أثنت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، على جهود تركيا في مكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، مؤكدة أن أنقرة “حالت دون وقوع كارثة أكبر، وسطّرت قصة نجاح” في هذا الشأن.
وعن هذا النجاح، كتبت مراسلة “بي بي سي” أورلا غيرين، في تقرير حمل اسم “فيروس كورونا: كيف نجحت تركيا في احتواء الوباء”، أشارت فيه إلى أن الفيروس وصل متأخرا إلى تركيا؛ إلا أنه انتشر في فترة قصيرة بعموم البلاد.
وأوضحت غيرين أن “بؤرة الوباء اتسعت في تركيا بسرعة نموّ كانت من بين الأسوأ في العالم – أسوأ من الصين وبريطانيا. وسادت خشية من ارتفاع حصيلة الوفيات بشكل جنوني، ما قد يحوّل تركيا إلى إيطاليا جديدة، إذ كانت إيطاليا في ذلك الوقت الأكثر تضرراً في أوروبا”.
وأكدت أنه “بعد ثلاثة أشهر من تسجيل الحالات الأولى، لم تشهد تركيا تدهورا دراماتيكيا، بالرغم من عدم فرضها الإغلاق التام”
وأفادت غيرين بأن هناك أطباء زعموا أن حصيلة ضحايا الفيروس قد تكون ضعف العدد المعلن؛ لكن النتيجة منخفضة مقارنة مع عدد سكان تركيا البالغ 83 مليون نسمة.
– تركيا ضمن فئة الدول القليلة الناجحة
وقال الأستاذ المحاضر بعلم الفيروسات في جامعة كينت جيريمي روسمان، إن “تركيا نجحت في تفادي كارثة أكبر بكثير”، بحسب الهيئة البريطانية.
وأكد أن “تركيا تنتمي لفئة الدول التي استجابت للأزمة بسرعة، من خلال الاختبارات، وتعقّب المصابين، وعزلهم، وفرض قيود على الحركة”.
وشدد أن تركيا من بين “مجموعة صغيرة من الدول التي اتخذت إجراءات فعالة للغاية للحدّ من انتشار الفيروس”.
بدورها تحدثت الطبيبة التركية، ملك نور أصلان، مديرة الصحة العامة في منطقة الفاتح، عن تعقب انتشار الفيروس، إن الجهات المعنية الطبية بدأت في تعقب الفيروس اعتبارا من 11 مارس/ آذار، اليوم الذي ظهر فيه الفيروس بالبلاد، متسلحة بخبرة عقود في تعقّب الحصبة.
وأضافت “الخطط التي ننفذها اليوم كانت جاهزة، كل ما كان علينا القيام به هو تنفيذها”.
– تركيا قادرة على تقديم دروس في مجال الصحة العامة
من جانبه قال رئيس منظمة الصحة العالمية في تركيا، الطبيب ارشاد شيخ، إن تركيا باتت قادرة على تقديم دروس في مجال الصحة العامة.
وأضاف شيخ “في البداية، كنا قلقين، كنا نرصد 3500 حالة إيجابية في اليوم الواحد. لكن إجراء الاختبارات أثمر، ولم يكن على الناس أن ينتظروا خمس أو ست أيام للحصول على النتيجة”.
ولفت شيخ إلى أهمية الحجر الصحي والعزل وتدابير تعقب حركة التواصل في النجاح بالسيطرة على الوباء.
وأوضحت “بي بي سي” أن تركيا استخدمت دواء هيدروكسي كلوروكين الذي علقت منظمة الصحة العالمية التجارب عليه على مرضى كورونا موقتا، مستدركة أنه من السابق لأوانه تقييم عواقبه.
ولفتت إلى السماح لفريق “بي بي سي” بالدخول إلى مستشفى “الشهيد الدكتور إلهان وارانك” الحكومي بإسطنبول، الذي كان جزءاً من العلاج النموذجي لآلاف المرضى.
وأكدت أن المستشفى الذي أنشئ قبل عامين، يعدّ من الأحدث في هذا المجال، وأنه بمثابة جبهة مشرقة وواسعة في المعركة ضد الفيروس.
وفي مقابلة معه، قال كبير الأطباء في المستشفى، نورالدين يغيت، إنّ السرّ في استخدام عقار “هيدروكسي كلوروكين”(المستخدم في الأساس لعلاج الملاريا)، هو تقديمه للمريض في مرحلة مبكرة.
وأضاف أن “الدول الأخرى تستخدم هذا العقار في وقت متأخر جداً، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. نحن نستخدمه في البداية فقط. لا نشعر بالتردد تجاه هذا الدواء. نعتقد أنّه مفيد لأننا نرى النتيجة”.
وبيّن يغيت، أنه فخور بانخفاض معدّل الوفيات في المستشفى، إذ لم يزد عن 1 بالمئة، وبالأسرة الفارغة في وحدة العناية المركزة.
وقال “حكيم صكوك” (40 عاماً)، الذي غادر العناية المركزة، ويستعد للعودة إلى المنزل: “الجميع اعتنى بي بطريقة ممتازة، كأنني كنت بين ذراعي أمّي”.
وأشار التقرير إلى تعاطي الحكومة التركية مع الوباء في أنقرة، لم ينل الرضا الكامل من نقابة الأطباء الأتراك التي اعتبرت الاستجابة للجائحة “غير كافية”.
وأضاف “وعلى الرغم من ذلك، فإنّ منظمة الصحة العالمية تدين لتركيا ببعض الفضل”.
وأردف ممثل منظمة الصحة العالمية في البلاد الطبيب إرشاد شيخ: “وباء حديث جداً، وكنا نتوقع أن يمرض أناس كثر. شيءٌ ما يسير على ما يرام”.
وأوضح التقرير أن تركيا تمتلك بعض المميزات في حربها ضد كوفيد-19، من بينها انخفاض متوسط الأعمار بين مواطنيها، وعدد كبير من أسرة العناية المركزة.
واختتم بالقول :”وفيما ينظر إلى تركيا كقصة نجاح في الحرب ضد الوباء، لا يزال الأمر يتطلّب الكثير من الحذر، فالقصة لم تصل إلى نهايتها بعد”.
.
المصدر/ A.A