المشهد السياسي التركي قبل شهر من الانتخابات

 

يضم تحالف الأمة المعروف أيضاً باسم “طاولة الستة” على عكس تحالف الشعب، أحزاباً مختلفة من حيث الطيف السياسي.

ومع تقلص الوقت المتبقي إلى شهر واحد فقط على انتخابات 14 مايو/ أيار2023، بلغت الإثارة ذروتها في تركيا، فبعد الإعلان عن مرشحي الرئاسة، تم الإعلان أيضاً عن القوائم الحزبية لمرشحي البرلمان في وقت سابق من هذا الأسبوع.

ويتألف “تحالف الشعب”، الذي سيتنافس تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، من أربعة أحزاب هي حزب العدالة والتنمية الذي حصل على 43% من الأصوات في انتخابات 2018 ، وحزب الحركة القومية الذي حصل على حوالي 11% من الأصوات، وحزبين آخرين بإجمالي 2% من الأصوات.

ويتمتع تحالف الشعب بقيادة أردوغان والذي فاز في الانتخابات السابقة بفارق 22 نقطة و 52% من الأصوات ضد أقرب منافسيه، ببنية أيديولوجية متجانسة ظهرت بوضوح بانعدام الخلافات الداخلية بين أعضائه بشأن المرشحين.

ومن ناحية أخرى، يقود “تحالف الأمة” أحزاب المعارضة الرئيسية، ويخوض رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قلتشدار أوغلو الانتخابات الرئاسية بالنيابة عن تحالف مكون من ستة أحزاب، وقد حصل حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب الكتلة على 23% من الأصوات عام 2018، وحصل حزب “جيد” على 10%، وبلغ إجمالي أصوات الأحزاب الأربعة الأخرى المؤيدة لترشيح قلتشدار أوغلو في التحالف حوالي 2%.

ويصف حزب الشعب الجمهوري نفسه بأنه “حزب علماني ويساري”، بينما يصف حزب “جيد” نفسه بأنه حزب “قومي” شكله أولئك الذين اتهموا حزب الحركة القومية بأنه سلبي، وهو يَعدُ “بحلول نهائية” مثل طرد “الأجانب” من البلاد، أما بقية الأحزاب الصغيرة على “الطاولة” فهي أحزاب محافظة قام أعضاء حزب الشعب الجمهوري باتهام زعيم أحد هذه الأحزاب بأنه “مؤيد للشريعة” قبل بضع سنوات فقط.

وبسبب تضارب الخطابات الشديد حتى بما يتعلق بالسياسات الأساسية، والنابع من اختلاف الرؤى الأيديولوجية، خلقت القائمة المشتركة للمرشحين من هذه الأحزاب أزمة حقيقية.

ويبقى أن نرى ما إذا كان الناخبون العلمانيون الذين اعتادوا تسمية هؤلاء المرشحين بـ “المتدينين الراديكاليين”، سيصوتون لهم تحت شعار “يجب أن يرحل أردوغان”.

ومع ذلك، يواجه “تحالف الأمة” عائقاً أكبر، يتمثل بارتباطه بحزب الشعوب الديمقراطي الموالي لتنظيم “بي كي كي” الإرهابي، المسؤول عن مقتل 50 ألف شخص في تركيا، والذي عمد إلى عدم ترشيح أي اسم من طرفه للرئاسة هذه المرة، بالرغم من أنه حصل على 12% من الأصوات في الانتخابات السابقة. وبدلاً من ذلك، فإنهم يدعمون قلتشدار أوغلو، المنافس الرئيسي لأردوغان.

كراهية حزب الشعوب الديمقراطي

هناك كراهية سائدة في كافة شرائح المجتمع من اليسار إلى اليمين لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يدافع بفخر، بدلاً من إنكار علاقته بالمنظمة الإرهابية.

وعلاوة على ذلك، فإن الوعد الذي قدمه “تحالف الأمة” الذي يُنظر إليه حالياً على أنه “طاولة ستة + واحد” لحكم البلاد بمفوضية من حوالي 10 أشخاص، يربك حتى ناخبي المعارضة، ويوجه الخوف من الصراعات العالمية والإقليمية والحروب والتهديدات وتدهور الأوضاع الاقتصادية الناس، نحو تحالف الشعب الذي يبدو متماسكاً ومصمماً على رؤيته السياسية والاقتصادية بثبات.

لقد أدت كارثة 6 فبراير/ شباط الماضي، التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وتشريد الملايين في منتصف الشتاء، إلى زيادة الثقة في الرئيس أردوغان، وذلك بخلاف توقعات المعارضة، ومع مرور شهرين فقط على الزلزال، حقق أردوغان تقدماً كبيراً في بناء المساكن الدائمة، ما أكسبه نقاطاً كثيرة ودعماً هائلاً من الجمهور وخاصة في المناطق المنكوبة.

وفي الوقت الذي يواصل فيه أردوغان حملته الانتخابية بسلسلة من المشاريع والاستثمارات الكبرى، عجزت المعارضة حتى على تنظيم صفوفها بشكل فعال، لدرجة أن اجتماعاتهم تبدو لا طائل من ورائها وهم غير قادرين على بث مجرد الأمل.

أما بالنسبة لرئيس حزب الوطن محرم إنجة الذي تقدم كمرشح عن حزب الشعب الجمهوري ضد أردوغان في انتخابات 2018 وخسر بشدة، فإن خوضه السباق الرئاسي لانتخابات 2023 يعتبر أيضاً من الأمور غير المواتية للمعارضة، بل اتُّهم إنجة الذي يشاع أنه وصل إلى حوالي 5% في استطلاعات الرأي، بتقسيم أصوات “تحالف الأمة”.

ويحاول تحالف المعارضة خلق جو انتخابي مضلل من خلال استفتاءات مبالغ فيها تقوم بها الأحزاب المكونة له، كما فعلوا في الانتخابات السابقة، لكن الوضع غير مؤكد حالياً.

ومع ذلك، وكما قال الرئيس الراحل سليمان ديميريل ذات مرة ، “24 ساعة هي وقت طويل في السياسة”، وهذا البيان صحيح بشكل خاص في المنطقة التي نعيش فيها.

 

مليح التنوكبواسطة / مليح التنوك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.