أعلن الحرب فحصل على السلام… كيف تمكن أردوغان من “إخـ.ـضاع” واشنطن والحصول على مايريده؟ وهل اعتذر ترامب عن رسالته “الغير دبلوماسية”؟
يرى نشطاء متابعون للشأن السوري، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تمكن من فرض شروطه على نظيره الأمريكي دونالد ترامب في سوريا.
البداية كانت قبل سنوات، وعندما طالبت أنقرة الولايات المتحدة مراراً بالتوقف عن تزويد تنيظمات “واي ب جي” التي تتستر تحت اسم “قوات سوريا الديمقراطية” بالاسلـ.ـحة والعتاد، وأن يتوقف الدعم الأمريكي لها بكل أنواعه.
لم تجب الولايات المتحدة على المطالب التركية، واعتمدت أساليب المماطلة والمراوغة، إلى أن توصل البلدين قبل حوالي شهرين لاتفاق وخارطة طريق حول المنطقة الآمنة في سوريا، لكن الولايات المتحدة لم تطبق ما تعهدت به لتركيا من جديد.
المماطلة الأمريكية قوبلت بحزم تركي، وبعد حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير دفاعه الجنرال خلوصي آكار لأكثر من مرة عن عزمهم بدء عملية في سوريا حال لم تستجب واشنطن، بدأت تركيا بالفعل بعملية “نبع السلام” بالتعاون مع الجيش الوطني السوري، الذي ساهمت أنقرة بتشكيله ودعمه.
خلال حوالي 10 أيام من عملية “نبع السلام” تمكن الجيش الوطني السوري والتركي من تحرير حوالي 3 آلاف كيلومتراً مربعاً من ميلشيات “قسد”، وغنموا عتاداً وفيراً كانت قد أرسلته واشنطن لقسد.
بعد التقدم الكبير والسريع الذي أحرزته عملية “نبع السلام”، بدأت الضغـ.ـوطات تزداد على تركيا، وكذلك بات هناك ضغـ.ـط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قبل البنتاغون وبعض الفاعلين في صناعة القرار الأمريكي المعارضين لسحب واشنطن قواتها من سوريا، والراغبين بمنع العملية التركية.
وكذلك حاولت روسيا ونظام الأسد الاستفادة من خلط الأوراق الذي حصل، وبدأوا بمحاولات للتقدم للمناطق التي انسحبت منها الولايات المتحدة الأمريكية، أو للدخول للمناطق الكردية باتفاق مع ميليشيات “قسد”.
وبالفعل دخلت قوات النظام لبعض المدن والقرى التي هي بعيدة أصلاً عن مسار عملية “نبع السلام” مثل محافظة الرقة ومدينة الطبقة.
وقد حاول بعض المؤثرين في صناعة القرار الأمريكي أن يفرضوا عقـ.ـوبات على أنقرة بسبب عملية “نبع السلام”، لكنهم لم ينجحوا بذلك حتى الآن بسبب معارضة ترامب الأولية لها، ثم سماحه بها تحت ضغـ.ـط، وكونه كان يميل لسحب قوات بلاده من سوريا منذ توليه الحكم.
أردوغان لديه طلب واضح.. وقد حصل عليه
كان طلب أردوغان وتركيا منذ البداية واضحاً، أخرجوا ميليشيات قسد من المنطقة الآمنة التي نريد إقامتها قرب شريطنا الحدودي، وهي منطقة بطول 44 كيلومتر، وعمق 32 كيلومتر مربع.
وقد تحقق ما أرداه الرئيس التركي بالفعل، إذ صرّح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل قليل أن أنقرة اتفقت مه واشنطن على تجميد وقف إطلاق النار لخمسة أيام، مقابل انسحاب الميليشيات.
وخلال مؤتمر صحفي للوزير التركي، عقده الخميس 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 عقب المباحثات التركية الأمريكية التي استمرت حوالي 5 ساعات في العاصمة أنقرة، أشار جاويش أوغلو أن من ضمن الاتفاق كذلك استعادة الأسـ.ـلحة الثقيلة من قسد، وتـ.ـدمير مواقعها.
وأكد وزير الخارجية أن المهم لبلاده هو إنهاء “جميع العناصر الإرهـ.ـابية، وإقامة منطقة آمنة عمقها 32 كيلومتر وبطول 444 كيلومتر مربع، حتى حدود العراق شرقي نهر الفرات”، حسبما صرّح، مؤكداً أن “نبع السلام” ستعلّق لـ120 ساعة، حتى تنسحب وحدات الحماية، مؤكداً “فهذا ليس وقفاً لإطـ.ـلاق النار”.
وبما صرح به وزير الخارجية التركي، نجد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد حصل على مايريده بالفعل، وهو عبارة عن منطقة آمنة خالية من الميلشيات التي تصنفها أنقرة بوصفها امتداداً لحزب “بي كا كا” الإرهـ.ـابي، وأن تتيح تلك المنطقة عودة 2 مليون من اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا إليها، وهذا ما تنوي أنقرة تنفيذه أيضاً.
رد أردوغان على رسالة ترامب الغير دبلوماسية!
حول الرسالة الغير دبلوماسية، فقد اعتذر الرئيس الامريكي دونالد ترامب عنها بشكلٍ غير مباشر، عندما كال المديح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووصفه بأنه “قائد قوي وصـ.ـعب المراس وهو صديقي وأنا أحترمه”، وذلك خلال تعليق ترامب على نتائج الاتفاق بين الرئيس التركي وبنس نائب الرئيس الأمريكي.
وقد تحدث وزير الخارجية التركي أن الرئيس أردوغان كان رده واضحاً على رسالة ترامب، فقد بدأت عملية “نبع السلام” في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، وهو يوم وصول الرسالة، وبالتالي “ردّنا أعطيناه أصلاً على الأرض” حسبما يقول جاويش أوغلو.
كما أكد جاويش أوغلو أن “تركيا دولة جدّية، والرئيس رجب طيب أردوغان لم ولا ينزل إلى مثل هذا المستوى على الإطلاق”.
مغردون: التاريخ سيسجل نصراً كبيراً لتركي
وقد شهد موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تفاعلاً كبيراً مع الاجتماع التركي – الأمريكي والنتائج التي أسفرت عنه بخصوص المنطقة الآمنة,
ورأى الكثير من المغردين أن الاتفاق مثّل نصراً كبيراً لتركيا، حيث قال مغرد يدعى “الرادع التركي”، في تغريدة عبر حسابه بتويتر:” سيسجل التاريخ أن ترامب أرسل إلى أردوغان رسالة مستفزة بتاريخ 9 أكتوبر من عام 2019 فقام أردوغان برمي رسلة ترامب إلى سلة المهملات وأعلن انطلاق عملية عسكرية في شرق الفرات وفي تاريخ 17 أكتوبر من العام نفسه رضخت الولايات المتحدة واستجابت لمطالب تركيا”.
وأضاف:”نجاح تركيا فى فرض شروطها على القوة العظمى الأولى فى العالم أمراً يدعوا للفخر ويقدّم رسالة للعالم بأن تركيا اليوم أقوى وأشد باس من أي وقت قد مضى، وقائدها المغوار أردوغان لا يشق له غبار، تركيا تنتصر”.
فيما قال مستشار وزير الأوقاف المصري السابق، الدكتور محمد الصغير عبر تويتر:”لأنها حددت أهداف نبع السلام من البداية وهي تأمين الحدود وانسحاب العصـ.ـابات الإرهـ.ـابية إلى عمق٣٢كم ومنطقة آمنة تسمح بعودة السوريين، وهذا ما تم الاتفاق عليه قبل قليل مع مبعوث أمريكا مع إضافة تجريد العصـ.ـابات المنسحبة من الأسلـ.ـحة الثقيلة وأن المنطقة الآمنة تحت حماية تركيا، تركيا تنتصر”.
وقال الإعلامي المصري المعروف “أحمد منصور” :”أكبر انتصار حققته تركيا اليوم من وراء اتفاقها مع الولايات المتحدة ليس انسحاب الأكراد للمسافة التى تريدها تركيا ولكن الإنتصار الأكبر هو أن كل دول العالم أصبحت تهاب تركيا كقوة عالمية نجحت فى فرض شروطها على أمريكا القوة العظمى الأولى فى العالم تركيا تنتصر”.
فيما قال المعارض السوري بسام جعارة إن “ الإدارة الأمريكية تحركت سريعا ووافقت على الشروط التركية بعد ان علمت أن الدبابات التركية التي لم تتحرك خلال الأيام الماضية كانت جاهزة للدخول غدا الى مدينة عين العرب واجتــ.ـياح مناطق أخرى على امتداد الحدود”، حسب قوله.
وكان موقع “سي ان ان تورك” قد ذكر في وقت سابق من الخميس 17 أكتوبر/تشرين الأول ” أن أردوغان رفض الرسالة التي أرسلها ترامب، والمكتوبة في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 وألقاها في سلة المهملات، ليكون أفضل رد عليها هو إعلانه عن بدء العملية العسكرية التركية في شمال سوريا بعد قراءة الرسالة.
ولم يبد الرئيس التركي اهتماماً بالضغوطات الأوروبية والامريكية على بلاده بسبب معارضتهم لعملية “نبع السلام” الهادفة لتطهـ.ـير الحدود التركية والقـ.ـضاء على ممر إرهـ.ـابي تتم صناعته على حدودها، حسبما تؤكد الأناضول.
وكانت وسائل إعلام أمريكية سرّبت فجر الخميس 17 أكتوبر/ تشرين الأول رسالة أرسلها ترامب لأردوغان في التاسع من الشهر الجاري، يطالبه فيها بإعادة النظر بموضوع عملية “نبع السلام” والعمل على التوصل لاتفاق مع الأكراد.
وتقول الرسالة التي وجهها ترامب إلى أردوغان :” عزيزي سيادة الرئيس: لنعمل على التوصل إلى اتفاق جيد، أنت لا تريد أن تكون مسؤولاً عن قتـ.ـل آلاف الناس وأنا لا أريد أن أكون مسؤولاً عن تـ.ـدمـ.ـير الاقتصاد التركي، وسأفعل”.
وتضيف الرسالة” لقد أظهرت لك عينة صغيرة بالفعل فيما يتعلق بمشكلة القس برونسون، لقد عملت بجد لحل بعض مشـ.ـاكلك، لا تخذل العالم، يمكن إبرام اتفاق رائع، الجنرال مظلوم مستعد للتفاوض معك وهو على استعداد لتقديم تنازلات لم يقدموها من قبل، لقد أرفقت بسرية نسخة من خطابه لي الذي تلقيته للتو”.
ويختتم الخطاب الذي وجهه ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحديث غير متوافق مع الأعراف الدبلوماسية، في محاولة لإثناء الرئيس التركي عن العملية، لكن مصيره كان سلة المهملات، وعجّل ببدء عملية “نبع السلام” التي تمكنت حتى الآن من تحرير حوالي 3 آلاف كيلومتر مربع.
المصدر: مدى بوست