أكد متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن بلاده لا تطلب الإذن من أحد عندما يتعرض أمنها القومي للخطر، و”إنما تكتفي بالتنسيق مع الحلفاء”.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها قالن لقناة الجزيرة الناطقة بالإنكليزية، تحدث فيها عن غارات تركيا الجوية على مواقع إرهابية شمالي العراق وسوريا بعد تفجير إسطنبول الإرهابي، في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة أكثر من 80 آخرين.
وشدد قالن أن قوات بلاده ستلاحق الإرهابيين للقضاء عليهم جوا وبرا، مشيرا أن تنظيم “واي بي جي YPG” ذراع تنظيم “بي كي كي” الإرهابي يقف وراء التفجير.
ولافتا إلى أن “بي كي كي” الإرهابي غيّر تكتيكه في شن الهجمات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، وقال: “يستعملون أشخاصا من أعراق مختلفة لإخفاء هويتهم”.
وعن تفجير شارع الاستقلال بإسطنبول، أضاف قالن أنه تم بتنسيق من “واي بي جي” بشكل “صارخ”، وقال إن كافة عناصر ومواقع “بي كي كي” وأذرعه في سوريا، سواء كانوا شمال أو شرق أو غرب أو بالقرب من الحدود التركية، “أهداف مشروعة لتركيا”.
ومشيرا إلى أن القوات التركية لم تستهدف في عملياتها شمالي سوريا القوات الأمريكية أو الروسية، أكد قالن أن بلاده استهدفت عناصر “بي كي كي” وأذرعه.
وأضاف: “نقول (للقوات الأمريكية والروسية) أن يبتعدوا عن هذه العناصر”، معللا ذلك بأن تنظيم “واي بي جي” يرفع العلم الأمريكي في بعض مواقعه، وفي بعض مواقعه الأخرى يرفع علم النظام “لحماية نفسه (من الضربات التركية)”.
ورأى قالن أن لجوء التنظيم الإرهابي إلى هذا التصرف، دليل على استخدام “واي بي جي” تحالفه مع الولايات المتحدة لإضفاء الشرعية على وجوده شمالي سوريا.
ورافضا التصريحات الصادرة عن واشنطن بأن العمليات الجوية التركية شمالي سوريا عرضت حياة العسكريين الأمريكيين للخطر، قال قالن: “أرسلنا لحلفائنا الأمريكيين رسالة أكدنا فيها بأننا لن نستهدفهم ولا المدنيين والروس والإيرانيين أو غيرهم، وأن هدفنا هو عناصر بي كي كي، وأذرعها بي واي دي، واي بي جي”.
– لا نطلب الإذن من أحد عندما يتعرض أممنا القومي للخطر
وفي معرض إجابته عما إذا كانت تركيا حصلت على ضوء أخضر روسي إيراني لتنفيذ عمليتها ضد “واي بي جي”، قال متحدث الرئاسة “لا نطلب الإذن من أحد عندما يتعرض أمننا القومي للخطر، وإنما نكتفي بالتنسيق مع الحلفاء”.
وأشار إلى أنه بموجب التفاهم التركي الأمريكي في 2019، كان يجب أن ينسحب عناصر “واي بي جي” مسافة 30 كم عن الحدود التركية باتجاه العمق السوري، وأن ذلك لم يحدث في انتهاك للتفاهم.
– “واي بي جي” يستخدم معتقلي داعش كرهائن سياسيين
ورد متحدث الرئاسة التركية على الابتزاز الذي يمارسه تنظيم “واي بي جي” الإرهابي بأنه لن يضمن الحفاظ على معتقلي تنظيم داعش الإرهابي في معتقلاته شمالي سوريا في حال بدأت تركيا عمليتها البرية ضده.
وقال: “هذا يشير إلى أن واي بي جي يستخدم معتقلي داعش كرهائن سياسيين للحصول على المزيد من الدعم العسكري والسياسي والإعلامي من الولايات المتحدة والأوروبيين للمفاوضات”.
على صعيد متصل بالشأن السوري، قال قالن إنه لا يعرف ما إذا كان سينعقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس النظام السوري بشار الأسد، أو موعد هذا اللقاء في حال تقرر بالفعل.
وأشار إلى أنه يجب القيام بالعديد من الأشياء في الميدان، ومن بينها معرفة ما إذا كان نظام الأسد سيتخذ موقفا واضحا ضد تنظيم “بي كي كي” وذراعه “واي بي جي” وغيرهم من العناصر الأخرى في سوريا.
ومتحدثا عن تصريحات سابقة للرئيس أردوغان عن إمكانية لقائه مع الأسد قال قالن “ليس لدينا خطة فورية لهكذا لقاء”.
واستدرك قائلا: “لكن رئيس بلادنا يوجه رسالة (إلى الأسد) مفادها بأنه إذا تصرف بمسؤولية، وبدد المخاوف الأمنية (لتركيا)، وإذا سُمح للمسار السياسي بالتقدم، ومن ثم تم إحراز التقدم بهذا المسار، وحماية الشعب السوري، وضمان السلام والاستقرار الإقليميين، والأمن والنظام على طول الحدود التركية السورية، وما إلى ذلك، فأنا مستعد لإعطاء فرصة (للقاء)”.
وتابع: “أي أنه (الرئيس التركي) لا يقول ذلك لعقد لقاء على الفور أو لقائه لمجرد اللقاء”.
وبشأن المعارضة السورية الشرعية، شدد قالن أن تركيا لم تنساها وستستمر في دعمها، “في الوقت الذي نسي العالم برمته تقريبا وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا والعديد من الدول العربية هذه المعارضة”.
وعن العلاقة بين حزب الشعوب الديمقراطي وتنظيم “بي كي كي”، قال قالن إن الحزب ممثل في البرلمان التركي إلا أنه لم يتخذ موقفا واضحا من التنظيم الإرهابي.
وأضاف أن الحزب معروف بارتباطاته مع “بي كي كي”، وأنه لا ينكر ذلك، “الأمر الذي يطرح معه الكثير من إشارات الاستفهام”.
وأكد على أن الادعاء بأن تنظيم “بي كي كي” وحزب الشعوب و”واي بي جي” يمثلون الأكراد يعتبر “إهانة للأكراد أنفسهم أولا”.
“بي كي كي لا يمثل الأكراد، مثلما لا يمثل تنظيما داعش والقاعدة المسلمين حول العالم” أضاف المتحدث الرئاسي التركي.
وفي سياق آخر، أوضح قالن أن المشهد السياسي في منطقة الخليج العربي تغير تماما، حيث رحب بذلك واعتبره “فرصة مهمة”.
ولفت إلى أن “تحالف السعودية والإمارات ومصر لم يكن ضد قطر فحسب، إنما تركيا أيضا”، مضيفا: “كانت مرحلة مؤسفة أضعنا خلالها الكثير من الفرص السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الوضع بدأ يتغير الآن”.
وردا على سؤال حول إمكانية عقد لقاء قريب بين الرئيس أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، قال قالن إنه “لا يوجد أي خطة بهذا الصدد في الوقت الحالي، لكننا سنتابع ما ستؤول إليه الأوضاع لاحقا”.
وأردف: “هناك أمور يجب على الجانبين القيام بها، ومن المفيد أن تعرفوا أنه تمت المصافحة (بين الجانبين) من أجل تناول هذه الأمور، أحيانا تتغير نقاط الاهتمام ووجهات النظر ما يسفر عن ولادة فرص جديدة ويتوجب علينا تقييمها”.
وفيما ستعلق بالشأن الإيراني، أفاد قالن أن بلاده تعتقد بـ”ضرورة دمج إيران في المشهد الجيوسياسي للمنطقة بدلا من عزلها أو مهاجمتها”.