أولئك الذين لا يستطيعون مواكبة النمو في تركيا يحاولون دق الأسافين في طريقها

الأرض تدور بشكل غريب. إنها لا تدور فقط حول الشمس وحول نفسها، ولكنها أيضًا تدور حول الأشخاص الذين يعيشون فوقها بالتناسق مع تحركاتهم حول أنفسهم.

ليس لها مسار ثابت، ولكن من خلال دورانها وانحناءاتها، واعوجاجها ، وتقلباتها ومنحدراتها، يبدو الأمر كما لو أنها تخبرنا أنها ليست أبدية وأنه لا يوجد شيء يمكن أن يدوم في هذا العالم.

إذا توقعتم أن الأمور ستكون أفضل من خلال النظر إلى التطورات التكنولوجية الهائلة التي تظهر في هذا العالم، والنظر إلى التطورات على المستويات العلمية، فإن العالم مستعد لإظهار وجه مختلف لذلك.

لكي نواجه حقيقة أن هذه التطورات في العلوم والتكنولوجيا هي على حساب إضعاف وتراجع وتجاهل الناس في العديد من المجالات، فيجب أن يكون هناك سبعين من الشيء الذي مررنا به خلال وباء كورونا.

وفي هذا الصدد، شهدنا جميعنا كيف يمكن إلغاء مكتسبات الناس بأكملها، وعشنا مع الجميع دون أن نشعر بأي تفرقة أو امتياز. وعلى الرغم من الازدحام، إلا أننا شهدنا من خلال تلك التجربة مدى العزلة التي كنا نعيشها.

وعلى الرغم من الوجود، إلا أننا شهدنا أيضًا كم نحن فقراء، ورغم توافر الإمكانيات والقدرات، إلا أننا شهدنا كم نحن عاجزون.

شاهدنا ماذا حدث، وأي نوع من صحوة الوعي التي تسببت بها المعرفة التي لدينا، هل حقًا تسببت؟ وكم من الوقت استغرق هذا الوعي؟

وبالتزامن مع انتهاء آثار وباء كورونا بشكل تدريجي من حياتنا، بدأنا بالعودة والانشغال بنفس الشجع والغطرسة وتسمم السلطة والثروة.

وحتى الآن، نعتقد أن هذا العالم هو عالمنا وأن شيئًا ما هو ملكنا، وما زلنا نستمر من حيث توقفنا معتقدين أن تجنب الآخرين هو نوع من الحذر والحرص.

من ناحية أخرى، حققت تركيا قفزة كبيرة إلى الأمام وهذا نوع من الأداء الحتمي للدور التاريخي والجغرافي والثقافي الذي يُفرض على تركيا. وبكل تأكيد، هذا الأمر يجعل تركيا أكبر من تركيا الحاضرة. ويُحتم علينا تحمل المسؤولية إزاء ذلك بدلًا من أن يكون الأمر فرصة للتفاخر والغطرسة.

وقد حملت تركيا هذه المسؤولية بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وكانت تركيا الأمل والحلم والمثل الأعلى للمظلومين في منطقة جغرافية واسعة جدًا. وهذا الأمر يمنح تركيا قوة كبيرة بالقدر الذي يمنحها المسؤولية اتجاه ذلك.

وتعتبر تركيا الدولة الأكثر زيارة وطلبًا في السنوات الأخيرة. ويمكننا رؤية ذلك من خلال الموجات السياحية القادمة إلى تركيا من العالم الإسلامي ومناطق جغرافية أخرى.

ولا تقتصر هذه السياحة على زيارة السواحل فقط، بل من أجل أيضًا الثقافة والهوية والعلوم والتقاليد والصحة والسياسة والتجارة في تركيا.

ويعتبر ذلك من النتائج الحتمية أن تجذب تركيا مثل هذا الاهتمام، ولا سيما أنها تطورت على طريقتها الخاصة.

وفي الأونة الأخيرة، نشاهد في تركيا العديد من الأطياف والأعراق ومختلف اللغات من جميع أنحاء العالم، حيث يعتبر ذلك مؤشرًا على جاذبية تركيا المتزايدة وقوتها وكفاءتها. هذا الوجود الإنساني يعتبر مساهمة للمشاركة والانفتاح في تركيا.

موارد بشرية كبيرة في تركيا ولأجل تركيا

قبل عيد الأضحى، التقيت في المطار المدير العام لشركة صناعات الفضاء التركية البروفيسور “تيميل كوتيل” . وعندما كان السيد تيميل كوتيل يعرفني على رئيس جامعة باكستان للتكنولوجيا ، كانت الشمس مشرقة على وجهه وكان يصف بحماس كبير نقاط التعاون التي توصلوا إليها في اللقاءات والاجتماعات التي أجراها معهم.

وكان يتحدث أيضًا عن لقاءاته مع وفد رئيس الوزراء الماليزي الذي كان يزور تركيا في نفس اليوم وعملهم المشترك مع العلماء الماليزيين.

ومن ناحية الموارد البشرية، أوضح كوتيل أنهم قاموا حاليًا بتقييم الوجود البشري المتنامي في تركيا وأنهم غير راضين عنه، مشيرًا إلى أنهم دمجوا الموارد البشرية المدربة في الأعمال التي يقومون بها من خلال المكاتب التي أنشأوها في العديد من البلدان.

ونتيجة الانفتاح الكبير الذي شهدته تركيا مؤخرًا، مكنها من الوصول إلى جميع الأشخاص المتفوقين، خاصة في العالم الإسلامي، والذين بدورهم تجاوزوا المسافات.ويجب أن تكون هناك استنتاجات كبيرة جدًا لا يمكن الحصول عليها إلا من قبل الأشخاص الذين يرغبون في إجراء دراسة علم اجتماع حول هذا الوضع في تركيا.

ودائمًا ما ترى الحضارات المتطورة والنامية في العالم طريقة للجمع بين التنوع الثقافي تحت غطاء هوية أعلى وأكبر، كما أن يجب عليها أن ترى ذلك.

من المهم جدًا لتركيا أن تطور ثقافة وعقلية ضمن جميع مؤسساتها وأفرادها، بحيث تكون متوافقة مع هذا الانجذاب المتزايد.

والحمد لله أن هذا الوعي والتكيف موجود لدى شرائح كبيرة جدًا من المجتمع ، ولكن للأسف هناك بعض الشرائح يعرقلون تطور تركيا بدلاً من المساعدة في تنميتها و مواكبة توسعها.

وتلك الشرائح تفعل ذلك باسم القومية والهوية التركية. ومن خلال مواقفهم وعقلياتهم ، فإنهم لا يفعلون شيئًا سوى محاولة الحكم على الأتراك أن يكونوا داخل جدران السجن.

وهؤلاء الأشخاص لا يعرفون شيئًا لا عن القرآن ولا عن أخبار الشيخ “حاج بكتاش ولي” ولا عن الشيخ “حاج بيرم ولي” ولا عن يونس أمره.

يعتقدون أن أعمالهم التي قاموا بها على أنقاض القلوب التي كسروها هي بطولة.

انظروا إلى الاختلافات الموجودة في هذا العالم ، فمن المتوقع أن تؤدي التعددية الثقافية والتعليم إلى تطوير شعور الناس بالتسامح والديمقراطية وحقوق الإنسان والقضاء على مشاعر الجهل كالعنصرية وكراهية الإنسان.

شكرًا لك سليمان صويلو

وبالتزامن مع مرور تركيا بهذا الانفتاح الكبير، فإن ظهور العنصرية بتعصب في تركيا بين الأشخاص الذين تلقوا تعليمًا جيدًا هو أحد التناقضات والمفارقات الكبيرة التي يعيشها عالمنا. وهذه قصة عالمية دوارة.

الشخص ذو الوجه الوردي الذي شاهدناه في مترو الأنفاق الذي كان يحمل مشاعر كراهية اتجاه الرجل السنغالي بسبب لونه وكان يعبر عنها باللغة الإنجليزية، من الواضح أنه شخص متعلم.

بالمقابل، وبسبب القيمة التي يوليها لتركيا، تعلم هذا الرجل السنغالي اللغة التركية في إسطنبول، التي يعيش فيها منذ عشر سنوات، ولا يحتاج بدوره إلى استخدام تلك الكلمات باللغة الإنجليزية، ويبدو أنه يساهم في قيم تركيا وثروتها ونموها أكثر بكثير من ذاك الشخص الذي يقول له ارحل إلى بلدك.

زار وزير الداخلية التركي، السيد سليمان صويلو، منزل الشخص السنغالي الذي تعرض لهذه المعاملة المشينة، ولقد بين من خلال حديثه وزيارته موقفًا جديرًا بتركيا الصاعدة، حيث قال: ” نحن في تركيا مسلمون وليس لدينا عنصرية ولا كراهية اتجاه الأجانب، وموقف هذا الجاهل يعبر عن نفسه وليس عن موقف تركيا”

شكرًا لك سليمان صويلو، حفظك الله وسلم لسانك وقلبك.

ياسين اكتاي بواسطة / ياسين اكتاي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.