بعد قرار تركيا تسليم قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي إلى السلطات السعودية القضائية على طريق تطبيع العلاقات بين البلدين، لا يزال هناك أمرًا شائكا في هذه القضية وتطلب السعودية حلها.
ووفق مصادر صحفية في تركيا أنه منذ فترة يجري الحديث عن موعد لعقد اجتماع مع السعودية على أعلى مستوى.
وأوضحت أن موافقة تركيا على نقل قضية خاشقجي جاءت خطوة لتذليل العقبات لذلك اللقاء المرتقب.
وكشفت المصادر أن السعودية طلبت من تركيا أن تتخلى خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، عن الإجراءات القانونية، مشيرة إلى أن هناك معلومات تفيد بأنهم يحاولون القيام بذلك ليس من خلال تركيا فقط، بل أيضا من خلال االبلدان وارتباطات أخرى.
ولفتت إلى أن تركيا قد تستمر في المحاكمة إذا لم يتم اتخاذ قرار محاكمة عادلة، غير أن تركيا باتت تتناول القضية من ناحية الحقائق الاقتصادية والمصالح المتبادلة والعلاقات الدولية أكثر من الناحية القضائية.
وفي سياق متصل أشارت إلى أن السعوديين قد يساهمون في تركيا بأموالهم والحوافز السياحية واستثماراتهم، وشراء الأراضي، في حال تأسست علاقة رفيعة المستوى بين البلدين.
وقبل أيام قرر القضاء التركي بشكل رسمي إحالة القضية إلى السلطات السعودية، تنفيذا للقرار الصادر عن المحكمة الجنائية الـ11 في إسطنبول في جلسة غيابية لمحاكمة 26 متهما سعوديا.
هذه الجلسة الحاسمة حضرها محامون من نقابة المحامين في إسطنبول، ممثلين عن المتهمين، إضافة إلى خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز ومحاميها.
واتخذت المحكمة قرارا نهائيا بالتوقف عن مواصلة النظر في القضية، وإحالتها للسلطات القضائية السعودية.
بدورها ردت جنكيز أنها ستطعن بالحكم من خلال تقديم استئناف ضد قرار المحكمة التركية.
وأوضحت في تصريحات له عقب الجلسة أن تركيا لا تحكمها عائلة كما هي الحال في السعودية، مشيرة إلى أن بلادها لديها نظام قضائي يُعنى بشكاوى المواطنين.
وقالت إنها ستقدم استئنافا للقرار بما يتوافق مع النظام القضائي، مؤكدة أن كفاحها من أجل العدالة لخاشقجي لم ينتهِ بعد.
اقرأ أيضا/محكمة تركية ترفض ضم التقرير الاستخباراتي الأمريكي إلى ملف قضية خاشقجي
وأضافت: “ربما قررت المحاكم أنه يمكنهم تجاهل الحقيقة حول قضيته، لكنني لن أتوقف ولن أكون هادئة حيال ذلك”.
وختمت: “كلنا نعرف من هو المذنب بقتل جمال والآن أصبحت أهمية أن أستمر في العمل أكثر من أي وقت مضى”.
يأتي ذلك بعد سنوات من المحاكماة التي بدأتها الحكومة التركية في محاكمة غيابية لـ26 مواطنا سعوديا، بينهم اثنان مقربان من ولي العهد، محمد بن سلمان.
كما قرر القضاء التركي نهاية العام الماضي مطالبة نظيره السعودي بتزويده بنتائج محاكمة القتلة، غير أن تركيا غيرت موقفها فجأة في ظل سياسة تصفير المشاكل التي اتبعتها مع الدول التي بينهما خلافات.
ولكن لماذا تغير موقف تركيا فجأة، هذا السؤل يجيب عنه الكاتب التركي سادات إرغين، في تقرير نشرته صحيفة “حرييت” وقال إن ملف قضية خاشقجي يعد عقبة في تحسين العلاقات بين البلدين.
وأضاف إرغين أن زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى السعودية العام الماضي كان هدفها تجاوز الإشكاليات بين أنقرة والرياض.
وأوضح أن رد الفعل التركي القاسي على حكومة السعودية بعد جريمة القتل التي ارتُكبت على أراضيها دفع العلاقات إلى أزمة كبرى، لافتا إلى أن هذا الامر دفع السعودية إلى محاكمة بعض الشخصيات المسؤولة عن قتل خاشقجي.
وأشار إلى أنه بسبب الموقف التركي على الساحة الدولية قامت السعودية بتفعيل عقوبات اقتصادية ضد تركيا، من خلال مقاطعة المنتجات التركية تدريجيا.
ولفت إلى ان صادرات تركيا إلى السعودية، التي بلغت 3 مليارات و 292 مليون دولار في عام 2019 انخفضت إلى مليارين و 379 مليون دولار في عام 2020، ثم في عام 2021 انخفض بشكل حاد إلى 186 مليون دولار.
وتابع إرغين: “بالنظر إلى هذه التطورات في مجالي التجارة والمقاولات، فمن الممكن القول إنه “يدا” في السعودية ضغطت على الزر لإقامة جدار أمام المصالح الاقتصادية لتركيا”.
إضافة إلى أن البلدين واجها بعضهمها البعض في مناطق الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وكانت المنطقة مسرحا للمواجهة بين تركيا وقطر من جهة، والإمارات والسعودية ومصر من جهة أخرى.
كما أن وصول المقاتلات “إف15” السعودية إلى جزيرة كريت والمشاركة في مناورات مع اليونان كان تحديا واضحا من المملكة.
وختم الكاتب أن التغييرات الجذرية التي حدثت في الشرق الأوسط مؤخرا قد هزت بشكل كبير الأرضية الجيوسياسية التي تقوم عليها المواجهة بين البلدين.
المصدر: تركيا الان