وذات يوم ظهر أمامهم بريق أمل بعد طول انتظار.
حيث خرج جني من مصباح سحري وخاطبهم: “سأحقق رغباتكم أنتم الثلاثة واحدًا تلو الآخر. لكن بشرط واحد؛ يجب أن يطلب كل واحد منكم طلبًا واحدًا فقط”.
اندفع درسون نحو الأمام بحماس وقال للجني: “اجمعني بأمي”.
بالفعل التقط الجني درسون وأخذه بعيدًا نحو أمه.
هنا تقدم جمال وقال: “أنا أيضًا أريد الذهاب إلى قريتي”، فأخذه الجني بعيدًا ورماه نحو قريته.
وحان دور تمل، فكّر برهة من الوقت ثم قال للجني: “اجلب لي درسون وجمال ليعودا إلى هنا إلى الجزيرة!”.
يا لها من متاهة!
خطرت هذه الحكاية بذهني وأنا أتساءل حول من سيكون المرشح الرئاسي عن المعارضة، فمسألة المرشح هذا صارت لغزًا.
أكبر نقطة ضعف للمعارضة: التنافس رغم التظاهر بالتوحد
كل حزب من الأحزاب الستة المنضوية تحت تحالف واحد يدعمه حزب الشعوب الديمقراطي، أنه لن يتمكن من صنع شيء بمفرده دون هذا التحالف.
عليهم أن يعملوا معًا، خاصة فيما يتعلق بمسألة المرشح الرئاسي، ومع ذلك يبدو أنهم لا يستطيعون التحرك سوية في هذا الأمر، ولا يمكنهم الاتفاق على اسم مرشح توافقي.
في النهاية هم مضطرون على التحالف، نتحدث عن وضع يشبه التنافس داخل هيكل واحد.
تشير التطورات الأخيرة إلى أن كليجدار أوغلو الذي يُقال أنه مصمم على الترشح للرئاسة ويرسم الطريق لذلك مليًا من خلف الكواليس السياسية بل ويحقق تقدمًا للوصول نحو الهدف، اُستدعي كي يعود إلى “الجزيرة” كما في الحكاية التي سقناها مطلع المقال.
كانت ميرال أكشنار زعيمة حزب الجيد الحليف استهدفت الحليف الأقوى لها في الانتخابات “كليجدار أوغلو” في أكبر نقاط ضعفه، حينما أجابت على سؤال: “ما موقفك حيال ترشح محتمل لكليجدار أوغلو للرئاسة”، بالقول: “هل يمكن رفض مرشح يريده الجميع؟”.
ما تريد أكشنار قوله من ذلك أكثر من أي أحد هو أنه “لا أحد من الأحزاب الستة الموجودة على الطاولة يريد ترشيحك للرئاسة”، فهل يمكن إذن رفض مرشح (غير كليجدار أوغلو) يريده الجميع؟!
ومن الواضح جدًا أنها جملة معدّة سابقًا.
شيء آخر مثير للاهتمام حدث بعد ذلك، عقب تصريح أكشنار مباشرة، حينما خرج رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، في لقاء تلفزيوني على “فوكس تي في التركية” وتحدث ساخرًا بالقول: “إن المرشح الرئاسي لكل فرد في الشعب الجمهوري هو زعيم حزبه، ولذا فإن السيد كمال كليجدار أوغلو مرشحي للرئاسة”.
هل يمكن أن يصل إمام أوغلو المعروف برغبته في الترشح للرئاسة كمرشح توافقي عن المعارضة أكثر من أي شخص آخر، إلى هذه النقطة من الثقة بالنفس، دون أن يكون ذلك مرتبط بعودة كليجدار أوغلو إلى الجزيرة؟
من وأين يقفون؟ وبأي اسم يفكرون؟
دعونا نعطي لمحة قصيرة حول الأسماء الثلاثة المذكورة في المقال، والمواقف المتصادمة فيما بينهم:
1- بما أن كليجدار أوغلو رئيس حزب يتمتع بأعلى نسبة تصويت بين أحزاب المعارضة، فمن الواضح إذن أنه صانع القرار الأهم.
هذا يعني أيضًا:
إذا كان بالفعل قد عزم على ترشيح نفسه للرئاسة لكنه لم يجد الدعم من قبل بقية أحزاب المعارضة، فمن المرجح أن يستخدم بطاقة ذهبية بيده تكمن في ترشيح كل حزب مرشحه الخاص في الجولة الأولى.
2- حينما فشلت ميرال أكشنار -على الرغم من الجهود الحثيثة- في أن تكون الرقم الثاني في المعادلة من خلال تخطي الشعب الجمهوري، انتقلت للخطة ب.
تقول أنها تتخلى عن ترشيح نفسها للرئاسة، لكن “أريد أن أكون رئيسة الوزراء”.
وعبر هذه المناورة لم تكتف بدفع كليجدار أوغلو نحو الزاوية وإجباره على التخلي عن فكرة الترشح، بل وجدت أيضًا فرصة للإبحار من أجل تعاونات جديدة في المستقبل.
هناك مؤشرات على أن أكشنار وإمام أوغلو اتفقا على مثل هذا التعاون، وأنهما توصلا إلى اتفاق للعمل معًا.
دعونا نتفق على أن الهدف الطبيعي الأول لتعاون/اتفاق أكشنار وإمام أوغلو هو تفويت الفرصة على كليجدار أوغلو وأخذ الكرة من يده.
3- نظرًا لأن إمام أوغلو لا يمكنه اتخاذ قرار بشأن ترشيح نفسه للانتخابات، فهو مضطر أولًا للبقاء قريبًا من إدارة حزبه الشعب الجمهوري، وفي الوقت ذاته من الشركاء الآخرين في تحالف المعارضة، من أجل الحصول على دعمهم أو تقديم ما يحتاجونه من دعم.
ليس من المعروف فيما لو شارك إمام أوغلو الإمكانيات القوية التي تمتلكها بلديته، مع أصحاب المصلحة ضمن تحالف المعارضة المكون من 6 أحزاب، لا سيما حزب الجيد، بهدف خلق بيئة يمكنهم من خلالها ترشيحه للرئاسة.
وبالطبع فإن الدعم من قبل الدوائر المرتبطة بالخارج يمنح إمام أوغلو ورقة رابحة قوية للترشح.
لكن على أي حال، فإن أكبر عيوب إمام أوغلو هو أن زعيم حزبه كليجدار أوغلو يعارض ترشيحه بالمرة.
من الواضح أن الكثير من الأمور ستحدث في الخفاء.
وطالما بقيت مسألة من سيكون المرشح المشترك للمعارضة لغزًا، فستظل هذه القضية من أكثر المواضيع إثارة للفضول في الكواليس السياسية حتى اللحظة الأخيرة قبل الانتخابات.
بواسطة / محمد آجات