلى أن آخر هجرة أرمنية، وقعت عام 1939 في أعقاب ضم لواء إسكندرون (ولاية هطاي حالياً) إلى تركيا، حيث هاجر من تلك المنطقة حينها، ما يقارب 18 ألف أرمني، متوجهين إلى سوريا ومنها إلى بيروت.
وفيما يتعلق بالتواجد الأرمني الحالي داخل تركيا، قال “أوزشاولي”، إن هناك حوالي 60 ألف شخص في إسطنبول.
وأشار إلى أنه قام بترجمة القانون الداخلي لحزبي “الطاشناق” و”الهنجاق” الأرمنيين إلى اللغة التركية، مبيناً أن القاسم المشترك بين القانون الداخلي للحزبين، هو تضمنهما لعبارة “غايتنا هو تأسيس أرمينيا المستقلة”.
وأبرز البرلماني التركي أن “الطاشناق” والهنجاق” اعتمدا التمرد وإثارة الفوضى وغيرها من الأساليب المشابهة، كطريقة لتمهيد طريق إنشاء دولة مستقلة للأرمن.
ولفت إلى أن أحد بنود القانون الداخلي للحزبين المذكورين، ينص على أن أفضل توقيت للتمرد هو عند دخول الدولة العثمانية الحرب، مضيفاً: “هذا يعني أن أحداث عامي 1914 و1915، كانت معدّة ومخططة مسبقاً”.
وأوضح “أوزشاولي” أن الفرنسيين استغلوا الأرمن سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً، وأن هذا الاستغلال يتواصل في يومنا الحالي أيضاً، من خلال مهاجمة تركيا عبر المزاعم الأرمينية، بغرض الحصول على أصوات الأرمن الموزعين في بلدان شتى حول العالم.
واختتم “أوزشاولي” حديثه بالإشارة إلى تهجّم الجاليات الأرمنية حول العالم، على تركيا من خلال مزاعم “الإبادة الأرمنية”، ينبع من مساعيهم للحفاظ على هويتهم التي أوشكت على الاندثار. المصدر: A.A