كشفت وكالة “رويترز” تفاصيل المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، عشية إعلان القدس عاصمةً لإسرائيل.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين أمريكيين أن ترامب أكد لأبو مازن أن هناك خطة سلام قيد الإعداد، من شأنها أن ترضي الفلسطينيين، على ما يبدو للحد من عواقب قراره الذي يخالف السياسة الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة بشأن القضية.
ويبدو أن الاتصال الهاتفي الذي جرى يوم الثلاثاء 5 ديسمبر/كانون الأول 2017، أي قبل يوم من القرار المفاجئ، يستهدف إلقاء الضوء على جهود يبذلها مستشارو البيت الأبيض خلف الكواليس لوضع خطة سلام، من المتوقع طرحها في النصف الأول من 2018، لكنها صارت محل شك الآن، بسبب الغضب الذي يجتاح الشرق الأوسط حالياً بعد إعلان ترامب.
وقال مسؤولان أمريكيان وآخران فلسطينيان، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إن ترامب سعى في اتصاله مع عباس يوم الثلاثاء إلى تخفيف أثر إعلان القدس، بالتشديد على أن الفلسطينيين سيحققون مكاسب من خطة السلام التي يعكف على وضعها كوشنر والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات.
تسوية مهمة
وقالت المصادر إن ترامب أبلغ عباس، المدعوم من الغرب، أن مخطط السلام النهائي سيعرض على الفلسطينيين تسوية مهمة سترضيهم، لكنه لم يقدم تفاصيل، فيما ذكر مسؤول فلسطيني أن عباس رد على ترامب بأن “أي عملية سلام لا بد أن تتضمن تحديد القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين.
وحذّر كبار حلفاء واشنطن الغربيين والعرب من أن القرار قد يحكم بالفشل على محاولات تحقيق ما يصفه ترامب بـ”الصفقة النهائية” للسلام بين الطرفين. وبينما لم تتبلور تفاصيل الإطار التفاوضي حتى الآن، ولم تظهر أي مؤشرات على تقدم ملموس في الملف، يقول مسؤولون إن الإطار سيتناول كل القضايا الكبرى، بما في ذلك القدس والحدود والأمن ومستقبل المستوطنات على الأراضي المحتلة ومصير اللاجئين الفلسطينيين، وسيطالب السعودية وغيرها من دول الخليج العربية بتقديم دعم مالي كبير للفلسطينيين.
مخاوف فلسطينية
وبحسب التقرير، يتزايد قلق الفلسطينيين من أن أي خطة يكشف عنها ترامب ستبخسهم حقهم، وهي مخاوف عمقها إعلان ترامب رسمياً القدس عاصمةً لإسرائيل، مخالفاً بذلك سياسة تتبعها واشنطن منذ عقود، تقوم على أن وضع المدينة القديمة تحدده المفاوضات.
وأقر المسؤولون بأن تحركات ترامب بشأن القدس قد تحدّ من تعاون دول عربية، مثل السعودية ومصر والأردن، تحاول الإدارة إشراكها في عملية السلام، لكنهم أكدوا أن العالم العربي الأوسع مهتم أيضاً بإبقاء ترامب مشاركاً في مواجهة إيران وقتال مسلحي تنظيم “داعش”؛ ومن ثم سيبقى بعيداً لفترة طويلة عن جهود حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
موقف ضعيف
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين إن الفلسطينيين في موقف ضعيف، لدرجة أنه لن يكون أمامهم في آخر الأمر خيار سوى مواصلة المشاركة في مساعي السلام التي تقودها الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه من الحجج الأخرى التي قد يتذرع بها معاونو ترامب لإقناع الفلسطينيين بالمشاركة، أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، يجعل أمريكا أكثر قوة في طلب تنازلات من إسرائيل.
وكانت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية، كشفت عن تفاصيل الاجتماع الذي جمع الرئيس دونالد ترامب وكبار مستشاريه في البيت الأبيض، قبل الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل.
وكشفت المصادر أن بنس كان مناصرًا قويًا لقرار ترامب، إذ يرى ما يراه الرئيس من جهة أنه “اعتراف بالواقع لا أكثر ولا أقل، بل هو الإجراء الصحيح الذي ينبغي القيام به”.
كما أوصى رئيس الأركان جون كيلي، وسفير الأمم المتحدة نيكي هالي، بأن يمضي ترامب في قراراه ويعترف علنا بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما أعلن وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس رفضهما للخطوة.
وقال المصدر إن تيلرسون أعرب عن قلقه بشأن الآثار السلبية لتلك الخطوة على عملية السلام، فيما أبدى ماتيس تخوّفه من ردود الفعل المحتملة وما قد ينتج من تهديدات أمنية.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا لبحث قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حسبما أعلن مندوب اليابان في الأمم المتحدة التي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الأمن.
وكانت وكالة رويترز نقلت عن دبلوماسيين قولهم إن “8 دول هي فرنسا وبوليفيا ومصر وإيطاليا والسنغال والسويد وبريطانيا وأوروغواي، طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقديم إفادة علنية أمام مجلس الأمن”.