قال السفير التركي لدى ميانمار، كرم ديوانلي أوغلو، إن بلاده تعتبر صاحبة الموقف الأكثر تأثيراً، ونشاطاً في التعاطي مع أزمة مسلمي الروهنغيا منذ اندلاعها في إقليم أراكان غربي البلاد.
جاء ذلك في مقابلة للسفير التركي، مع الأناضول، وعلّق خلالها، على الخطوات الدبلوماسية التي اتخذتها بلاده لتسليط الضوء على أزمة الروهنغيا، والمساعدات الإنسانية التي قدمتها لهم.
وأكد الدبلوماسي التركي أن أنقرة “تتعامل مع الوضع في أراكان من منظور إنساني فقط ولا تنتظر أي مقابل”.
كما شدد على أن بلاده لعبت دورا رياديا، واستثنائيا لايجاد حل لأزمة إقليم أراكان، على الصعيدين الدبلوماسي في المحافل الدولية، والإغاثي الإنساني.
وأضاف أنه زار إقليم أراكان الإثنين الماضي، على خلفية الدعوة التي قدمتها مستشارة الدولة (رئيسة الحكومة) في ميانمار ، أونغ سان سو تشي إلى سفراء الأجانب.
وأوضح أن الزيارة التي نظمتها السلطات الميانمارية، ليوم واحد بدأت من مدينة “سيتيوي” عاصمة إقليم أراكان، ثم توجه السفراء على شكل ثلاثة مجاميع بالمروحيات إلى بلدة ” مونغدو” الواقعة قرب الحدود مع الجارة بنغلاديش.
ولفت ديوانلي أوغلو إلى أن إقليم أراكان يقطنه بحسب المعطيات الرسمية، 800 ألف مسلم، وأن 500 ألف منهم لجأوا إلى بنغلاديش؛ جراء الأزمة التي اندلعت في أغسطس/آب الماضي.
الدبلوماسي التركي، قال إنه شاهد من الجو خلال رحلتهم بالمروحية، الكثير من القرى ما بين مهدمة بالكامل، ومحروقة عن بكرة أبيها.
وبيّن أن الخوف وغياب الأمن أمران يخيمان على الإقليم، وأن خمس قرى فقط من قرى المسلمين لازالت سالمة في قضاء راثيداونغ.
وذكر ديوانلي أوغلو، أنه زار مع الوفد إحدى هذه القرى المسلمة التي تدعى ” آه نوك بين”، حيث التقوا سكانها وسط القرية التي تحيط بها قرى بوذية من جميع الجهات.
وأشار أنهم قرروا زيارة القرية المذكورة، وتقديم الدعم لسكانها المسلمين، بعد أن قرأوا في الصحف ووسائل الإعلام، أنهم يصارعون الجوع، ويتلقون تهديدات كثيرة من القرى البوذية المحيطة بهم.
ولفت السفير أن سكان القرية طالبوا الوفد توفير الأمن لهم، وحمايتهم، وتأمين المواد الغذائية.
وبيّن أن المسؤولين في ميانمار، بمن فيهم وزير الصحة الذين كانوا برفقة الوفد، تعهدوا بتوفير الأمن لسكان القرية، وإرسال مساعدات غذائية عاجلة لهم خلال يومين.
وأضاف ديوانلي أوغلو أن انطباعه العام خلال الزيارة، هو أن سكان منطقة مونغدو من المسلمين لاجئون في بنغلاديش حاليًا، مؤكداً ضرورة استمرار المبادرات في ميانمار من أجل عودتهم إلى قراهم خلال الفترة المقبلة.
وتعليقاً على قرار حكومة ميانمار، عدم السماح لبعثة الأمم المتحدة بزيارة إقليم أراكان، قال السفير إن “هذه مشكلة كبيرة جداً، إذ يتعين على الحكومة أن تكون أكثر انفتاحًا ومرونة في هذا الموضوع”.
ديوانلي أوغلو، شدد في ذات السياق على أن المجتمع الدولي ينتظر بشكل حقيقي، السماح لبعثة الأمم المتحدة بدخول إقليم أراكان، واستئناف أنشطتها بشكل سريع؛ لأن ذلك من شأنه إنقاذ حياة الناس هناك.
وأفاد أن بعثة الأمم المتحدة لا تقوم بتقديم المساعدات الغذائية فقط، بل إغاثة الأطفال الذين يعانون من نقص في التغذية، وإمدادهم بأغذية خاصة عالية البروتين، إلى جانب تقديم الدعم للنساء الحوامل.
وبخصوص جهود تركيا شدد ديوانلي أوغلو، على أنها قدمت الدعم لمسلمي أراكان من خلال مبادراتها الدبلوماسية من جهة، وجهودها الإغاثية من جهة أخرى، مستذكراً تصريح الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي قال فيه إن بلاده تتعامل مع الوضع في الإقليم من المنظور الإنساني فقط.
كما لفت إلى أن تركيا تجري اتصالات مع الحكومة في ميانمار؛ من أجل حل المشكلة، مبيناً أن الأخيرة تفهمت ذلك وأبدت ثقتها في أنقرة.
ديوانلي أوغلو، أضاف أن تركيا ووكالة التعاون والتنسيق “تيكا” التابعة لرئاسة الوزراء، تعتبران من الجهات القليلة التي تتمكن من القيام بأنشطة إغاثية في المنطقة.
في ذات السياق أكد السفير أهمية المكالمة الهاتفية التي جرت بين أردوغان و أونغ سان سو تشي في بداية الأزمة.
وبيّن أن تركيا تمكنت من تفعيل آليات التعاون مع إدارة إقليم أراكان، لإيصال المساعدات الإنسانية عقب المكالمة.
الدبلوماسي التركي، لفت أن وفد وكالة “تيكا” يزور الإقليم بالتنسيق مع إدارته، وتتواصل مع وزارة الرعاية الاجتماعية، مبيناً أنه التقى بنفسه الوزير ونائبه.
ديوانلي أوغلو، أكد أيضًا أن المسؤولين الميانماريين قالوا له “نحن نثق بتركيا، ونريد العمل معها، ساعدونا في حل المشكلة” مبيناً أن أنقرة مستعدة لتقديم كافة المساهمات في مسألة الإغاثة الإنسانية.
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار مع ميليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة، أسفرت عن مقتل آلاف وتشريد عشرات الآلاف من الأبرياء، حسب ناشطين محليين.
وفي آخر إحصائية أممية، أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، الثلاثاء الماضي، أن عدد مسلمي الروهنغيا الفارين إلى بنغلاديش، من إقليم أراكان ارتفع إلى 509 آلاف.
المصدر: الأناضول