يعتقد محلل أسواق المال المخضرم، ستيفن إيزاكس، أن الأسواق المالية العالمية تواجه أسوأ أزماتها منذ عام 1929، حينما اندلع “الكساد العظيم” الذي تسبب في خسائر حادة للاقتصاد العالمي، وذلك تزامنًا مع تخفيض كبار الاقتصاديين لتوقعاتهم وترجيحهم ركود عالمي.
وقال إيزاكس في مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي”، إنه رغم اتجاه أسواق الأسهم إلى تعويض بعض خسائرها الأخيرة في نهاية الأسبوع الماضي، فإن أزمة فيروس كورونا المستجد “غير مسبوقة”، حيث شهدت الأسواق مستويات غير مسبوقة من الاستدانة.
وتابع رئيس الاستثمار بشركة “آلفين كابيتال” لإدارة الاستثمارات: “مع كل أنواع المشاكل المختبئة في الأسواق، أشعر مرة أخرى بالقلق الشديد من أن تراجع المخاوف كان مؤقتًا، فلا زلنا في حالة صعبة للغاية”.
تراجع مؤشر “إس آند بي 500” (أحد مؤشرات سوق الأسهم الأمريكية الرئيسية) بنحو 30% منذ بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق الشهر الماضي، لكن إيزاكس يعتقد أنه قد يتراجع بنسبة 20% مجددًا.
وأضاف أن الكساد العظيم تسبب في هبوط الأسواق آنذاك هو المقارنة الأقرب للوضع الحالي. بعد انهيار سوق الأسهم في 29 أكتوبر/ تشرين الثاني 1929، انخفض مؤشر “إس آند بي” بنسبة 86٪ في أقل من ثلاث سنوات ولم يستعد مستوياته السابقة حتى عام 1954.
وتابع: “قد يقع ذلك في الفترة بيمن منتصف وأواخر أبريل/ نيسان. إن هذا وضع غير مسبوق، وهذا أسوأ مما حدث عام 2008 أو عام 1987، وهي أسوأ أزمة تضرب الأسواق المالية منذ الكساد الكبير”.
عدلت “آي إتش إس ماركيت” للأبحاث، توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي الحقيقي في عام 2020 إلى 0.7%، حيث أصبح التأثير الاقتصادي الكامل للأزمة أكثر وضوحًا. ويصنف النمو دون 2.0٪ على أنه ركود عالمي.
من المتوقع أيضًا، انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة بنسبة 0.2%، ومنطقة اليورو بنسبة 1.5% واليابان بنسبة 0.8%، بينما من المتوقع أن تشهد الصين، التي نشأ فيها الفيروس، تباطؤًا في النمو من 6.1% إلى 3.9%. (التباطؤ يعني نموًا بوتيرة أقل من السابق، أما الانكماش فيعني تقلص حجم الاقتصاد).
من جانبه خفض مصرف الاستثمار الأمريكي الشهير “جولدمان ساكس”، توقعات النمو لعام 2020 إلى 1.25% على خلفية ارتفاع عدد الإصابات في الولايات المتحدة وأوروبا، والبيانات الاقتصادية “السيئة للغاية” في الصين.
وقال اقتصاديو المصرف في مذكرة لهم: ” سيكون هذا أقل سوءا من فترات الركود العميقة لعامي 1981-82 و2008-2009 ، لكنه أسوأ من فترات الركود الخفيفة في عامي 1991 و 2001″.
ومؤخرًا أقرت العديد من البنوك المركزية والحكومات خاصة في الاقتصادات الكبرى حزم تحفيز مالي ونقدي ضخمة في الأسابيع الأخيرة، أملاً في تهدئة الاضطرابات الاقتصادية الحتمية الناتجة عن السفر الجماعي والإغلاق الصناعي استجابة للوباء.
عالميًا، تجاوزت الإصابات بفيروس كورونا المستجد الذي ظهر لأول مرة في وسط الصين نهاية العام الماضي، 330 ألف إصابة، وأكثر من 14 ألف حالة وفاة، فيما تخطى عدد المتعافين 95 ألفا.
وفي حين كانت أغلب الحالات مسجلة في الصين حتى منتصف الشهر الماضي، فإن مرض “كوفيد 19” انتشر على نحو متسارع في مناطق مختلفة من العالم، وبلغت الإصابات 59 ألفًا في إيطاليا و32 ألفا في الولايات المتحدة، إلى جانب الآلاف في نحو 180 دولة أخرى.
وعُطلت الدراسة في عدد من الدول حول العالم، إلى جانب إلغاء العديد من الفعاليات والأحداث العامة وعزل ملايين المواطنين. كما أوقفت عدة دول الرحلات الجوية والبرية بين بعضها البعض خشية استمرار انتشار الفيروس.
وصنفت منظمة الصحة العالمية يوم 11 مارس/ آذار مرض فيروس كورونا “جائحة” أو “وباء عالميا”، مؤكدة أن أرقام الإصابات ترتفع بسرعة كبيرة، معربة عن قلقها من احتمال تزايد المصابين بشكل كبير.
المصدر: سبوتنيك