لا زالت ردود الفعل تتوالى تجاه انسحاب اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر من مفاوضات موسكو، وتأجيله التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار مع حكومة الوفاق.
وذكرت تقارير إعلامية أن أحد أسباب مغادرة حفتر لموسكو دون توقيع هو اعتباره أن الاتفاق يعني الاعتراف بالحكومة، وذلك سيخدم السياسة التركية، وسيمنح الاتفاقية بينها وبين “الوفاق” شرعية، وهو ما يرفضه حفتر.
مراقبون للمحادثات التي تمت في موسكو أشاروا إلى أن موقف حفتر قد يضغط على حكومة أنقرة، كونه يتحجج بها وبتدخلاتها في الشأن الليبي، ما قد يدفع المجتمع الدولي لإبعاد تركيا عن أي محادثات مستقبلية بين “السراج وحفتر”، وفق تصوراتهم.
من جهة أخرى، قد تستغل أنقرة الأمر في ممارسة ضغوط أكثر على معسكر الجنرال الليبي.
“ضغوط سلبية”
وقال عضو مجلس الدولة الليبي إبراهيم صهد إن عدم توقيع حفتر لم يكن مستغربا؛ كون موقفه هو استمرار الحرب، لكن المستغرب هو “رفضه للتوقيع على وثيقة شاركت روسيا، أحد حلفائه، في صياغتها، والأشد غرابة أن رد فعل موسكو لم يكن متناسبا مع ما أحدثه حفتر من تخريب مبادرتها مع تركيا”.
وأكد ” أن انسحاب حفتر “سيضع تركيا أمام مسؤولياتها بموجب مذكرة التفاهم الأخيرة، ودعمها لحكومة الوفاق حال تعنته، لكن في ظل استمرار سياسة الاسترضاء من قبل المجتمع الدولي، فإن هذا الاسترخاء قد يأخذ أشكالا متعددة وسيؤثر سلبا على مؤتمر برلين”.
“إبعاد تركيا”
ورأى الضابط الليبي ومساعد الحاكم العسكري في نغازي سابقا، العقيد سعيد الفارسي، أن موقف حفتر “سيكون له تأثير سلبي بعض الشيء على تركيا، ومن ثم سوف يحاول المجتمع الدولي إبعاد أنقرة عن الملف الليبي أو المفاوضات المتوقعة قريبا، لكن أعتقد أن تركيا ستفرض نفسها وتتواجد بالقوة خاصة بعد الاتفاقية الأخيرة مع حكومة الوفاق”.
وأوضح ” أن “الدول الداعمة لحفتر إقليميا ستقاتل من أجل الضغط وإبعاد تركيا من المشهد الليبي، خاصة مصر والإمارات والأردن”.
“أنقرة موجودة بقوة”
بدوره، أوضح عضو المؤتمر الوطني العام السابق، عبدالرحمن الديباني، أن “تركيا موجودة بقوة في الملف الليبي، وهي لم تتحرك من تلقاء نفسها، “لذا ستشارك في أي تسوية قادمة، شأنها شأن باقي الدول، بل ستكون مشاركة بقوة كونها تكاد تكون الممسكة وحدها بملف ليبيا الآن”.
وبخصوص تأثير موقف حفتر على دور أنقرة، قال: “ما فعله حفتر سيكون له تأثير سلبي، لكن ليس على تركيا فقط، بل يمتد أيضا إلى روسيا، أحد داعميه، لكن تظل تركيا تفرض نفسها بعدما نجحت في عمل توازن عسكري وسياسي ومنعت طرابلس من السقوط في يد هذا الجنرال وقواته” .
“تحريض إماراتي ومصري”
الكاتب السياسي الليبي المراقب لمحادثات موسكو، فرج فركاش، أوضح أن “رفض الوجود التركي لم يكن من قبل حفتر الذي رضخ لهدنة جاءت من قبل الرئيسين “أردوغان وبوتين”، لكن الرفض جاء من أصوات موالية للإمارات مثل العارف النايض، ومن بعض أنصار النظام السابق الذي وجدوا أنفسهم فجأة خارج اللعبة”.
وأضاف : “الرفض جاء من المعسكر المناهض للتدخل التركي والمتمثل في النظام المصري والإماراتي، وهو في الواقع لا يؤثر كثيرا في المشهد، بل ربما ينقلب على حفتر وداعميه، ويظهر الأخير في موقف ضعف، وأن القرار ليس بيديه، وبتصرفه هذا أحرج نفسه وروسيا وقادتها”.
.
المصدر/ arabi21