لا تحدد الولايات المتحدة جدولا زمنيا محددا لفرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز “إس 400” من روسيا، بينما أنقرة يقل الوقت لديها لحل الخلافات مع واشنطن. حول ذلك تحدث في يوم الأربعاء في مؤتمر صحفي للصحفيين الأجانب مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية كلارك كوبر.
يتحدث العالم السياسي والمحاضر في كلية الدراسات الشرقية في المدرسة العليا للاقتصاد، أندريه تشوبريغين، لماذا الولايات المتحدة تخيف فقط بفرض العقوبات، وكيف يؤثر ذلك على ثقل البلاد السياسي في الشرق الأوسط.
عدم جدوى التخويف من العقوبات
يعتقد الخبير أن الولايات المتحدة تخادع بفرض العقوبات: إنه ليس من المربح بالنسبة لها تدمير العلاقات مع تركيا بشكل كامل ولن يكون هناك شراء للبتريوت أيضا. وتابع يقول: “في البداية، كانوا يعتزمون تخويف الأتراك بالعقوبات، ثم المساومة في بيع صواريخ باتريوت لهم ولكن ذلك لم ينجح: تم تسليم منظومة الدفاع الصاروخية الروسية “إس – 400″ بالفعل إلى تركيا، و لم يعد هناك حاجة إلى الـ باتريوت.وبنفس الوقت، الولايات المتحدة لا تريد أي خلاف مع تركيا، ثاني أكبر جيش في الناتو، فهي تفهم هذا، كما ولن يقوم أحد بطرد تركيا من الناتو، لنفس السبب”.
الباتريوت يخسر أمام إس -400
وفي حديثه عن الرغبة في فرض الجانب الأمريكي على تركيا شراء منظومة باتريوت الأمريكية، أشار تشوبريغين إلى أنه “بالإضافة إلى ذلك، فإن القصف الأخير للمجمعات النفطية في المملكة العربية السعودية، والهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدتين أمريكيتين في العراق، أظهر أنه لا يمكن مقارنة “باتريوت” بمنظومة “إس–400″ من حيث الاستخدام التكتيكي والفعالية، لذلك فإن أي تصعيد حول هذا الموضوع هو ضرب من الغباء”.
أمريكا تحاول كسر الجمود بشكل جميل بينما يحاول البنتاغون الآن إنقاذ ماء الوجه في موقف صعب إلى حد ما خلقوه هم أنفسهم، ولكن لا يزال يتعين على الولايات المتحدة أن تستسلم، وتتراجع عن كل مطالبها تجاه تركيا، وتابع الخبير يقول: “يجب أن يفهموا حقا أن هناك خطرا آخر فيما إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات تتعلق بالمقاتلات الأمريكية من الجيل الجديد لأن تركيا لن تتلكأ حينئذ في شراء المقاتلات الروسية من طراز “سو-57″ وعندها سيبدو الأمريكيون في حالة لا يحسدون عليها. إنهم لا يريدون ذلك. أعتقد أنه يمكنهم تجميد هذه القصة فيما إذا شاركت تركيا في حل المشكلة الليبية. الآن الولايات المتحدة تحتاج إلى أي سبب رسمي لإقفال مزاعمها الغبية”.
هشاشة الموقف الأمريكي في المنطقة
من الواضح أن المواقف الأمريكية في الشرق الأوسط تضعف. هذا الاتجاه مستمر منذ عدة سنوات، فيما يقول أندريه شوبريغين: ” لم تتوقف الولايات المتحدة بعد عن لعب دور العنصر الخارجي الرئيسي في بناء سياسة إقليمية محلية مع كل من المملكة العربية السعودية وإيران. مع المملكة العربية السعودية – يرجع ذلك إلى حقيقة أن الأميركيين لا يزالون أكبر شركاء المملكة وبالنسبة لإيران، فإنها تمثل العدو الأكبر للولايات المتحدة. وعلى خلفية هذا العداء و الصداقة يكون للأميركيين تأثير كبير على كيفية تشكيل جدول الأعمال في الشرق الأوسط. “
تزداد في العالم العربي المشاعر المعادية لأمريكا وللمصالح السعودية في المنطقة بعد اغتيال قاسم سليماني، وهذا لا يخص إيران والعراق فقط. في هذا الصدد، لا تستطيع المملكة العربية السعودية العمل مع أمريكا فقط: للمملكة مصالحها الخاصة، يتابع الخبير بهذا الصدد قائلا: “يزداد المزاج المعادي لأمريكا في الشوارع العربية، فالنخب المحلية لم تعد قادرة على تجاهل هذا الاتجاه. من جهة ثانية، لقد أدركت المملكة العربية السعودية أن الولايات المتحدة لا تخطط للقتال حتى آخر جندي أمريكي في الرياض، لذلك، الشركاء الخارجيون شيء، وما يحدث في المحيط القريب شيء آخر فلا يزال يتعين على المملكة التفاعل مع إيران والتواصل معها بشكل أو باخر وهذا بطبيعة الحال مخالف بالفعل لسياسة ترامب في الشرق الأوسط”.
ميزان القوى في المنطقة سوف يتغير
تمر المنطقة بعمليات جيوسياسية أساسية. الآن هناك عملية لإصلاح ميزان القوى، حيث من الصعب علي أن أقول أين ستقود، ولكن بالطبع، لن يؤدي ذلك إلى حقيقة أن الأمريكيين سوف يتعرضون للضغط وسيغادرون الشرق الأوسط أخيرا، أما الضعف التدريجي للعامل الأمريكي في سياسات الشرق الأوسط هو حقيقة مطلقة.
.
المصدر/ sputniknews