في ١٩ أبريل الجاري، أعلنت الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان اتّفق مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، خلال مكالمة هاتفية بينهما، على العمل سوياً من أجل مواجهة الخطر الذي يفرضه انتشار جائحة «كورونا» على الصحة العامة وعلى الاقتصاد في البلدين. بالرغم من أنّه لم ترد أية تفاصيل إضافية عمّا دار في الاتصال، فإن الولايات المتّحدة كانت إحدى الدول التي تقدّمت بطلبات للحصول على معدّات وقاية وفحص تركية، وربما تكون قد طلبت المزيد لاحقاً.
وفقاً لخطاب وزير الصحة التركي فخرالدين كوجة، أمام البرلمان في مارس الماضي، فقد قامت تركيا بإرسال حوالي ٥٠٠ ألف وحدة فحص إلى الولايات المتّحدة. البعض داخل تركيا لام الحكومة على التحرّك في هذا الصدد خوفاً من أن يكون ذلك قد تمّ على حساب المواطن التركي، لكن الحكومة التركية كانت تعوّل على قدرة المصنّعين الأتراك على إنتاج المزيد محلّياً لتعويض الكمّيات التي تمّ تصديرها، أو إرسالها لاحقاً كمساعدات دون أن يقوّض ذلك من قدرتها على التعامل مع الجائحة محلّياً.
قناة «سي. أن. أن» التركية ذكرت أن أنقرة أرسلت لاحقاً المزيد إلى الولايات المتّحدة، من خلال إذن رئاسي سمح بتجاوز القيود القانونية التي تمّ وضعها بداية انتشار الفيروس، والتي تمنع تصدير المعدات الأكثر أهمية. علاوة على الأقنعة والبدلات الواقية، قامت أنقرة بإرسال قطع غيار لأجهزة التنفس الصناعي من بين العديد من الأمور التي طلبتها واشنطن. من الواضح أن المبادرة التركية سيكون لها أثر إيجابي على العلاقات التركية – الأميركية، لكن إلى أي حد ستكون قادرة على تجاوز التحدّيات العميقة الموجودة، لا سيما فيما يتعلق بنظام الدفاع الصاروخي الروسي الصنع (أس-٤٠٠)، أو على دور تركيا في برنامج إنتاج مقاتلات (أف-٣٥) المتعددة المهام بعد أن تمّ إخراجها منه مبدئياً، وفرض قيود على إرسال المقاتلات التي تمّ شرائها مسبقاً إليها؟
لقد سمحت الجائحة لأنقرة بأن تعلن إرجاء تشغيل منظومة (أس-٤٠٠) الروسية لعدّة أشهر إلى حين التغلّب على عقبات تقنيّة، بعد أن كانت كشفت نهاية العام الماضي أنه من المقرر تفعيلها في أبريل ٢٠٢٠. وقد قرأ البعض هذا التأجيل على أنه رسالة سياسية أكثر من كونه عقبة تقنية، لا سيما بعد أن كان رئيس الجمهورية قد أعلن سابقاً أن واشنطن خففت من موقفها المتشدد حيال بيع منظومة باتريوت الدفاعية إلى تركيا، وأنهم الآن عند نقطة «نريد منكم وعداً بأنكم لن تجعلوا منظومة أس-400 تعمل».
بالرغم من أن الخارجية الأميركية أشارت إلى أن موقف واشنطن لم يتغيّر، فإن الحديث عن موضوع العقوبات الأميركية المحتملة ضد تركيا على خلفية الاستحواذ على (أس-٤٠٠) قد تراجع الآن بسبب الجائحة وجهود تركيا أيضاً لمساعدة واشنطن في محنتها.
بعض المواقع الأميركية مثل «ذا هيل»، نشرت مقالات تشيد بالمبادرة التركية على المستوى الدولي في مجال مساعدة الدول على مكافحة «كوفيد – ١٩». مركز الأتلانتك كاونسل الأميركي للأبحاث استضاف وزير خارجية تركيا مولود تشاوش أوغلو قبل حوالي أسبوعين في جلسة «ويبينار» عبر الإنترنت للحديث عمّا يجب فعله الآن لتحديد معالم المستقبل، وكيف أن الفيروس يستهدف العمل الجماعي ووحدة الحلفاء.
ربما لن ينهي «كوفيد-19» التباين الأميركي – التركي بشكل تام، لكنّه بالتأكيد فتح ثغرة كبيرة في جدار الخلاف الذي كان قائماً بينهما، وربما يساعد على إيجاد حل وسط إذا ما حفظ الأميركيون جميل التحرّك التركي في هذه الأزمة.
.