قال السفير السعودي في تركيا وليد الخريجي، إن الخلاف بين بلاده وقطر “سياسي وأمني ولم يكن عسكريا قط، ولا يستهدف سيادتها بأي حال من الأحوال”.
وبحسب الاناضول” أكد السفير، حرص بلاده على “أمن وسلامة قطر”.
ورغم إقراره بأن “المبدأ السيادي للدول يحفظ لقطر الحق في الممارسات السياسية”، إلا أنه أوضح أن الإجراءات المتخذة ضدها “إنما تأتي في المقام الأول لحمايتها من تبعات الأعمال غير المحسوبة”.
ونفى السفير الخريجي، أن تكون الدول الخليجية تفرض حصارا على قطر، وقال “الحصار عادة يتم عن طريق قرارات الأمم المتحدة، أما المقاطعة فهي أمر سيادي يقوم به كل بلد لحماية أمنه الوطني”.
واستدل في ذلك بوصول “ما يزيد عن 100 رحلة جوية تركية الى الدوحة، محملة بالبضائع التركية” مؤخرا.
وحول ما إذا كانت واشنطن تسعى للوقيعة بين السعودية وقطر من خلال توقيع صفقات سلاح ضخمة معهما، أجاب الخريجي، أن “أمريكا دولة كبرى، ودولة مؤسسات في نظامها السياسي، ولها سياساتها المؤسساتية المستقلة، ومن الطبيعي أن تنظر إلى مصالحها شأنها شأن أي دولة أخرى”.
وأضاف أن الاتفاقيات الأمنية المشتركة بين السعودية وأمريكا، “أحد ثوابت سياسة المملكة الدفاعية، فلا غرابة أن تعقد المملكة صفقات أسلحة معها لحماية أمنها الوطني”.
ومن جانب آخر اعتبر السفير السعودي، توقيع قطر مع الولايات المتحدة الأمريكية على صفقات أسلحة “شأنا يخص الدولتين”.
وردا على سؤال حول مدى ارتباط مقاطعة بعض الدول الخليجية لقطر، بإدارة الرئيس ترامب وقمة الرياض الأخيرة، قال الخريجي، إن “القمة كانت رسالة وفرصة أخيرة لقطر لتراجع تصرفاتها، وتصحيح مسارها والتوقف عن دعم وتمويل الإرهابيين والكيانات الإرهابية”.
وأشار في هذا الصدد إلى أن كلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر استمرت “على مدى سنوات تطالب قطر الكف عمّا يزعزع أمنها ويخالف الاتفاقات الموقعة بينها ثنائيا وجماعيا في إطار مجلس التعاون الخليجي”.
وأضاف “تحاورنا مع قطر كثيرا خلال 20 عاما، وتعهدت لنا كثيرا، وأهم هذه التعهدات كان في اتفاق الرياض في 2013، والاتفاق التكميلي في 2014، ولكن الدوحة نكثت الوعود ولم تحترم هذه الاتفاقيات”.
لكن السفير السعودي شدد في الوقت نفسه أنهم رغم المقاطعة لا يرفضون “الحوار عندما يكون بناءً ومفيدا، وفي الأزمة الحالية المهم أن تلتزم قطر بإيقاف دعمها للإرهاب والتطرف، فمسألة تحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب مسألة لا مساومة ولا نقاش فيها”.
وردا على سؤال حول دور الإمارات في الأزمة الحالية، ومدى تجاوزها حتى دور السعودية في المنطقة، قال الخريجي: “المملكة رائدة للعالم الإسلامي، والإمارات دولة شقيقة لها سيادة، وكلا الدولتان تتصرفان وفق المنظومة المتفق عليها في مجلس التعاون الخليجي”.
ولفت في هذا الصدد إلى أن “تركيا نفسها لها علاقات جيدة مع الإمارات وباقي دول الخليج العربي، والاستثمارات الإماراتية في تركيا هي الأعلى بين دول الخليج في السنوات العشر الماضية، وذلك حسب الإحصاءات التركية الرسمية”.
وحول تلهف العالم لمعرفة الأدلة التي تمتلكها الدول المقاطعة والتي تثبت تورط قطر في دعم الإرهاب، أشار الدبلوماسي السعودي إلى أن “المملكة نفسها كانت هدفا للعمليات الإرهابية ومنها تلك المدعومة والممولة من قطر، منها مساهمتها في محاولة اغتيال الملك عبد الله بن عبد العزيز، بالتعاون مع نظام القذافي (الزعيم الليبي الراحل) في 2003”.
ولفت في نفس السياق، إلى أن “مؤسسات أمريكية؛ منها الخزانة الأمريكية، لديها أسماء (متهمين بالإرهاب) مطابقة (لقوائم سلمتها الدول الأربعة إلى قطر) توضح طبيعة الجرائم، كما أن الاتهامات لقطر سبق لحكومات أخرى أن صرحت بمثلها من بينها الحكومة الأمريكية”.
كما جدد السفير السعودي اتهام قطر بالتورط في “رعاية ودعم جماعات إرهابية وطائفية منها تنظيمات داعش، وجبهة النصرة المتربطة بتنظيم القاعدة، وأحرار البحرين، وحزب الله، وبعض ممن ينتسبون لجماعة الاخوان ويقومون بأعمال إرهابية، وسرايا الدفاع عن بنغازي في ليبيا، وغيرها، إضافة إلى دعم نشاطات جماعات إرهابية مدعومة من إيران في المملكة ومساندة الحوثيين في اليمن”.
وبشأن دعوة الرئيس أردوغان، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ككبير منطقة الخليج، لأن يحل هذه الأزمة، قال الخريجي: “الملك سلمان، ليس كبير منطقة الخليج وحسب، وإنما هو خادم الحرمين الشريفين، والمملكة قِبلة المسلمين، وقد بذل جهدا كبيرا لكي تكون قطر ضمن السياق الخليجي، وقوبل صبره على الدوحة بالتمادي في المواقف القطرية التي تضر بمصلحة دول مجلس التعاون ككل”.
وحول إمكانية أن يتسبب الإعلام في توتير العلاقات بين البلدين(السعودية وتركيا)، أجاب الخريجي، أن “تركيا والإعلام التركي اتخذا في بداية الأزمة موقفا متزنا إلى حد ما، إلا أنه بعد فترة قصيرة بدأنا نلاحظ اصطفاف تركي قطري، وهجوم صريح ومبطن من الإعلام التركي على المملكة نال البعض منه من رموزها”.
وتساءل “هل تتصور أن يكون الإعلام السعودي ملتزما الصمت دون توضيح الحقائق والرد على المغالطات؟.. ومن هذه المغالطات تحوير ما قامت به الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) من قطع علاقاتها مع قطر ووصفه بالحصار”.
وحول الأسباب التي دفعت السعودية لاعتبار القاعدة التركية في قطر خطرا عليها، رد الخريجي، “نحن نعلم أن هناك اتفاقية لإنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر، ولكن المستغرب في بداية الأزمة إسراع تركيا في الموافقة التشريعية على إرسال جنودها ومعدات عسكرية إلى قطر”.
وبشأن مقترح إنشاء قاعدة تركية عسكرية في السعودية، صرح السفير أن “أنقرة تعلم جيدا أن المملكة ليست في حاجة إلى ذلك، والقوات السعودية المسلحة وقدراتها العسكرية في أفضل مستوى، ولها مشاركات كبيرة في الخارج، بما في ذلك قاعدة أنجيرليك في تركيا، لمكافحة الإرهاب وحماية الأمن والاستقرار في المنطقة”.
واستطرد أن “المملكة في هذه الأزمة على وجه الخصوص تحترم ما يصدر عن مجلس التعاون الخليجي، وتحترم وساطة الكويت لحل الأزمة، وبينت قبولها وساطتها دون غيرها من دول العالم، لأنها تريد حلا خليجيا، وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية (السعودي) عادل الجبير، أن الدول الخليجية قادرة على حل الخلاف مع قطر بنفسها دون مساعدة خارجية”.
وفي هذا السياق، قال السفير السعودي، “إننا حريصون على قطر وشعبها، فهي منا ونحن منها، وعاجلا أم آجلا ستُحل الأزمة وستعود المياه لمجاريها بيننا”.
وتابع “المملكة لا تزال حريصة على تعزيز علاقتها مع تركيا وتنتظر في المقابل من القيادة التركية تقدير الموقف بحكمة وعقلانية وأن تساهم في دعم الحلول الإيجابية لهذه الأزمة”.
وحول ما إذا كانت السعودية تعتبر حركة “حماس” الفلسطينية منظمة إرهابية، أوضح الخريجي، أن ذلك “يتوقف على تصرفاتها مستقبلا”.
وأضاف الخريجي “لابد أن تنأى حماس، بنفسها فعليا عن ممارسات بعض ممن ينتسبون لجماعة الإخوان المسلمين، وينتهجون النهج والفكر العدائي”.
وتابع “لا بد أن نستشعر فعليا أنها أبدت مرونة تجاه قبول قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967، فالانقسام في هذه القضية ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني على الإطلاق، وأي حريص على مصلحة الشعب الفلسطيني لابد أن يسعى لتوحيد وتناغم النظام السياسي بين المسؤولين الفلسطينيين”.
وردا على سؤال عن عدم حزم السعودية مع إسرائيل على غرار ما نراه اليوم مع قطر، رأى أن “محاولات تحويل الأنظار عن صلب الموضوع، وهو تمويل قطر للإرهاب، وربطها بالقضية الفلسطينية وإسرائيل، هي محاولات مفضوحة وستبوء بالفشل، فهناك دول ترفع راية نصرة الإسلام وتنصّب نفسها كحامية لحقوق الإنسانية هي من أوائل الدول التي طبّعت علاقتها مع إسرائيل، وحينما تواجههم بهذه الحقيقة يبررونها من منطق براغماتي والمصالح المشتركة، بما في ذلك قطر نفسها”.
واستطرد قائلا: “أعتقد أن هذا السؤال يوجه للدول التي لها علاقات مع إسرائيل، أما ما يخص المملكة فليس لديها علاقات مع إسرائيل، وموقفها واضح وجلي من القضية الفلسطينية، وتاريخها في مناصرة القضية ليس محل تشكيك، وهو من الثوابت الرئيسية لسياسة المملكة منذ تأسيسها”.
وأشار إلى جهود كبيرة بذلتها السعودية “للمصالحة بين حركتي فتح وحماس، في 2007، كما كان ذلك في أقدس بقعة على وجه الأرض، في مكة المكرمة، وأقسموا داخل الكعبة المشرفة، ولكن للأسف اُجهضت جهود المملكة البنّاءة في لمّ الشمل”.
وأكد الخريجي، استمرار المملكة في مطالبة “المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف الاستيطان والاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني”.