مقتل البغدادي وموقف تركيا من محاربة داعش

اقرأ أيضا

الصبر مفتاح الفرج

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صباح الأحد، مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي، أبو بكر البغدادي، في عملية عسكرية في شمال غربي سوريا، مضيفا أن القوات الأمريكية حاصرت البغدادي في نهاية نفق بإدلب، ما دفع الأخير إلى تفجير سترته الناسفة. كما أشار إلى أن فحوص الحمض النووي أكدت هويته.

مقتل البغدادي في إدلب أثار علامات استفهام حول مكانه وتوقيته؛ لأن التقارير كانت تتحدث عن تواجده في دير الزور بالقرب من الحدود العراقية. والأسئلة التي تطرح نفسها، هي: كيف قطع الرجل مع عائلته كل تلك المسافة بأمن وأمان ووصل إلى شمال غربي سوريا، مرورا بأماكن تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردي بدعم القوات الأمريكية؟ ولماذااختار محافظة إدلب بالضبط؟ وهل كان هدفه النهائي العبور إلى الأراضي التركية بمساعدة المهربين كي يتم اتهام تركيا باحتضانه؟

 

كيف قطع الرجل مع عائلته كل تلك المسافة بأمن وأمان ووصل إلى شمال غربي سوريا، مرورا بأماكن تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردي بدعم القوات الأمريكية؟ ولماذا اختار محافظة إدلب؟

مجلة نيوزويك الأمريكية نقلت عن مسؤولين في البنتاغون أن العملية الأمريكية الخاصة التي أدت إلى تصفية البغدادي جرت دون علم تركيا، في محاولة لإظهار تركيا وكأنها تحمي تنظيم داعش الإرهابي وزعيمه، إلا أن وزارة الدفاع التركية أعلنت أن عملية قتل البغدادي جرت بتنسيق وتبادل معلومات بين السلطات التركية والأمريكية. كما أشار الرئيس الأمريكي في المؤتمر الصحفي الذي عقده في البيت الأبيض لإعلان مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي، إلى أن العملية تمت بالتنسيق مع تركيا وروسيا، وشكرهما، ليدحض مزاعم المصادر المجهولة التي تحدثت إلى المجلة الأمريكية.

مبعوث الولايات المتحدة السابق إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، بريت ماكغورك، في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، استغل مقتل البغدادي للهجوم على أنقرة، زاعما أن مقتل زعيم التنظيم الإرهابي في إدلب بالقرب من الحدود التركية يثير أسئلة يجب أن تجيب عليها أنقرة. وكانت هذه المحاولة اليائسة للنيل من تركيا متوقعة من ماكغورك الذي تربطه علاقات وثيقة مع وحدات حماية الشعب الكردي، التابعة لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية.

ويسمى ماكغورك بين عناصر المليشيات الكردية “هوال بريت”، أي “الرفيق بريت” بالكردية، لشدة قربه منهم. ومن الطبيعي أن يستهدف تركيا في كل فرصة؛ لأنه كان يحلم بإقامة دولة لأصدقائه الإرهابيين الانفصاليين في شمال سوريا، وكاد أن يحقق حلمه، لولا التدخل التركي العسكري الذي دمر كافة خططه من خلال عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام.

 

كانت وحدات حماية الشعب الكردي أكبر مستفيد من ظهور تنظيم داعش الإرهابي في الساحة السورية

كانت وحدات حماية الشعب الكردي أكبر مستفيد من ظهور تنظيم داعش الإرهابي في الساحة السورية. ويكفي لمعرفة ذلك مجرد النظر إلى الخرائط التي تظهر أماكن سيطرة الثوار قبل أن يحتلها التنظيم الإرهابي، ليسلمها فيما بعد إلى وحدات حماية الشعب الكردي. ولولا تنظيم أبي بكر البغدادي الإرهابي وغدره بفصائل الثورة السورية؛ لما كانت المليشيات الكردية الانفصالية تمكنت من السيطرة على تلك المساحة الشاسعة ولا تحلم بها. وكانت كذبة “محاربة تنظيم داعش” أكبر ورقة رابحة لـ”رفاق ماكغورك” الذين حاولوا استغلالها إلى أبعد حد لابتزاز الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومنع التدخل التركي العسكري. ومن المؤكد أن تصفية تنظيم داعش الإرهابي وزعيمه في سوريا ضربة كبيرة لوحدات حماية الشعب الكردي؛ التي كانت تبرر جرائمها البشعة بمحاربة هذا التنظيم.

تركيا عانت من إرهاب تنظيم أبي بكر البغدادي الذي قام بهجمات إرهابية دموية في إسطنبول وأنقرة ومدن تركية أخرى ليقتل عشرات من رجال الأمن والمواطنين والمقيمين والسياح. وذكر وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، أن القوات التركية قتلت أكثر من ثلاثة آلاف داعشي في شمال سوريا، وحولي 700 داعشي بالقرب من الموصل. وكان أبو بكر البغدادي قد هدد تركيا وتوعد بالثأر لقتلى التنظيم، في آخر ظهور له في مقطع فيديو عرضه وهو يحمل ملفا عنوانه “ولاية تركيا”، الأمر الذي دفع قوات الأمن التركية إلى تكثيف تدابيرها في المدن التركية الرئيسية.

الفكر المنحرف الذي بنى عليه تنظيم داعش الإرهابي أيديولوجيته ليس له قبول ولا أرضية في المجتمع التركي. وتحارب تركيا التنظيم الدموي فكريا ودينيا، كما تحاربه عسكريا وأمنيا، بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي تبذلها على المستوى الدولي، كي لا تنسب الجرائم البشعة التي ارتكبها التنظيم في سوريا والعراق؛ إلى الإسلام والمسلمين. ولعل الأهم من ذلك، أن نجاح التجربة الديمقراطية التركية في مختلف المجالات ضربة قوية لذاك الفكر الضال الذي يغذي الإرهاب ويسمم عقول الشباب.

.

مقتل البغدادي وموقف تركيا من محاربة داعشبواسطة/ إسماعيل ياشا

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.