وصل صدى الإصلاحات التركية التي بدأت أنقرة بتنفيذها منذ سنوات، بهدف تمكين الاقتصاد المحلي، إلى مقر صندوق النقد الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وأكد أنطونيو سبيليمبرغو المشرف على الشؤون التركية، في صندوق النقد الدولي، على نجاح الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة التركية في البنية الاقتصادية للبلاد.
وفي تصريح أدلى به إلى الأناضول، أعرب “سبيليمبرغو”، عن اعتقاده بأن الحكومة التركية تولي اهتماماً بالغاً للإصلاحات في مجال سوق العمل، ونظام التقاعد الفردي، ورفع مستوى معدلات الادخار المتدنية.
وأضاف أنّ خفض توقعات نمو الاقتصاد التركي للعام الحالي، من 2.9% إلى 2.5%، متعلق بتأثير الأحداث السلبية التي حصلت في تركيا ومنطقة الشرق الأوسط في 2016.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف يوليو/تموز الماضي، محاولة انقلاب نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية، وتصدى لها المواطنون في الشوارع، ولاقت رفضاً من الأحزاب السياسية كافة؛ ما أدى إلى إفشالها.
وفي هذا السياق قال “سبيليمبرغو”: “العام الماضي كنا متفائلين وتوقعنا أن تصل نسبة نمو الاقتصاد التركي إلى 3.8%، لكننا لم نستطع رؤية الغموض السياسي، والتخبطات التي حصلت بعد تموز/ يوليو مسبقاً، لذا أجبرنا على خفض توقعاتنا حول نسبة نمو الاقتصاد التركي للعام الماضي”.
وتباطأ الاقتصاد التركي منذ الربع الثالث 2016، في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة، إلا أنها (أي محاولة الانقلاب)، لم تؤد إلى تخارج أي من الاستثمارات الأجنبية في البلاد.
ووصل نمو الاقتصاد التركي مع نهاية العام المنصرم إلى 2.9%، “وبناءً على تجاربنا السابقة، نعتقد بأنّ تأثير أحداث 2016، ستستمر خلال العام الحالي، لذا قمنا بخفض توقعاتنا لهذا العام إلى حدود 2.5%”، بحسب المسؤول الأممي.
ورفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، خلال وقت سابق من الشهر الجاري، توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي خلال العامين الجاري والمقبل.
وقال بيان صادر عن الوكالة، اليوم الإثنين، إنها رفعت توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي خلال العام الجاري من 2.2% إلى 2.6%.
ولفت “سبيليمبرغو” إلى أنّ قطاع السياحة في تركيا الذي ساهم بشكل ضئيل في رفع مستوى إجمالي الناتج المحلي العام الماضي، سيستغرق بعض الوقت لمعاودة انتعاشه.
وتطرق سبيليمبرغو إلى التغييرات التي أحدثتها هيئة الإحصاء التركية في معطيات وبيانات النمو خلال كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مشيراً أنّ صندوق النقد الدولي اعتمد في توقعاته لنمو الاقتصاد التركي للعام الحالي، على منهجياته الجديدة.
وزاد: “توقعاتنا للعام الماضي كانت تعتمد على المنهجيات القديمة، بينما نعتمد الآن على منهجياتنا الجديدة، لذا لا يمكن مقارنة توقعات العام الماضي، والتي كانت 2.9%، بتوقعات العام الحالي، والتي حُدّدت بنسبة 2.5%، ولفهم المنهجيات الجديدة نحتاج إلى وقت أطول”.
واستطرد “سبيليمبرغو” قائلاً: “إنّ تحديد أرقام النمو مسبقاً عمل صعب، وصندوق النقد الدولي كغيره من المؤسسات، قد يخطئ أحيانا في توقعاته وقد يصيب في أحيان أخرى، غير أنّ احتمال وقوعنا في الخطأ ليس دورياً”.
وأوضح أن تركيا تعاني منذ فترة طويلة من تدني الادخار وانخفاض الانتاجية، مشيراً إلى ضرورة خلق فرص عمل جديدة نظراً لسرعة تزايد نسبة السكان في البلاد.
وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي، ارتفاع معدل البطالة في البلاد إلى 13% حتى فبراير/ شباط مقارنة مع 11.1% قبل عام.
كما دعا سبيليمبرغو إلى ضرورة خلق فرص عمل وإيجاد ظروف اقتصادية مناسبة لملايين اللاجئين الوافدين إلى تركيا من سوريا ودول الجوار.
وفيما يخص عمل البنك المركزي التركي، قال سبيليمبرغو: “إنّ اتباع البنك المركزي التركي سياسات نقدية متشددة ورفع أسعار الفائدة إلى حدود 350 نقطة، سيكون له تأثير على نمو اقتصاد البلاد، وإنّ خروج تركيا من حالة الغموض ودخولها في مرحلة جديدة، يعد خطوة مهمة جداً لتحسين أداء الاقتصاد ورفع مستوى النمو”.
وعن تأثير عملية الانتقال من نظام الحكم البرلماني القائم في تركيا إلى النظام الرئاسي، قال سبيليمبرغو: “الاستقرار السياسي ووضوح مستقبل البلاد وعلو القانون، يعتبر من أهم العوامل المساهمة في نمو اقتصاد البلدان، وهذا ينطبق على تركيا وكافة دول العالم”.