أكدت صحيفة إسرائيلية، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، عمل جاهدا على أن تكون تركيا دولة عظمى إقليمية، ونجما صاعدا في نظام عالمي جديد يخطط له، لا يمكن لأحد أن يوقفها.
وأشارت صحيفة “هآرتس” العبرية، في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، إلى أن “صك الأسنان للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. إزاء سلوك الرئيس التركي أردوغان في شرق البحر المتوسط، سمع جيدا في كل المنطقة”.
ولفتت إلى أن ردود واشنطن وأوروبا، “تناولت مناورة أردوغان، عندما أعلن بأنه ينوي أن يمدد حتى 27 تشرين الأول/أكتوبر الحالي. التنقيب عن النفط في أحد الأقسام البحرية قرب تركيا، التي كان من المنتظر أن تنتهي أمس، بحسب بيان سابق لأنقرة”.
ورأت أن “تركيا كانت مستعدة للعودة لطاولة المفاوضات، ولكن الرئيس أردوغان كان لديه خطته الخاصة” منوهة إلى أنه “منذ أسابيع يتزايد الخطاب السياسي عن الحاجة لفرض عقوبات اقتصادية أو حظر عسكري على تركيا، إذا لم توقف التنقيب. وللحظة كان يبدو أن الاتحاد الأوروبي مستعدا لاتخاذ مثل هذه الخطوة الشديدة، ولكن عندما انعقدت قمة زعماء الاتحاد الجمعة الماضي. قضية السلوك التركي لم تطرح للنقاش”.
وقدرت أن ” الخلاف في صفوف الاتحاد بين ألمانيا، إسبانيا، إيطاليا، مالطا وهنغاريا التي تعارض العقوبات وبين فرنسا تخدم جيدا أردوغان. حيث تخشى تلك الدول الخمسة من أن يرسل أردوغان موجة جديدة من اللاجئين لأراضيها في حال فرضت عقوبات”.
ونوهت الصحيفة إلى أن “تركيا هددت في السابق عدة مرات بفتح الحدود لوقف مبادرات أوروبية استهدفت ضبطها. سواء في مسألة التنقيب في البحر أو في تدخلها في سوريا”، معتبرة أن “تأجيل النقاش حول صد تركيا لشهر كانون الأول/ديسمبر المقبل. غير منفصل عن موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية”.
وأضافت: “رغم الصراخ الذي يسمع من وزارة الخارجية الأمريكية، إلا أن العلاقة بين أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ممتازة، حيث صد الأخير بجسده نية الكونغرس والناتو فرض عقوبات على تركيا عندما اشترت صواريخ “اس 400″ من روسيا”.
مؤلم لروسيا
وبينت أن “أردوغان وعد ترامب، بأنه لن يدخل الصواريخ للاستخدام الفعلي قبل الانتخابات. ولكن في الأسبوع الماضي أجرت تركيا تجربة عملياتية للصواريخ، ورغم إبعاد تركيا عن برنامج بناء طائرات “أف 35″. لكنها ستواصل إنتاج أجزاء لصالح هذه الطائرات”.
وبشأن الحرب في “قره باغ”، ترامب بحسب “هآرتس”، “يفضل ألا يصطدم مع أردوغان، وانضم لدعوات فرنسا وروسيا لتطبيق وقف إطلاق النار. ولكن منذ ذلك الحين وقف بصمت، واقترح فقط أن تستضيف الولايات المتحدة المفاوضات”.
وأفادت أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، “لم يتحدث عبثا عندما أعلن في الأسبوع الماضي. أن “روسيا لم تعتبر في أي يوم تركيا حليفة استراتيجية، بل شريكة مقربة”، ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا يعتبر نفسه ملزما بعلاقات شخصية جيدة مع أردوغان. عندما تقوم تركيا بالدوس على مكان مؤلم لروسيا.
واعتبرت الصحيفة، أن “الانتظار المتلهف للانتخابات الأمريكية، وبأن انتخاب جو بايدن سيؤدي إلى تغيير جوهري في سياسة واشنطن تجاه تركيا. مضلل، لأن تهديد اللاجئين الذي تخشاه أوروبا سيبقى ساريا دون صلة بالشخص الذي سيجلس في البيت الابيض. والنزاع بين تركيا واليونان سيلزم الاتحاد الأوروبي بأن يحله بنفسه، ولن يسمح لواشنطن بأن تحدد قواعد اللعب في شرق البحر المتوسط”.
ولمن “ينتظر انقلابا في السياسة الدولية للوي إرادة أردوغان، عليه أن يتذكر أن الرئيس التركي. أرسل رسالة حاسمة وواضحة حينما قال: “كل الطرق بما في ذلك هجمات إرهابية، محاولات انقلاب، أفخاخ اقتصادية وجهود لعزلنا، وجهت لإبعاد تركيا عن أهدافها. نحن نجحنا في إحباط كل هذه الهجمات والمؤامرات”.
وتابع: “معظم المؤسسات الدولية والدول التي تدعي الديمقراطية كشف وجهها الحقيقي تجاهنا، تركيا أصبحت أقوى وأكبر. مجالات مصالحها، الأمور التي تتدخل فيها بصورة مباشرة وغير مباشرة، تزداد بصورة طبيعية معها”.
في كل مكان
ومع توسع نشاط تركيا؛ في القضية الفلسطينية، الحرب في ليبيا، الحرب في “قره باغ”، التنقيب في البحر، سوريا وحلف الدفاع مع قطر. أكدت “هآرتس”، أن “أردوغان يعد بأن تركيا، ستكون في كل مكان، ولن يستطيع أحد وقفها” .موضحة أن “أردوغان قام ببناء تركيا كدولة عظمى إقليمية، وكقوة سياسية لا يمكن تجاهلها أو الاستخفاف بها، دولة مستعدة لمواجهة أوروبا وروسيا والولايات المتحدة”.
وتحدثت عن الجهود السعودية في مقاطعة المنتجات التركية، ردا على تصريحات الرئيس التركي أردوغان. التي تناولت قضية قتل الكاتب السعودي الشهير، جمال خاشقجي، منوهة أن “رئيس مكتب التجارة السعودي. عجلان العجلان، تبنى شعار حركة المقاطعة “بي.دي.أس” ضد إسرائيل وقام بنسخه للسعودية. حيث يبلغ الضرر المقدر للاقتصاد التركي من مقاطعة السعودية نحو 3 مليارات دولار”.
ولكن أردوغان، “كان له موقف لاذع بشكل خاص على هذه المقاطعة حينما قال: “يجب ألا ننسى أن هذه الدول (دول الخليج) لن تكون موجودة غدا. لكن نحن سنواصل رفع رايتنا في المنطقة إلى الأبد، إن شاء الله”.
ونبهت الصحيفة العبرية إلى أن “الرئيس التركي يسوق رؤيته التي تقول؛ إن دول أوروبا والولايات المتحدة، بحاجة إليها أكثر مما هي تركيا بحاجة إليهم. ويشرح بأن النظام العالمي القديم، التحالفات والكتل التقليدية، التفاهمات والاتفاقات التي وضعت حتى الآن. تنهار وتخلي مكانها لموازين قوى جديدة، وأن “تركيا هي النجم الصاعد للتوجهات الدولية والإقليمية الجديدة هذه”.
وبحسب “هآرتس”، هذا “تشخيص صحيح عندما نفحص الهزات التي مر بها الشرق الأوسط في العقد الأخير. وتراجع قوة ومكانة أمريكا في عهد ترامب وتقوقع أوروبا على نفسها”، منبهة أن “رؤية أردوغان المحمية. تقتضي أن نفحص جيدا التداعيات الخطيرة لبروز زعيم إقليمي يمتلك قوة عسكرية عظمى ويعلن بأنه لم يعد ملزما بالترتيبات القائمة”.
ورأت أن “مواجهة تركيا مع اليونان حول التنقيب عن النفط، من شأنه أن يتضح كمحاولة لتنفيذ الاستراتيجية الجديدة لأردوغان. وليس فقط كنزاع اقتصادي بين الدولتين”.
.
المصدر/ arabi21