مناظر طبيعية وبياض ثلج ناصع يكسوان التماثيل العملاقة في جبل نمرود، خلال فصل الشتاء، في ولاية أدي يامان التركية (جنوب)، التي تستقطب الزوار المحليين والأجانب وظلت صامدة بعد الزلزال الذي ضرب البلاد العام الماضي.
وتقع هذه التماثيل المدرجة على قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو، على ارتفاع 2150 مترًا عن سطح البحر، في منطقة مغطاة بالثلوج، تشتهر عالميًا بأنها واحدة من أفضل الأماكن التي يمكن فيها مشاهدة شروق الشمس وغروبها.
ويستطيع الزوار بواسطة سياراتهم الخاصة، الوصول إلى نقطة معينة من الطريق الواصل إلى التماثيل العملاقة، قبل أن يواصلوا مشوارهم سيرا على الأقدام لمسافة تبلغ حوالي 1.5 كيلومترًا.
وتستقطب المنطقة، سنويًا آلاف الزوار الأتراك والأجانب، لا سيما عشاق التصوير الفوتوغرافي، الذي يأتون إلى المنطقة لالتقاط صورًا للتماثيل العملاقة التي ترجع لمملكة كوماجيني التي يبلغ عمرها 2000 عام.
ويجعل تساقط الثلوج في المنطقة الوصول إلى التماثيل العملاقة أكثر صعوبة، حيث يستدعي الوصول إليها صعود منحدرات وسلالم صعبة وشديدة الانحدار حتى في أشهر الصيف، عندما يكون الطقس حارًا، خاصة وأن سماكة الثلوج في المنطقة تصل في بعض الأحيان إلى نصف متر.
– زلزال 2023 لم يؤثر على المنطقة
والي أدي يامان، عثمان وارول، تحدث لمراسل الأناضول، قائلا إن المنطقة شهدت عقب الزلزال انخفاضاً في نسبة الإشغال في المرافق السياحية.
وذكر وارول أن الحركة السياحية بدورها شهدت تراجعًا ملحوظة عقب كارثة الزلزال، إلا أنها بدأت تتعافى خلال الأشهر الماضية، نحو الوصول لنشاطها السابق.
وأضاف الوالي: “لدينا تراث ثقافي قيم للغاية في المنطقة حيث توجد فيها أطلال جبل نمرود والتماثيل العملاقة وهي منطقة ذات أهمية كبيرة، نظرًا لكونها تجذب اهتمام السياح.
وتعتبر أدي يامان من المدن المهمة على الخارطة السياحية التركية، وفق الوالي، الذي واصل قائلا: “نحن في الولاية نعمل التزامًا بالأهداف الأساسية التي وضعناها، من أجل الحفاظ على القيم الأصيلة لمدينتنا وحمايتها وتطويرها”.
وتابع وارول: ومن الأرقام المهمة التي نحرص على دعمها في قطاع السياحة، هو عدد زوار المنطقة الأثرية في جبل نمرود. في العام الذي سبق وقوع الزلزال، تجاوز عدد الزوار الـ 250 ألفًا.
أما في العام الماضي (2023) فقد زار المنطقة 150 ألف زائر. وهذا في الواقع مؤشر على أن التعافي قد بدأ بالنسبة للمنطقة والحركة السياحية.
وجبل نمرود مدرج في قائمة التراث الثقافي العالمي لـ”يونسكو”، ويرتفع ألفين و150 مترًا فوق سطح البحر.
ويعتبر الجبل نقطة التقاط الحضارات الشرقية والغربية، ويعرف بأنه “أفضل مكان لمشاهدة شروق وغروب الشمس”.
ويضم تماثيل يبلغ طول بعضها 50 مترا وقطرها 150 مترا تابعة لمملكة كوماجيني خلال العصر الهلنستي قبل الميلاد.
ومملكة كوماجيني تعني “مجتمع الأحياء”، وقد وُجدت كمملكة مستقلة عن ميثيريدس كالنكوس الأول، في بداية القرن الأول قبل الميلاد.
– منطقة تستقبل زوارها بحلة شتوية بهية
من جهتها تحدثت خديجة باشي بويوك، إحدى زائرات المنطقة للأناضول، أنها جاءت من ولاية أنطاليا الجنوبية من أجل زيارة جبل نمرود برفقة زوجها وطفلها.
وأضافت: جئنا إلى هنا بعد زيارة منطقة البحر الأسود، والمنظر على جبل نمرود جميل جداً. يُتحتم على المرء رؤية جمال المنطقة في فصل الشتاء. فضلًا عن جمالها في الصيف والخريف.
ويبدو جبل نمرود وكأنه يرتدي فستان زفافه الأبيض في الشتاء. وعلى الرغم من تساقط الثلوج، إلا أن الطقس مشمس ودافئ.
وزادت المواطنة التركية: “خضنا غمار رحلة صعبة مشينا فيها عبر الثلوج حتى وصلنا إلى منطقة التماثيل العملاقة. لقد التقطنا هنا على جبل نمرود صورًا جميلة أنستنا عناء الرحلة”.
أما آلب أر باشي بويوك، زوج الزائرة خديجة، فقال: تمكنا من الوصول إلى منطقة التماثيل العملاقة في وقت كان فيه الطقس جميل للغاية.
وأردف: “لقد أردنا انتهاز فرصة العطلة المدرسية وتنظيم رحلة المنطقة الجنوبية ومنطقة شرق البحر الأسود. أعتقد أن الجبل يعتبر واحدًا من الأماكن التي لا بد من مشاهدتها وزيارتها أيضا.
بدوره، قال محمد كولر، الذي جاء إلى جبل نمرود قادمًا من مرسين: أردت أن أرى جبل نمرود وكانت رحلة صعبة، لكنها كانت تستحق العناء.
وأوصي كولر الجميع بزيارة المكان الرائع معبرا عن إعجابه الشديد بالمناظر الطبيعية.
وفي 6 فبراير/ شباط 2023 ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا زلزالان متتاليان بقوة 7.7 و7.6 درجات، تبعهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلف خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
وتمكنت التماثيل الضخمة في جبل نمرود بولاية أدي يامان من الصمود أمام زلزال قهرمان مرعش المدمر دون أن تصاب بأي ضرر.