بعد أن كان النظام السوري قاب قوسين أو أدنى من السقوط على يد أحزاب المعارضة المسلحة، تدخلت روسيا على خط المواجهة في عام 2015 لتحيي الأمل في قوات النظام وترده للحياة من جديد على حساب المجازر التي ارتكبتها الطائرات الروسية في حلب ودمشق وريفهما.
واتبعت القوات الروسية منذ ذاك العام سياسة الارض المحروقة وحولت المدن السورية إلى أنقاض خاصة في مدينة حلب التي كانت معقل قوات المعارضة، ما أجبرها على الانسحاب نحو الشمال.
وفي هذا السياق يقول المدير العام لمركز جسور للدراسات، محمد سرميني، أن التدخل الروسي في سوريا جاء بناء على تحريض وتشجيع إيراني قاده القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وبموافقة أميركية .
وأوضح في تصريحات له أن القوات الروسية تدخلت بشكل استعراض للقوة وشنت قصفا جويا شديدا أدى إلى رفع عدد الضحايا من المدنيين بشكل كبير، ما أدى إلى كسر كل القوى المعارضة للنظام، وغير فعليا من مسار الأحداث في سوريا منذ ذلك الحين.
واشار إلى أن معاقل المعارضة بدأت تتهاوى واحدا تلو الآخر بفعل القوة المفرطة والأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمها النظام بتغطية جوية روسية، مسببة قتل وجرح الآلاف ودمار هائل في البنى التحتية للمدينة، وانتهت بانسحاب المعارضة السورية من المدينة نحو الريف الغربي والشمالي.
اقرأ أيضا/ قبيل قمة أردوغان -بوتين.. قصف مكثف على إدلب ووزير الدفاع التركي يهدد
ولفت سرميني إلى أن توالى سقوط المدن والمناطق، وأصبح التهجير القسري بالحافلات الخضراء عنوانا للسنوات القادمة من عمر التدخل الروسي.
وقبل أيام أصدر الدفاع المدني السوري تقريرا ميدانيا حمل اسم “لا بوادر لوقف قتل وتهجير السوريين” تزامنا مع ذكرى التدخل العسكري الروسي في سوريا، وثق الفريق الانتهاكات بحق المدنيين على مدار 6 سنوات.
وورد في التقرير أن أكثر من 12 ألف مدني في سوريا قتلوا وجرحوا على يد القوات الروسية منذ تدخلها العسكري هناك، وتحديدا خلال الفترة الممتدة من 30 سبتمبر/أيلول عام 2015 وحتى 20 سبتمبر/أيلول الجاري.
كما أشار إلى أن عدد الهجمات الروسية بحسب توثيقات الدفاع المدني السوري وصل إلى 5586 هجوما، وهذه ليست كل الهجمات وإنما فقط ما استجابت له فرق الدفاع المدني.
وحسب الدفاع المدني فقد تركزت الهجمات الروسية على مراكز المدن ومنازل المدنيين والمرافق الحيوية، حيث استهدفت 68% من تلك الهجمات منازل المدنيين بواقع 38 هجوما، في حين كانت الحقول الزراعية بالمرتبة الثانية بنسبة 16% من الهجمات بنحو 885 هجوما.
وأوضح التقرير أن نسبة الهجمات الروسية على المحال التجارية 6% بواقع 33 هجوما، ثم المشافي والمراكز الطبية بواقع 70 هجوما، ومراكز الدفاع المدني بـ60 هجوما، والأسواق الشعبية بـ53 هجوما والمدارس 46 هجوما.
كما كان نصيب مخيمات تأوي نازحين 23 هجوما، و35 هجوما استهدف مساجد وأماكن عبادة، و18 هجوما استهدف أفرانا، إضافة إلى عشرات الهجمات التي استهدفت مباني عامة ومحطات وقود وغيرها من المرافق.
اقرأ أيضا/ الرئيس أردوغان: السلام في سوريا مرتبط بالعلاقات بين تركيا وروسيا
من جانبه قال المحلل العسكري عبد الجبار العكيدي إن سقوط حلب بيد النظام دفع إلى سقوط العديد من المناطق التي كانت بحوزة المعارضة مثل أحجار الدومينو، جراء الدعم العسكري الروسي الكثيف من قاعدة حميميم وطيران السوخوي الروسي.
ولفت الكيدي إلى أن أن روسيا منعت سقوط النظام السوري عسكريا عبر استعادة عدة مناطق بتقديم الدعم اللوجستي الواسع لقواته، موضحا أن الروس ارتكبوا مجازر دامية في مدن دوما وحرستا وعربين وغيرها، قبل أن يستخدم النظام السوري السلاح الكيماوي لإجبار المعارضة على الاستسلام والخروج إلى الشمال السوري.
ولكن بعد هذه المجازر الدامية وسقوط معاقل المعارضة هل تبقى القوات الروسية في سوريا؟
منذ أن وطئت أقدام القوات الروسية على الأراضي السورية بدأت في إنشاء القواعد العسكرية وتوسيعها وإبرام عقود استثمار اقتصادي في مناطق سيطرة النظام السوري.
وعليه تبدو روسيا بأنها لن ترحل في وقت قريب من سوريا، وبحسب المؤشرات والتطورات السياسية والميدانية فإن الوجود الروسي باق إلى أمد طويل، وذلك لتثبيت نظام سياسي صديق في سوريا، على أن يتسم نظام الحكم هذا بالاستقرار السياسي والمجتمعي، بما يضمن عدم تعرّضه لاهتزازات كبيرة في المستقبل تؤثر على المصالح الروسية.
المصدر: تركيا الان+وكالات