يرى مراقبون ومحللون سياسيون أن تركيا تحاول الاستفادة من الوضع في أوكرانيا، لتنفيذ عمليات عسكرية في شمالي سوريا.
وأوضح هؤلاء المراقبين أن هذه الحرب الجديدة التي تشنها القوات التركية تأتي لإبعاد أي خطر على طول حدودها الجنوبية مع سوريا، مشيرين إلى أنها حاولت أخذ موافقة لشن عملية برية من روسيا وأمريكا ولم تنجح.
وفي هذا السياق يقول الكاتب والباحث السوري باز بكاري إن لجوء تركيا إلى سياسية الحرب بالمسيرات وتكثيف عمليات الاستهداف “ليس بجديد”.
وأوضح أنه على الرغم من سيطرتها على المساحة الممتدة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، في أواخر 2019، إلا أنها “غير راضية” عن هذا الحد فقط.
ولفت بكاري إلى أن الضربات التي تنفذها الطائرات المسيّرة ترتبط بالمعلومات التي تتزود بها من المناطق المستهدفة، في إشارة منه إلى “عمليات اختراق حاصلة”.
وأشار إلى أنه لا مانع لدى موسكو وواشنطن من استمرار تركيا في استهداف قادة قسد، معربا عن اعتقاده بأنها عملية ترضية لتركيا بشكل أو بآخر”.
أما الباحث التركي، مهند حافظ أوغلو،فيرى أن القوات التركية باستخدام هذه الضربات تختصر الكثير من الوقت، إذ العمليات العسكرية التقليدية تحتاج لوقت طويل، وهذه المدة تستطيع تركيا الاستفادة منها في ملفات أخرى”.
اقرأ أيضا/ وزير الداخلية التركي: سيجلب السلام إلى سوريا
وأشار أوغلو إلى أن ضرب القادة يدل على قوة الاستخبارات التركية، لافتا إلى أن اعتماد هذا الأسلوب فيه دلالة على أن الدولة التركية تستطيع إيجاد حلول لأي تهديدات. هي رسالة للأطراف الإقليمية والدولية مفادها أن تركيا بإمكانها معالجة تهديد أمني لها”.
يأتي ذلك بعدما نقلت صحيفة حرييت في تقرير لها نقلا عن مصادر أسمتها وصفتها بالمطلعة في الحكومة التركية إن دور تركيا في الأشهر الأخيرة، وخاصة تجاه حل الحرب الأوكرانية، وتركيز روسيا هناك قد يكون توقيتا جيدا لحل المشكلة السورية.
وأوضحت المصادر أن سياسة التوازن الحالية لتركيا، مهمة للعديد من الدول لا سيما الأوروبية، وستؤثر المساهمة في حل المشكلة على العديد من القضايا في السياسة الخارجية.
وكشفت أن السياسة التي اتخذتها أنقرة القائمة على التصالح ستسهم في فتح فصول جديدة مع أرمينيا وإسرائيل وسوريا، مشيرة إلى أن الوضع الحالي قد يفتح بابا جديدا من الفرص لتركيا، لا سيما حل المسألة السورية ومشكلة حزب العمال الكردستاني.
وأكدت المصادر التركية أنه يمكن تحسين العلاقة بين تركيا والنظام السوري خاصة مع الانشغال الروسي بالحرب الأوكرانية وردود فعل دول العالم، وكذلك انشغال موسكو بمشاكلها الداخلية.
ولفتت إلى أهم معضلة تواجهها تركيا في الوقت الحالي هي مشكلة اللاجئين وإذا سارت الأجواء بشكل صحيح فقد تكون هناك فرصة لاستعادة العلاقات مع النظام السوري وضمان عودة اللاجئين إلى بلادهم.
وفيما يخص الشروط التي تضعها تركيا لإعادة العلاقات مع النظام السوري أوضحت المصادر الحكومية أنها تضمن الحفاظ على الهيكل الوحدوي، ووحدة الأراضي السورية، وضمان أمن اللاجئين العائدين إلى بلادهم.
وأشارت إلى أن تركيا نقلت هذه الشروط إلى دمشق لا سيما قبل زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الإمارات، لافتة إلى أنه يمكن لتركيا تحويل هذه العملية لصالحها إذا أخذ بالاعتبار “المرحلة الجديدة” في العلاقات مع الإمارات.
وفي وقت سابق ذكرت مصادر إعلامية أن السلطات في تركيا بدأت تفكر جديًا بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وأوضحت المصادر أن الشرط الذي وضعته تركيا لذلك هو أن تكون العودة طواعية وبعد إعداد بيئة مناسبة وآمنة في سوريا.
وفي هذا السياق قال رئيس إدارة الهجرة في وزارة الداخلية التركية “صواش أونلو”،إن بلاده بذلت جهود كبيرة لإعداد، لتساعد اللاجئين السوريون في العودة إلى بلادهم طواعية.
ولفت أونلو إلى أن الجهود التركية هذه، أسهمت بعودة 500 ألف سوري طوعا إلى بلادهم، مؤكدا أن “أنقرة ما زالت مستمرة في عملية توفير أجواء مناسبة وآمنة في سوريا لمساعدة اللاجئين بالعودة إلى ديارهم”.
وأوضح أن بلاده تستضيف العدد الأكبر من اللاجئين، مقارنة بدول العالم إذ تستضيف 3.7 ملايين لاجئ سوري، بالإضافة إلى 300 ألف لاجئ من مختلف دول العالم”.
وشدد المسؤول التركي على أن أزمة اللاجئين في العالم، هي مشكلة كبيرة وينبغي إيجاد حل سريع لها ، لافتا إلى أنه يجب قبل كل شيء زيادة التضامن الدولي في هذا الموضوع.
اقرا أيضا/ استطلاع رأي يكشف نسبة الأتراك الذين يؤيدون خروج اللاجئين من تركيا
وسبق أن طالبت العشرات من المنظمات والهيئات السورية والتركية الحكومة التركية بضرورة سن قوانين صارمة للحد من مظاهر الكراهية والتمييز ضد اللاجئين السوريين في تركيا.
وأكدت المنظمات خلال مؤتمر نظموه في اسطنبول ضرورة أن يساهم المجتمع المدني في مواجهة كل من يحاول أن يجعل من الشعبين السوري والتركي أعداءً، وضرورة تأمين بيئة آمنة للاجئين، وصون حقوقه وكرامته.
وأشارت إلى أن “مرد تلك الجرائم التي ارتكبت في الفترة الأخيرة هو تصعيد بعض الأحزاب لخطاب الكراهية بحق السوريين، والكم الهائل من البيانات والمعلومات المضللة والخاطئة عن اللاجئين السوريين، وعدم إدراك البعض لعواقب خطاب الكراهية والتمييز”.