قال المنسق العام لوقف الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي (سيتا)، برهان الدين دوران، إن تفكك مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، سيصبح أمراً حتمياً إذا استمرت قوات الحكومة الليبية المدعومة سياسياً وعسكرياً من تركيا، في تحقيق انتصارات بنفس الوتيرة.
وأضاف دوران، في مقابلة مع الأناضول حول التطورات الأخيرة في ليبيا، أن الوضع الجديد يمكن أن يتيح للحكومة السيطرة على كامل الأراضي الليبية.
وتمكن الجيش الليبي، مؤخرا، من تحقيق انتصارات كبيرة على مليشيا حفتر، التي احتلت مناطق في طرابلس، ضمن هجوم بدأته في 4 أبريل/ نيسان 2019، بدعم من دول عربية وأوروبية، للسيطرة على العاصمة.
وشملت أبرزت الانتصارات تحرير كامل الحدود الإدارية لطرابلس، ومدينة ترهونة، وكامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات بالجبل الغربي.
كما أعلن الجيش الليبي، في 6 يونيو/ حزيران الجاري، إطلاق عملية “دروب النصر” لتحرير مدن وبلدات شرق ووسط البلاد، في مقدمتها سرت والجفرة.
– بدء تحول العشائر لدعم الحكومة
وقال دوران، إن الدول الداعمة لحفتر مثل روسيا ومصر والإمارات والأردن واليونان وفرنسا، ستزيد من دعواتها لوقف إطلاق النار عندما ترى أن سيُمنى بهزيمة كاملة، وستتجه أكثر إلى الطرق الدبلوماسية.
وأوضح دوران، أن دعم بعض الدول مثل روسيا ومصر وفرنسا والإمارات لحفتر أدى إلى تعميق الأزمة في ليبيا.
وأضاف أن مذكرتي التفاهم الموقعتين بين تركيا والحكومة الليبية حددتا مناطق الصلاحية البحرية، والتعاون الأمن العسكري بين البلدين.
وشدد دوران، على ضرورة دعم كل الدول للحكومة الشرعية في ليبيا مثلما فعلت تركيا والأمم المتحدة.
ولفت إلى أن قطر وإيطاليا تدعمان أيضاً الحكومة الليبية إلا أن الدعم الحقيقي تقدمه تركيا.
وأشار إلى أن تدخل تركيا غيّر مجريات الأحداث في ليبيا بعد أن كانت مليشيا حفتر قد أحرزت تفوقاً عسكرياً على القوات الحكومية، وكانت على وشك دخول طرابلس بفضل الدعم المقدم من الإمارات ومصر وروسيا والأردن، إضافة إلى مرتزقة شركة فاغنر الروسية.
وتابع: “لولا التدخل التركي لسقطت طرابلس ولكانت ليبيا الآن تدار من قبل إدارة عسكرية ترعى مصالح الجهات الخارجية. ولكانت البلاد وشعبها رهينة لهذا الوضع لمدة 50 عاماً.”
واستطرد أن الطائرات المسيرة التركية والاستشارات العسكرية التي قدمها الضباط الأتراك، إضافة إلى الجهود الدبلوماسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أدت إلى تغيير الوضع تمامًا في ليبيا، وأن هذا الوضع جعل الكثير من القوات المحايدة أو المقربة من حفتر، إضافة إلى بعض القبائل، تغير موقفها إلى دعم الحكومة بدلاً من حفتر.
ولفت دوران إلى أن هدف الجيش الليبي عقب تحرير طرابلس ومدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس) سيكون التوجه نحو مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) ما يعني أن الحكومة ستكون أجهضت كل الجهود والمكاسب التي حققها حفتر على مدار عام كامل.
** إرسال طائرات روسية للمنطقة
وأوضح دوران، أن إرسال روسيا طائرات حربية إلى المنطقة، أظهر أن هناك احتمالاً أن تكتسب الأزمة أبعاداً جديدة، كما صرحت بذلك قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم).
واستطرد: “يمكن أن تتغير التوازنات في ليبيا فجأة. ويمكن أن يتفكك التحالف الداعم لحفتر، مما يعني سيطرة الحكومة على كامل البلاد. إلا أنني اعتقد أن هناك قوى معينة لا ترغب في حدوث ذلك. وستبذل كل من الإمارات ومصر وفرنسا وروسيا واليونان كل ما في وسعها لعرقلته”.
وأضاف: “أعتقد أن هذه الدول عندما ترى أن الوضع يقترب من نقطة البداية عند بدء هجمات حفتر في 4 أبريل/ نيسان 2019، ستحاول اللجوء إلى طاولة المفاوضات في محاولة منها لحماية مصالحها”.
** التفوق العسكري والمعنوي في صالح الحكومة الليبية
وقال دوران، إنه مع السيطرة على مطار طرابلس القديم، والتقدم على الأرض، أصبح التفوق المعنوي والقدرة على تنفيذ هجمات جوية في صف الحكومة.
ولفت إلى أن أغلب المناطق الغنية بالبترول تقع شرقي ليبيا، وأن قسما كبيرا منها تحت سيطرة حفتر.
وأردف أن الدول التي لديها أطماع تجارية بخصوص البترول الليبي، لا ترغب في رؤية تركيا بالمنطقة.
وأشار دوران، إلى أن بدء تركيا في التنقيب عن البترول مع الحكومة الليبية، إضافة إلى تحديد مناطق الصلاحية البحرية شرقي المتوسط، أزعج العديد من الدول.
وتابع: “فرنسا على وجه الخصوص، لا ترغب في رؤية تركيا قوية لهذه الدرجة في شمال إفريقيا، لأنها تريد تسيير مصالحها المستمرة منذ عهد المستعمرات. وقوة تركيا لهذه الدرجة في شمال إفريقيا يمكن أن تقف عائقا أمامها”.
أما إيطاليا التي تملك أكبر الاستثمارات النفطية في ليبيا، فقال دوران، إنها “وإن كانت غير منزعجة من تدخل تركيا فهي أيضاً لا ترغب في نجاحها تماماً”.
وبالنسبة للموقف المصري، قال إنه “واضح تماماً. ليبيا لديها بترول ومصر ترغب في تأسيس نفوذ لها هناك، وكانت القاهرة تخطط لفعل ذلك عبر حفتر. ودخول تركيا سيحد من نفوذها في ليبيا”.
** روسيا تلعب على حبلين
وأوضح دوران، أن روسيا تلعب على حبلين في الملف الليبي، إلا أن دعمها لحفتر واضح للعيان وإن حاولت مواصلة علاقاتها مع كلا الطرفين.
ولفت إلى أن روسيا سترى هزيمة حفتر على أنه فقدان لهيبتها، بينما دول أخرى مثل تونس والجزائر وقطر وإيطاليا مرتاحة لقوة تركيا وحمايتها الحكومة الشرعية في ليبيا.
** إيقاف التوسع اليوناني في شرق المتوسط
وشدد دوران، على أنه لا صحة للادعاءات التي تقول إن تركيا ترغب في تأسيس دولة عثمانية جديدة، وأن لها أهداف توسعية.
وأضاف أنه بالنظر إلى ما يحدث فعلا في ليبيا وفي شرق المتوسط يتضح أن تركيا اتخذت موقفاً مؤيداً للأمم المتحدة وللقانون الدولي، وأنها ساندت الشعب الليبي.
وأشار أن تركيا أظهرت، بصفتها واحدة من أهم الدول في شرق المتوسط، أنه لن يتم أي اتفاق في المنطقة بدونها.
وأوضح دوران، أن التواجد التركي سيتيح التقسيم العادل للثروات في شرق المتوسط وسيمنع التوسع اليوناني، فضلا عن مساهمته الكبيرة في استقرار وأمن أوروبا.
المصدر: الاناضول