في ليلة تتنزل الملائكة والروح فيها، نادت حناجر المصلين في مدينة إسطنبول التركية متضرعة لله، داعية بـ”حرية المسجد الأقصى ومدينة القدس”، ورفع البلاء عن المظلومين في البلدان المسلمة عامة، وفلسطين على وجه الخصوص.
فلسطين التي حضرت بقوة في المدينة التاريخية بمؤتمراتها ومظاهراتها وتضامنها مع شقيقتها القدس، حضرت بنفس القوة في أدعية إمام مسجد “مهرماه” بمنطقة الفاتح بقوله “اللهم أعد العزة لمسجدنا الأقصى المبارك، وحرره من أياد الظالمين، واحم إخواننا الفلسطينيين، اللهم اجمع المسلمين على كلمةٍ واحدة، واحمهم من كيد الخائنين والمنافقين والكافرين”.
وفي الليلة التي تعد خير من ألف شهر، زحف المصلون من كل أطراف إسطنبول وضواحيها، نحو مساجدها الرئيسية، حيث قاموا بأداء صلاة العشاء، وبعدها صلاة التراويح.
وقبيل البدء بقيام ليلة القدر، بدأت المساجد الرئيسية وميادينها بالإمتلاء بمئات الآلاف من المصلين، من الرجال والنساء والأطفال، إضافة إلى الجالية العربية المقيمة في المدينة.
المشهد الذي لا يتكرر إلا مرة واحدةً في العام، في تركيا والعالم الإسلامي، يصادف الليلة السابع والعشرين من رمضان، حيث شهد احتشاد أكثر من 5 آلاف مصلٍ، بجامع مهرماه، في قلب إسطنبول بالشطر الأوروبي، رافعين أكف الدعاء إلى الله برفع البلاء بتحقيق النصر والحرية للمسلمين، ولاسيما في فلسطين وسوريا والعراق.
في الليلة المباركة، افترش المتضرعون إلى الله كل مكان في الجامع التاريخي، والذي يعود بناؤه إلى قبل نحو 5 قرون، اختلطت الدموع بالأدعية، فلا يمكن سماع إلا الأصوات الخفيةً تناجي ربّها، وتلهج بالدعاء الذي أوصى به الرسول محمد (ص) لزوجته عائشة، أن تقوله في ليلة القدر”اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحبُّ العفو فاعفوا عنّا”، رغم صعوبة نُطقه بالنسبة للأتراك.
كما ردد المعتكفون في المسجد الليلة بين صلواتهم، أدعية وصلوات موجهة للرسول، وأقاموا حلقات ذكر، كقولهم “سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”، وقولهم “لا حول ولا قوة إلا بالله”، بالإضافة إلى حلقات تلاوة القرآن الكريم.
مسجد مهرماه، والسلطان أحمد، والفاتح وأيوب سلطان والسليمانية وتشامليجا، مساجد لا تسمع بها إلا أصوات هادئة، كدوي النحل، من قراءة للقرآن وترديد الأدعية والتسابيح ونحوها من العبادات التي يستحب ذكرها في الليلة الفضيلة.
وحظيت ليلة القدر منذ أيام الدولة العثمانية بمكانة خاصة، حيث جرَت العادة عند الأتراك أن يهنئوا بعضهم البعض بقدوم ليلة القدر، وهي من العادات التي ما زالت متوارثة لديهم، وسميت الليلة بالقنديل، لأنهم يعتبروها كالنجمة والضوء الوهّاج مقارنةً مع غيرها من ليالي العام.
كذلك يحيي الأتراك صلاة التسابيح، والتي يستحبُّ إقامتها في هذه الليلة الفضيلة، ويدعوا الإمام في آخر الليلة أحياناً في المسجد دعاءً طويلاً، ويعطي الأولوية به في الدعاء للمسلمين عامةً.
واعتاد الأتراك كذلك في هذه الليلة المباركة، توزيع حلوى “السميت” في البيوت، وخلال إحياء الليلة المباركة في المساجد، بالإضافة إلى تبادل التهاني فيما بينهم، ومطالبة بعضهم البعض بالدعاء بظهر الغيب، والدعاء للمرضى والمظلومين والمحتاجين.
وحظيت الليلة بمشاركة واسعة من قبل الجالية العربية المقيمة في إسطنبول، إلى جانب المصلين الأتراك.
وبرزت هذه المشاركة من خلال أدعيتهم المسموعة بعربية سليمة، من سوريا وفلسطين والمغرب وتونس ومصر وبلدان الخليج العربي، حيث ركزت أدعيتهم على مشاكل بلدانهم، راجين من الله أن يفرج عنهم وعن إخوانهم، بحسب مراسل الأناضول.
وأحيى الملايين من المصلّين الأتراك، في الولايات التركية المختلفة، ليلة السابع والعشرين من رمضان، وهي تحظى باهتمام ديني خاص في تركيا والبلاد الإسلامية؛ حيث يتم تكثيف الشعائر الإسلامية في هذه الليلة المقدسة، من خلال قراءة القرآن، وصلوات تستمر حتى مطلع الفجر. المصدر/A.A