تركيا: التدخل الجوي المباشر في ليبيا غير مطروح

تعتقد أوساط أمريكية وروسية وليبية على حد سواء أن تركيا ربما تستعد خلال الفترة المقبلة إلى إدخال طيرانها الحربي بشكل مباشر في المعركة ضد ميليشيات الجنرال الليبي خليفة حفتر، دعماً لحكومة الوفاق التي بدأت عمليات واسعة في الأسابيع الأخيرة لتأمين العاصمة طرابلس.

مصدر تركي مقرب من الرئاسة رفض تأكيد أو نفي هذه الأنباء والتقديرات، لكنه لفت في تصريح مقتضب لـ«القدس العربي» إلى أن «الأمور تحت السيطرة على الأرض، ومشاركة طائرات حربية تركية بشكل مباشر في المعارك في ليبيا أمر غير مطروح في الوقت الحالي»، مضيفاً: «تركيا أكدت مراراً أنها مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم لحكومة الوفاق الشرعية والمعترف بها من قبل المجتمع الدولي، وإذا تطلب الأمر ستقوم بذلك» .

وكان موقع المونيتور الأمريكي ذكر في تقرير قديم أن تركيا تخطط لإرسال من 6 إلى 8 طائرات حربية إلى ليبيا في إطار تدخلها العسكري لدعم حكومة الوفاق، إلى جانب نظام للإنذار المبكر من قبيل طائرة أواكس.

بعد تسريبات أمريكية وروسية وليبية عن استعدادها لزجّ طيرانها

والأربعاء، نشر موقع «روسيا اليوم» مقالاً لكاتب روسي يدعى إيغور سوبوتين تحت عنوان «تركيا تستعد لمهاجمة ليبيا من الجو»، في حين ادعى أحمد المسماري المتحدث باسم ميليشيات حفتر، الخميس، أن «حكومة الوفاق تحاول اقناع الرأي العام بتدخل القوات الجوية التركية بالطائرات المقاتلة».

وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت حكومة الوفاق الليبية من استخدامها للطائرات المسيّرة التركية في مواجهة ميليشيات حفتر، وتمكنت من السيطرة على 8 مدن في الساحل الغربي أبرزها صبراتة وصرمان، وأطلقت عملية عسكرية واسعة للسيطرة على مدينة ترهونة وإنهاء خطر هجمات ميليشيات حفتر على العاصمة طرابلس.

وفي مقابل التقديرات بقرب تدخل الطائرات الحربية التركية في المعارك الدائرة في ليبيا، تبدو التطورات على الأرض تسير إلى صالح حكومة الوفاق في الأيام الأخيرة بشكل خاص، وأن الطائرات التركية المسيرة نجحت في إحداث فارق في ميزان القوى على الأرض، وبالتالي فإن تدخل الطائرات الحربية التركية غير ملح حالياً إلا في حال حصول تطورات دراماتيكية على الأرض خلال الفترة المقبلة.

كما أن استخدام تركيا لطائراتها الحربية في ليبيا يتطلب نقلها إلى قاعدة عسكرية في الأراضي الليبية، وهو أمر غير متاح حالياً بسبب قرب خطوط الاشتباك وعدم تأمين العاصمة ومطار معيتيقة وقاعدة الوطية بعد، أو استخدام قاعدة عسكرية في دولة مجاورة، وهو أيضاً يبدو صعباً في ظل استبعاد إمكانية موافقة تونس أو الجزائر في حال طلبت تركيا ذلك، ولكن حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى أن تركيا قد طلبت بالفعل من الجزائر أو تونس هذه المساعدة.

لكن خياراً ثالثاً يبقى قائماً لدى تركيا في حال كانت تنوي وترغب بالفعل في شن ضربات بطائراتها الحربية ضد قوات حفتر في ليبيا، وهو انطلاق الطائرات من الأراضي التركية أو القبرصية وإسنادها بطائرات الدعم اللوجستي التي يمكنها تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود في الجو لكي تطير مسافات أطول وتنفذ مهام في مواقع بعيدة عن موقع الانطلاق.

والجمعة الماضية، أعلنت وزارة الدفاع التركية إجراء طائرات وسفن حربية تركية ما وصفتها بـ«تدريبات عسكرية» في البحر الأبيض المتوسط.

وقالت وزارة الدفاع إن سفناً تابعة لقواتها البحرية ترافقها طائرات من سلاح الجو تقوم بتدريبات في البحر الأبيض المتوسط.
وفي الصور التي أرفقتها وزارة الدفاع، تظهر مشاركة طائرات حربية من طراز أف 16 وطائرات أخرى من طراز kc-135 المخصصة لتزويد الطائرات المقاتلة بالوقود في الجو، في حين قالت مصادر ليبية آنذاك إن الطائرات الحربية التركية حلقت بالقرب من السواحل الليبية.

هذه التدريبات، قد تدعم بالفعل أن أنقرة أجرت تدريبات عملية على سيناريو يمكن أن يضطرها لتنفيذ ضربات جوية بطائراتها الحربية في ليبيا، وذلك من خلال تدعيم الطائرات المقاتلة بطائرات التزويد بالوقود في الجو.

ويبدو ان الإصرار الأوروبي على إطلاق عملية بحرية لمراقبة السواحل الليبية يشكل دافعاً لتركيا لكي تسرع خطواتها العسكرية في ليبيا وإكمال خطة تأمين العاصمة طرابلس وطرد قوات حفتر من محيطها، حيث ترى أنقرة في العملية الأوروبية استهدافاً مباشراً للدعم التركي لحكومة الوفاق، ومحاولة لمساعدة حفتر لحسم المعركة عسكرياً على الأرض، كون المساعدات التركية تصل في أغلبها عن طريق البحر، في حين تصل المساعدات العسكرية الإماراتية والمصرية لقوات حفتر براً وجواً.

والأربعاء، صادقت الحكومة الألمانية على مشاركة مئات من القوات الألمانية -قرابة 300 عسكري – في البعثة العسكرية البحرية الجديدة «إيريني» التي أطلقها الاتحاد الأوروبي أخيراً لمراقبة تطبيق حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، وهي العملية التي ترفضها تركيا وتطالب بمراقبة وصول الأسلحة جواً وبراً إلى ميليشيات حفتر.

.

المصدر/ القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.