في خطوة جرئية قررت تركيا إغلاق مجالها الجوي في وجه الطائرات الروسية، في الوقت الذي تستمر فيه الحرب بين موسكو وكييف.
ووفق مراقبين فإن هذا القرار يأتي في وقت حساس خاصة بعد استهداف غارات جوية روسية مناطق في ريف حلب شمالي سوريا الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.
وفي هذا السياق يقول الكاتب الصحفي التركي إسماعيل كايا إن القرار التركي يتعلق بشكل مباشر بتطورات الحرب في أوكرانيا، وهو على شاكلة القرار السابق المتعلق بتطبيق أحكام اتفاقية مونترو بحظر مرور السفن العسكرية الروسية من مضيقي البوسفور والدردنيل.
وأشار إلى أن السبب وراء ذلك هو كي لا تعتبر تركيا أنها تقدم أي تسهيلات لأحد طرفي الحرب الدائرة على سواحل البحر الأسود.
وأوضح كايا أن القرار التركي يأتي في سياق منع استخدام الأراضي التركية برا وبحرا وجوا في أي أعمال عسكرية مباشرة أو غير مباشرة تتعلق بالحرب في أوكرانيا.
وتواترت الأنباء عن نية روسيا نقل قوات عسكرية ومسلحين أجانب من سوريا للقتال إلى جانبها في أوكرانيا فإن القرار التركي يأتي في سياق.
ولفت إلى أن تركيا تبدي امتعاضا من تعثر المباحثات السياسية التي ترعاها في ظل عدم وجود أي تقدم في المباحثات التي تعثرت عقب اكتشاف ارتكاب القوات الروسية “مجازر” في مناطق انسحبت منها القوات الروسية قرب كييف.
وكذلك غاضبة من تعثر مساعي عقد لقاء جديد على مستوى وزراء الخارجية، وصولا إلى عقد لقاء في إسطنبول يجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
اقرأ ايضا/ تركيا لن تسمح بمرور سفن الناتو إلى البحر الأسود.. والسبب!
وفي وقت سابق هبطت طائرة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في العاصمة أنقرة.
وأفادت مصادر إعلامية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استقبل غوتيرش في المجمع الرئاسي، بعيدا عن عدسات الإعلام.
تأتي هذه الزيارة قبل ان يتوجه المسؤول الأممي إلى موسكو وكييف للقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي يومي الثلاثاء والخميس على التوالي.
منذ اليوم الأول للحرب الروسية الأوكرانية أعلنت تركيا أنها أدانت الغزو العسكري ورفضت العقوبات على روسيا ودعت إلى الحوار ووقف الحرب، ما جعلها طرفا موثوقا فيه دوليا وأيضا لدى الأطراف المتنازعة.
وكان غوتيريش قد طلب في رسالتين منفصلتين بعث بهما إلى بعثتي روسيا وأوكرانيا لدى المنظمة الدولية، الأربعاء، ترتيب زيارتين له إلى موسكو وكييف للاجتماع مع الرئيسين الروسي بوتين، والأوكراني زيلينسكي.
ووفق مراقبين فإن الطرفين المتنازعين سيستمران في اتخاذ خطوات لدفع الآخر للخلف على أرض الميدان، ومن ناحية أخرى ستكون هناك مفاوضات صعبة على الطاولة.
وفي هذا السياق يقول الكاتب التركي برهان الدين دوران في تقرير تنشرته صحيفة “صباح” أن الجانب الروسي سيقوم بإطالة أمد المفاوضات لتحقيق نتائج ميدانية على خط المواجهة أو اختبار إمكانية تفكك التضامن بين التحالف الغربي.
ولفت دوران إلى أن الجانب الأوكراني سيستمر في تلقي المساعدة العسكرية من الغرب، سعيا منه لصد القوات الروسية وتراجعها ميدانيا، موضحا أنه ليس من الصواب توقع نتائج سريعة من مباحثات إسطنبول.
وأوضح الكاتب أن أمريكا والاتحاد الأوروبي ستبقى مصممة إضعاف روسيا، ويقود هذا المسار ببوتين إلى عدم توسيع الحرب، والحد منها.
وأشار دوران إلى أن مقترح تركيا بـ”خروج مشرف بالدبلوماسية” في نهاية المطاف، قد يصبح السبيل الوحيد لبوتين، والمهم الآن استمرار الأطراف بالمفاوضات.
وأضاف أن أردوغان مصمم على بذل قصارى جهده للتوصل إلى وقف إطلاق النار في الحرب الروسية الأوكرانية، ولذلك هو يصر على السعي للجمع بين بوتين وزيلينسكي، وهناك انعكاس لعشرين عاما من الخبرة في هذا الإصرار.
وشدد على أن الرئيس التركي لديه ثقة في إمكانيات دبلوماسيته تجاه بوتين وزيلينسكي، مبينا أنه منذ بداية الأزمة الأوكرانية، سعى أردوغان جاهدا لجمع الزعيمين الروسي والأوكراني.
ويرى أردوغان أن قرار بوتين هو العامل الأكثر أهمية لإنهاء هذه الحرب، خاصة بعد أن دخلت العملية العسكرية في منعطف يتسبب في زيادة الخسائر الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية لروسيا.
وبناء على ما سبق -يكمل الكاتب- أن التكلفة التي سيتكبدها بوتين ستكون أكبر إذا تأخر، وعليه فإن عرض أردوغان لبوتين “الالتقاء مع زيلينسكي” ذات أهمية.
وأشار دوران، إلى أن أردوغان يعلم بأنه يمكن إنهاء الأزمة من خلال اجتماع زعماء البلدين، ومن المعتاد في الدبلوماسية الروسية أن يتبع المفاوض الروسي صورة صارمة لا هوادة فيها في المباحثات.
واستدل الكاتب بالمفاوضات حول الأجندة السورية بين تركيا وروسيا التي واجهت صعوبات مماثلة،غير أن نقل المحادثات من زعيم إلى زعيم ساهمت في اتخاذ خطوات حاسمة.
وختم بأن أردوغان يريد أن يجمع بين بوتين وزيلينسكي معا لخلق “تأثير القائد” في حل الأزمة، ولهذا يحتاج بوتين إلى الاقتناع بأن الوقت قد حان لوقف الحرب أو إنهائها.
كما أن زيلينسكي يحتاج أيضا إلى أن يكون قادرا على الجلوس على الطاولة وإظهار الحسم لتطبيق ما سيخرج عن الطاولة، فالسلام يلزم الطرفين بالتخلي عن بعض مطالبهما.