في تطور ملحوظ يحدد ملامح الأجندة الاقتصادية والاجتماعية لتركيا، كشفت بيانات حديثة صادرة عن معهد الإحصاء التركي (TÜİK) عن تصاعد حاد في معدلات تكلفة المعيشة، ما يضعها على رأس قائمة التحديات التي تواجه البلاد.
وفقًا لأحدث الدراسات، التي رصدها موقع تركيا الان٬ بينما كانت البطالة تتصدر المشاكل الاقتصادية في العام 2020 بنسبة 18.5%، فقد تخطتها تكلفة المعيشة بحلول العام 2023 لتصبح القضية الأبرز بنسبة مذهلة وصلت إلى 33.8%، ما يمثل زيادة كبيرة خلال فترة قصيرة.
التعليم والفقر تلتهما في الترتيب، حيث سجل التعليم 16.5% محتلاً المركز الثاني، بينما تراجعت نسبة الفقر إلى 13.4% لتأتي في المركز الثالث. هذه الزيادة الحادة في تكلفة المعيشة ترجع إلى عوامل عديدة، بما في ذلك ارتفاع أسعار السلع والطاقة، فضلاً عن التأثيرات السلبية للغموض الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كورونا.
أمام هذا التحدي الكبير، تحركت الإدارة الاقتصادية التركية بشكل فاعل، وذلك بعد الانتخابات الرئاسية، لوضع سلسلة من السياسات الموجهة نحو مكافحة ارتفاع تكلفة المعيشة. تشمل هذه السياسات العمل على تحقيق العدالة في الدخل، السيطرة على التضخم، وضمان توفير الاحتياجات الأساسية بأسعار معقولة.
كما تضمنت الإجراءات تكثيف الرقابة لمنع الزيادات الفاحشة في الأسعار، وإعلان قواعد جديدة وتطبيق عقوبات رادعة لضمان الالتزام بها.
البنك المركزي التركي لعب دورًا حاسمًا في هذا السياق من خلال تبني سياسات نقدية صارمة، مما يسهم في الحفاظ على استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم.
تأتي هذه الجهود في إطار حزمة متكاملة من التدابير التي تهدف إلى معالجة تكلفة المعيشة المرتفعة وتشمل الرقابة على الأسعار، السياسات الضريبية، دعم الإنتاج، توسيع نطاق المساعدات الاجتماعية، تطوير سياسات الطاقة، تعزيز التنافس، والاستثمار في التعليم والتكنولوجيا.
هذه التطورات تشير إلى استجابة حاسمة من قبل الحكومة التركية لمواجهة أحد أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، مع التركيز على تحقيق الاستقرار وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.