عثر علماء أتراك في مدينة نيسا الأثرية بولاية أيدن غرب البلا، على 47 قبراً معظمها لرضع وأطفال قضوا قبل ألف عام تقريباً، ليكثف المختصون عملهم من أجل إماطة اللثام عن أسباب وفاتهم.
وتستمر أعمال الحفريات الأثرية في المدينة الواقعة بين واديين عند سفح جبال أيدن في منطقة “سلطان حصار”، تحت إشراف الأستاذ الدكتور سردار هاكان أوزتانر، عضو هيئة التدريس في كلية اللغة والتاريخ والجغرافيا بجامعة أنقرة.
وتضم مدينة نيسا الأثرية معبد أخاراكا، بالإضافة إلى واحدة من أفضل المكتبات الأثرية التي تم الحفاظ عليها في الأناضول، كما تلفت الأنظار بمسرحها وملعبها ومبنى البرلمان.
وقال رئيس بعثة الحفريات الأثرية في مدينة نيسا القديمة، إن الجغرافي الشهير إسطرابون (64 ق.م – 24م)، ذكر في كتاباته أنه عاش وتعلم في نيسا.
وأضاف أوزتانر لمراسل الأناضول، أن نيسا كانت تُعرف خلال الفترة الرومانية بأنها مدينة جاذبة لطلاب العلم والثقافة بمكتباتها ومسارحها.
وأوضح أنهم يواصلون أعمال الترميم والتنقيب، مشيراً إلى بدئهم في الموسم الحالي إجراء دراسات عن النظام الذي استخدم لإنشاء الشوارع والساحات في نيسا القديمة.
وكشف أن الدراسات والحفريات الجارية قادت الآثاريين لاكتشاف الطريق التجاري الرئيسي الذي كان يربط بين المدن القديمة أفسس، ومغنيسيا، ووتريلليس، معرباً عن حماسته لهذا الاكتشاف.
ولفت أوزتانر إلى أن الطريق المذكور كان مستخدماً حتى القرن السابع، وأنه دُفن تحت الأرض بعد سلسلة زلازل تعرضت لها المنطقة.
وأفاد بأن الدراسات والحفريات قادت علماء الآثار أيضًا إلى العثور على 47 قبراً، في الطبقة العليا من التربة التي تغطي الطريق الرئيسي.
** معظمها قبور لأطفال ورضّع
وذكر أوزتانر أن القبور تعود إلى القرن الحادي عشر، وقال: “وجدنا 47 قبرا معظمها لأطفال ورضّع، على امتداد الطريق الرئيسي”.
وتابع: “هذا النوع من القبور يشير إلى إمكانية وجود أوبئة اجتاحت المنطقة في القرن الحادي عشر، والصعوبة التي واجهت السكان في تلك الفترة”.
وأكمل: “نواصل أبحاثنا للكشف عن تلك الأوبئة. يبدو أن المدينة عاشت بعد ذلك مرحلة أكثر فقراً وأقل انتظاما، ما يعطي انطباعاً بأنها أصبحت مكاناً مهجوراً بسبب استخدام مركز المدينة مقبرة”.
وأوضح أوزتانر أن الآثاريين عثروا في أحد القبور على قطعة نسيج ملتصقة بعملة معدنية، من المحتمل أن تكون قطعة النسيج مصنوعة من نبات الكتان، وقد حدد الأنثروبولوجيون (المختصون بعلم الإنسان) أن صاحبة هذا القبر امرأة وصلت إلى سن الأربعين.
وأضاف: “هذه الاكتشافات كانت مثيرة لنا من أجل فهم طبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المدينة القديمة. كما أن الحفاظ على قطعة النسيج من التآكل كان أمراً مهماً. ومن تاريخ العملة، تأكدنا أن القبر يعود إلى القرن الحادي عشر”.
وتحدث عن أهمية الطريق الرئيسي لكونه “يربط مدينة نيسا بالطريق الرئيسي الذي يمر جنوباً. وبالتالي، فإن المسافر من أفسس كان عليه دخول المدينة (نيسا) عبر هذا الطريق. حتى متى؟ حتى الزلزال المدمر الذي ضرب المدينة والمنطقة في القرن السابع”.ذا