قالت صحيفة محلية تركية، إن دول الاتحاد الأوروبي، باتت في حيرة بالتعامل مع “تركيا الجديدة”، مشيرة إلى الحملات الإعلامية التي تهاجم الرئيس رجب طيب أردوغان، بسبب المواقف التركية تجاه شرق المتوسط وليبيا وسوريا، وأخيرا إعادة اعتبار “آيا صوفيا” مسجدا.
وقالت صحيفة “صباح” في تقرير ، إن إعادة اعتبار “آيا صوفيا” مسجدا، بعد سنوات طويلة، أدى لزيادة كبيرة في التقارير التي تهاجم أردوغان بوسائل الإعلام الغربية.
وأضافت أن جميعها مليئة تقريبا بتعليقات “التجريم” و”قراءة نوايا” لسياسات الرئيس التركي.
“الحرب على أبوابنا”
وأشارت إلى أن مجلة “لو بوان” الفرنسية، وضعت في واجهة غلافها، صورة لأردوغان، خلال حفل تدشين فرقاطة تركية، معلقة عليها بكلمات: “آيا صوفيا، سوريا، ليبيا، شرق المتوسط، أردوغان والحرب على أبوابنا”.
وأوضحت أن المجلة الفرنسية، أرادت ترجمة مخاوف الرئيس إيمانويل ماكرون، بسبب الدور التركي في ليبيا، وعبارة “الحرب على أبوابنا”، إشارة إلى أن المصالح الفرنسية في شمال أفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط باتت معرضة للخطر.
وأضافت، أن اختيار المجلة الفرنسية، للكلمات الأربع “آيا صوفيا-سوريا- ليبيا- البحر المتوسط” تحمل معاني وليست محض مصادفة على الإطلاق، والمقصود فيها خطوات السياسة الخارجية الجديدة التي اتخذتها تركيا بعد محاولة الانقلاب 15 تموز/ يوليو 2016، إلى جانب الخطوة الجريئة التي اتخذتها بشأن “آيا صوفيا”.
“العثماني الجديد”
وأشارت إلى أنه منذ عام 2009، بعد انسحابه من مؤتمر “دافوس”، بدأت وسائل الإعلام الغربية بوصف أردوغان بـ”الإسلامي” و”العثماني الجديد” و”الاستبدادي” و”السلطان”، لافتة إلى أن هذه التوصيفات التي تزايدت بعد عام 2013، اتخذت بعدا جديدا بعد عام 2016 (بعد محاولة الانقلاب بتركيا).
وأوضحت، أن الإعلام الغربي بات يصف أردوغان، الذي برز كزعيم نشط في النظام الدولي، سواء بلغته الخطابية، أو مبادراته الجديدة، بالشخصية “التواقة إلى الإمبراطورية”، وتستعرض ذلك على أنه تحول لتركيا من “الديمقراطية- العلمانية- الغربية” إلى بلد “إسلامي- استبدادي- شرقي”، وفي بعض الأحيان تصفها بـ”إيدلوجية قائمة على الابتعاد عن الأتاتوركية”.
وشددت الصحيفة، على أن كافة هذه التوصيفات، هدفها إدانة الدور التركي الجديد في المنطقة، في ظل متابعة العواصم الأوروبية لأنقرة في قضايا عدة.
الاتحاد الأوروبي في حيرة
وأضافت، أن دول الاتحاد الأوروبي باتت في حيرة أمام “تركيا الجديدة”، ولا ترى لا إنهاء مفاوضات عضويتها في الاتحاد، ولا التهديدات بفرض عقوبات، ولا تقديم مزيد من المال، كحلول معها.
وأشارت إلى أن الأوساط المعادية لتركيا في الاتحاد الأوروبي، وخاصة اليونان، تبث هاجس “الخوف من العثمانيين”، وتتحدث عن فرض عقوبات على أنقرة، لكن هناك العديد من الأشخاص مثل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، تحدث عن أهمية تطوير العلاقات مع تركيا بدل الخوض بـ”الحملات الصليبية”.
وأكدت الصحيفة، أن هناك العديد من العناوين، من أجل العمل مع تركيا، مثل: اللاجئين- مكافحة الإرهاب- مجال الطاقة- سوريا- ليبيا- شرق المتوسط- شمال أفريقيا- الناتو- روسيا.. إلخ”.
عصر الامبراطوريات انتهى.. عهد “الدولة القومية القوية”
وشددت، على أنه ليس من الصواب، وصف سياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يحكم البلاد منذ 18 عاما، وتحالف الجمهور القائم منذ أربع سنوات بأنه “تواق إلى الإمبراطورية”.
وشددت على أن “عصر الإمبراطوريات” قد انتهى، ونعيش اليوم في عالم تبرز فيه “الدول القومية القوية”.
ما سبب السياسة التركية الجديدة؟
وأوضحت أن الاضطرابات العالمية والإقليمية، هي التي ساهمت في إجبار تركيا على القيام بأنشطة عسكرية جديدة.
ولفتت إلى أن تركيا هي آخر الدول الفاعلة، التي شاركت عسكريا في معادلات سوريا والعراق وشرق المتوسط وليبيا، وليس لها أي دافع “توسعي قائم على الإمبراطورية”، بل تدخلاتها مبنية على حماية مصالح أمنها القومي.
وذكرت أن الأسباب التي تقف خلف السياسة الجديدة لتركيا، هي على سبيل المثال، فراغ القوة الذي أحدثته انسحابات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أن حلفاء تركيا في الغرب هم من جعلوها تضطر للعمل مع روسيا في سوريا، ناهيك عن الحراك الأمريكي والفرنسي تجاه الوحدات الكردية وتسليحهم في شمال شرق سوريا (على الحدود مع تركيا).
ونوهت إلى أن الجهات الفاعلة تزيد نشاطاتها في تلك المناطق دون أي انتقاد، كما أنه وبصرف النظر عن السياسة الإيديولوجية التوسعية لإيران، برزت روسيا مؤخرا على الواجهة.
وأوضحت أن الكرملين، يستعد للسيطرة على شمال أفريقيا بوضع قدمه في ليبيا بعد سوريا، ومع الهجوم الذي نفذته القوات الأرمينية على أذربيجان، فإنه يضيف حلقة جديدة له في صراعات المنطقة.
وأضافت، أن الإمارات أيضا على سبيل المثال، تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة بعملياتها التي تمتد من اليمن إلى ليبيا، وتونس والمغرب وموريتانيا، والصومال، تماشيا مع سياسات إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط.
وختمت الصحيفة، بأن مفهوم “الدولة القومية القوية” مرشح لأن يكون السائد في المنطقة على المدى الطويل.
.
المصدر/ arabi21