لم يتوقف الاقتصاد التركي عن تسجيل الأرقام الإيجابية، وهو الذي تجاوز التبعات الأصعب لتفشي جائحة كورونا، وما سبقها من ضغوطات خارجية على الليرة أو محاولة الانقلاب الفاشل.
وعلى الرغم من الظروف غير المواتية عالميا، إلا أن تركيا احتفظت بموقعها قبلة مفضلة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، طيلة عقدين، مدعومة بحزم تحفيز استثمارية.
وأسهمت ميزات أخرى تتمتع بها تركيا، في زيادة تنافسية البلاد كقبلة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، منها الموقع الاستراتيجي، والبيئة الاستثمارية المناسبة، والآليات الشاملة المحفزة على الاستثمار، وسهولة التصدير لدول الجوار.
واتبعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا مسارا مشابها لتوزيع النشاط الاقتصادي العالمي منذ 2002 حتى الآن.
وتجاوز حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا 165 مليار دولار في الفترة من يناير/ كانون الثاني 2002- نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
وخلال هذه الفترة، تم تنفيذ 62.4 بالمئة من هذه الاستثمارات في قطاع الخدمات، بينما كان 24.2 بالمئة منها في قطاع التصنيع، و11 بالمئة في قطاع الطاقة، و2.4 بالمئة في الزراعة والتعدين.
وعلى صعيد أكثر القطاعات الفرعية لقطاع الخدمات التي نُفذت بها استثمارات مباشرة، فقد استحوذ قطاع التمويل والتأمين على نسبة 32.9 بالمئة، وقطاع الاتصالات على 8.8 بالمئة وتجارة التجزئة والجملة على 6.8 بالمئة من إجمالي الاستثمارات.
أما بالنسبة للقطاعات الفرعية بقطاع التصنيع، فاستحوذت قطاعات الأغذية والمنتجات الكيماوية وتصنيع المنتجات البترولية على النصيب الأكبر من الاستثمارات المباشرة.
وبالنظر إلى توزيع الاستثمارات المباشرة في تركيا من حيث الدول المستثمرة، يلاحظ استحواذ دول الاتحاد الأوروبي على النصيب الأكبر من الاستثمارات المباشرة في تركيا، بالتوازي مع العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا والتكتل.
واحتلت استثمارات دول الاتحاد الأوروبي المرتبة الأولى في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا بنسبة 67 بالمئة بقيمة 110.4 مليارات دولار.
بينما احتلت دول آسيا المرتبة الثانية بنسبة 18 بالمئة بقيمة 29.1 مليار دولار، أما دول القارة الأمريكية فتأتي في المرتبة الثالثة بنسبة 9 بالمئة بقيمة 14.3 مليار دولار، وذلك في الفترة من 2002 إلى 2020.
ومن حيث الدول فإن أكبر 10 دول مستثمرة في تركيا، هي هولندا والولايات المتحدة وبريطانيا والنمسا وألمانيا ولوكسمبورغ وإسبانيا وبلجيكا وفرنسا وأذربيجان
** المساواة بين المستثمرين
تنص قوانين الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا، على المساواة في المعاملة بين المستثمرين الأجانب والمستثمرين المحليين.
وتتمتع تركيا بمزايا تقدم فرص جذب للمستثمرين في العديد من القطاعات؛ منها الموقع الاستراتيجي، واتساع السوق المحلية، والبيئة الاستثمارية المناسبة، والآليات الشاملة المحفزة على الاستثمار، وسهولة التصدير لدول الجوار.
وتوجد في تركيا آلية تحفيز شاملة للاستثمارات، تتم بالتنسيق مع وزارة الصناعة والتكنولوجيا، تتعلق بمكان الاستثمار وقيمته والقطاع الذي سيتم به الاستثمار.
وفي هذا الإطار توفر الدولة للمستثمرين فرصا مثل الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة، وتخفيضات على الرسوم الجمركية وإعفاء من الضريبة الجمركية، وتخصيص مكان للاستثمار وغيرها من الفرص والإمكانات.
تنشط الاستثمارات كذلك، في القطاعات ذات القيمة المضافة المرتفعة، والقطاعات التي تركز على البحث والتطوير والابتكار والتي تساعد على تحقيق التحول التكنولوجي، والقطاعات التي تساعد على ضمان أمن المعروض.
ومن أبرز هذه القطاعات تكنولوجيا الطاقة، والتقنيات الطبية، واللوجستيات، والبتروكيماويات، والتكنولوجيا الحيوية، وصناعة السيارات، والنقل بالسكك الحديدية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصناعات الدفاعية، وتكنولوجيا الفضاء، وتقنيات الصناعات الزراعية، والقطاعات التي تركز على البحث والتطوير.
– استمرار الإصلاحات
يقوم مجلس التنسيق لتحسين البيئة الاستثمارية (YOİKK) بمناقشة الإجراءات والخطوات اللازمة لتحسين بيئة الاستثمار وزيادة الاستثمارات؛ ويضم الوزارات والهيئات الحكومية المسؤولة عن الاستثمار وأبرز منظمات المجتمع المدني في مجال الأعمال.
ووضع مجلس التنسيق لتحسين البيئة الاستثمارية خطة عمل تضم 42 مادة في 8 مجالات وقطاعات مختلفة لعام 2019- 2020، نُفذ منها 37 مادة نتيجة لجهود المؤسسات والمنظمات المعنية.