نشرت صحيفة “صباح” التركية تقريرا، تناولت من خلاله جزءا من المراسلات السرية المشفرة بين عناصر جماعة فتح الله غولن، التي تضمنت معلومات بشأن التجهيزات والتحضيرات للانقلاب العسكري، وذلك عبر برنامج محادثات خاص بهم يسمى “بايلوك”. والجدير بالذكر أنّ هذه المراسلات تعود لمسؤولين رفيعي المستوى داخل جماعة غولن.
وقالت الصحيفة، إن المراسلات تكشف حجم التحضيرات، فضلا عن عملية التخطيط التي قام بها عناصر جماعة غولن، انطلاقا من ترتيبات وإجراءات الانقلاب، وصولا للنتائج النهائية له. علاوة على ذلك، جهز عناصر جماعة غولن قوائم تضم أسماء الأشخاص الذين سيقومون باعتقالهم، وأسماء المؤسسات الإعلامية التي سيقومون بإغلاقها، ناهيك عن مؤسسات أخرى سيسيطرون عليها ويعملون على توظيفها في محاولة إضفاء الشرعية على الانقلاب.
وذكرت الصحيفة أنّ الحكومة التركية عملت على الوصول إلى كل محتويات المراسلات التي تم تبادلها من خلال البرنامج الذي استخدمه عناصر من جماعة غولن، وذلك في الأشهر الأخيرة من سنة 2015. نتيجة لذلك، سارعت حركة غولن إلى إيقاف استخدام هذا البرنامج، وتحديدا في شهر آذار/ مارس في سنة 2016، مما يعني أنّ هذه المراسلات وقعت على الأغلب قبل 4 أشهر من المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جدت ليلة 15 تموز/ يوليو.
وكشفت الصحيفة عن ما ورد في بعض هذه المراسلات؛ وقد أعرب بعض عناصر جماعة غولن عن قلقهم إزاء وضع رئيس الجماعة فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، بسبب الحملة التركية ضد الجماعة ورئيسها في ذلك الوقت. لكن الرد على ذلك جاء من قبل أحد مسؤولي الجماعة المندسين في جهاز الشرطة، الذي كتب، قائلا: “لا داعي للقلق، نحن باستطاعتنا حل هذه المسألة داخل أروقة الشرطة”.
وأضافت الصحيفة أن المراسلات شملت أيضا الحديث حول الخطوات التي سيقوم بها عناصر جماعة غولن في حال سيطرتهم على الدولة. وفي هذا الصدد، قال أحدهم: “في اليوم الأول لا بد أن نضع أيدينا على كل وسائل الإعلام”، ليجيبه آخر: “سنكتب في العناوين الرئيسية أن الفوضى انتهت وأننا قد أنقذنا تركيا من السقوط في الهاوية”.
وتناولت الصحيفة مراسلات لعناصر جماعة غولن تدل على مدى ثقتهم بأنفسهم وتغولهم داخل أجهزة الدولة. وفي هذا الإطار، كتب أحد العناصر في هذه المراسلات أن “الجيش يعني الجماعة، ولو أن (فتح الله غولن) يصدر قرارا، سنسيطر على الدولة”، ليرد عليه عنصر آخر، مؤكدا: “لو استطعنا الخروج بألف فرد من الجيش، سننهي كل شيء في غضون يوم”.
ومن بين المراسلات الأخرى التي تم الكشف عنها، تلك التي تطرقت لنوعية التهم التي ستوجه لحزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان. وفي هذا الصدد، أفاد أحد العناصر، قائلا: “سنتهمه بخيانة الوطن، ودعم تنظيم الدولة، والاختلاس، وذلك بعد السيطرة التامة على الإعلام”.
كما يتضح من هذه النقاشات بين عناصر الجماعة، التي كشفت عنها الصحيفة، بأنّ هناك حالة من الاستياء في صفوف المنتمين لجماعة غولن في ظل انتظارهم لقرار قائدهم. وفي هذا الشأن، أورد أحدهم، قائلا: “لا يمكن تغيير الوضع من خلال الانتخابات، هذا ما أكده فتح الله غولن، ولكنه لم يصدر أي أوامر حتى الآن للتحرك وحسم الأمر”، ليجيبه عنصر آخر، بأن “المسألة سهلة، يكفي أن نجمع عناصرنا ونغير الوضع القائم في يوم واحد، لينقلب كل شيء في ظرف أسبوع”. في السياق ذاته، أكد عنصر آخر أن “الأحوال لن تتغير دون التوجه إلى القصر وإسقاط من فيه”.
وأبرزت الصحيفة من خلال هذه المراسلات حجم استخفاف الانقلابيين بهذه المسألة، وحجم استخفافهم بالحزب الحاكم فضلا عن الشعب التركي، حيث أورد أحدهم، قائلا: “لن يصمدوا أمامنا أكثر من نصف يوم”.
وأضافت الصحيفة قول انقلابي آخر: “سنعتقل هيئة القضاء والنيابة العامة في اليوم الثاني، وبذلك نكون سيطرنا على الدولة كلها”. وعندما تطرق عنصر من جماعة غولن إلى احتمال استخدام القوة العسكرية، ومواجهتهم لمقاومة من قبل الشعب، طمأنه مسؤول آخر، قائلا: “مقاومة الأتراك للانقلاب لن تتجاوز ما حصل في مصر”.
عربى21