الوليد بن طلال يتحدى ولي العهد ويصمد

نشرت مدونة “لوب لوغ” مقالا لأستاذ الدراسات الدولية جيمس دورسي، يتحدث فيه عن اعتقال الأمير السعودي الوليد بن طلال في حملة ضد الفساد.

ويقول الكاتب إن التاجر السعودي الملياردير الأمير الوليد بن طلال، المسجون في قفص ذهبي في فندق ريتز كارلتون الفاخر على مدى شهرين، يبدو أنه يقاوم متحديا ادعاء ولي العهد محمد بن سلمان بأن عملية التطهير منذ شهرين ضد أعضاء من العائلة المالكة ومسؤولين كبار تشكل حملة ضد الفساد.

ويشير دورسي في مقاله، إلى أن “العديد من الذين تم احتجازهم في حملة التطهير، التي قادها الأمير محمد، التي سماها الناقدون حملة سرقة سلطة ومال تحت غطاء مكافحة الفساد، لجأوا إلى شراء حريتهم، بالتخلي عن أجزاء كبيرة من ممتلكاتهم، وقالت الحكومة إنها تأمل باستعادة 100 مليار دولار من الأموال التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني”.

ويلفت الكاتب إلى أن “الأمير متعب بن عبدالله، ابن الملك السابق، الذي تم عزله عن قيادة الحرس الوطن، لتحييد أكثر منافسي ولي العهد قوة، اضطر للتخلي عن مليار دولار، ووقع وثيقة اعترف فيها بتهم فساد”.

ويعلق دورسي قائلا: “يبدو أنه طلب من الأمير الوليد بن طلال مبلغ 6 مليارات دولار لتسوية أوضاعه، وأنه قاوم الضغط بهذا الشأن، بحسب (وول ستريت جورنال)، وبدلا من ذلك عرض الأمير على الحكومة نسبة من أسهم (كنغدوم هولدينغ)، التي تستثمر في المؤسسات القوية، مثل (سيتي بانك) و(تويتر) و(فور سيزون هوتلز) وفي (ديزني)، وتدير إمبراطورية ترفيه وإعلام، وقد خسرت شركة (كنغدوم هولدينغ) 14% من قيمتها السوقية البالغة 8.7 مليار دولار بعد سجن الوليد بن طلال، كما أصر الأمير أن يبقى هو من يقود مجموعة شركاته”.

ويفيد الكاتب بأن “أملاك الأمير الوليد بن طلال تقدر، بحسب (فوربس)، بحوالي 16.8 مليار دولار، ويشعر بأن المبلغ الذي تطلبه الحكومة يعرض إمبراطوريته للانهيار، ويعد الاستجابة له اعترافا بالذنب”.

ويقول دروسي: “قد يكون ذلك هو الهدف، فالوليد يعد مصلحا اجتماعيا، أدخل تحسينات على وضع المرأة في شركاته قبل سنوات من التعديلات التي يريد الأمير محمد إجراءها، كما أنه أشهر رجل أعمال سعودي رائد، يرحب به رؤساء الدول والحكومات وكبار رجال الأعمال، وهو ابن الأمير طلال بن عبد العزيز، وهو أمير ليبرالي لقب بالأمير الأحمر، وهو الذي انتقد حكم العائلة في ستينيات القرن الماضي، ومرة أخرى في بداية هذا القرن، ولا يعتقد أن للأمير الوليد طموحات سياسية”.

ويبين الكاتب أن ” الأمير الوليد في مقاومته لمطالب الأمير محمد يقوم بتحدي عملية مبهمة واعتباطية، لم يقدم فيها أي أدلة قانونية، بالرغم من إصرار الحكومة على أنها أجرت تحقيقات، وجمعت أدلة على وجود فساد ورشوة وغسيل أموال وابتزاز، ونقلت (وول ستريت جورنال) عن مقربين من الأمير الوليد، بأنه يطالب بـ(تحقيق عادل، ويتوقع أن يتسبب الوليد بالمتاعب لمحمد بن سلمان/ أم بي أس)”.

ويجد دروسي: “اللجوء إلى القضاء سيعرض ادعاءات الحكومة بوجود عملية قضائية للاختبار، وسيلقي بالضوء على مصداقية النظام القضائي السعودي، والخطورة التي تكمن في المعركة القضائية هو أن التهم الموجهة للأمير الوليد وغيره كانت ممارسات منتشرة في المملكة، ولم تكن هناك قواعد واضحة تضبط مبادئ التعامل بين أعضاء العائلة الحاكمة والحكومة، وبين الأمراء والأميرات الذين يملكون النفوذ ورجال الأعمال”.

وينوه الكاتب إلى أن “هناك القليل من الشك بأن حملة التطهير التي قام بها الأمير محمد تحظى بشعبية بين شرائح مهمة من الشعب، الذي يصنف نصفه على أنهم من ذوي الدخل المتدني أو الوسط، ولطالما كانت تلك الشرائح ناقمة على المميزات غير المحدودة التي تتمتع بها النخبة”.

ويقول دروسي: “لم يتعرض أحد للأمير محمد ليسأله عن مصدر ثرائه وثراء فرعه من العائلة المالكة، وكانت وثائق بنما، التي تم تسريبها من ملفات شركة محاماة في أمريكا الوسطى، تعمل مع كبار أثرياء العالم لإنشاء شركات أعمال في مناطق تحميهم من دفع الضرائب، كشفت العام الماضي عن أسماء عدد من الأقارب المباشرين للأمير محمد، بالإضافة إلى أن التقارير الإعلامية أظهرت أن الأمير أنفق في السنوات الأخيرة 1.25 مليار دولار على يخت قيمته 500 مليون، وقصر في فرنسا ثمنه 300 مليون دولار، ولوحة لليوناردو دافينشي بـ 450 مليون دولار، وإن كان الأمير محمد أنكر شراء اللوحة، التي قام بشرائها مقرب منه، وقالت أبو ظبي إنه تم شراء اللوحة لصالح وزارة السياحة والثقافة”.

ويوضح الكاتب أن “تسليط الضوء على معركة قضائية مع الأمير الوليد سيأتي في وقت تحاول فيه الحكومة إعادة صياغة العقد الاجتماعي من جانب واحد، الذي كان يقوم على الرعاية الاجتماعية من المهد إلى اللحد، مقابل التنازل عن الحقوق السياسية، والقبول بصيغة محافظة جدا من الإسلام السني والعادات البدوية”.

ويذكر دروسي أم “الحكومة دفعت مبلغ 533 مليون دولار في صندوق تأمين اجتماعي إنشئ حديثا لمساعدة العائلات المحتاجة، استباقا لسن ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% ، التي ستشمل المواد الغذائية والخدمات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود بسبب تخفيض الدعم الحكومي”.

ويورد الكاتب نقلا عن وزير العمل السعودي علي الغفيص، قوله إن الصندوق دفع مساعدات تصل إلى حوالي 250 دولارا لـ 10.6 مليون شخص منذ إنشائه، مشيرا إلى أن الحكومة أعلنت هذا الشهر أيضا عن رزمة تحفيزية قيمتها 19 مليار دولار، تتضمن قروضا مدعومة من الحكومة لمن يريد شراء بيت، ولإنشاء الشركات الصغيرة، ومساعدات مالية للشركات التي تعاني من صعوبات، بالإضافة إلى أن الحكومة قدمت ميزانية جديدة، وصلت فيها النفقات إلى رقم قياسي، فاقت فيه حصة الدفاع من الميزانية حصة التعليم في بلد تصل فيه البطالة إلى 12.7%، وتوقع تقرير صادر عن “بانك أوف أمريكا ميريل لينتش” أن تصل نسبة البطالة من 33.5% إلى 42% مع حلول عام 2030.

ويقول دروسي إن “الأمير محمد يأمل بأن يستمر الدعم الشعبي لإصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية، وأنه بعد أن تهدأ الأمور بشأن حملة التطهير، مع غياب الإجراءات القانونية، سينسى المستثمرون الأجانب ذلك، وقد أشار الدبلوماسيين الأجانب إلى أن شركات من تم سجنهم وتغريمهم لا تزال تعمل كالمعتاد، وأن عملية التطهير لم تؤثر على أي مصالح أجنبية”.

ويستدرك الكاتب بأنه “للإبقاء على شعبيته يجب على الأمير محمد أن يفي بوعوده في الوظائف، ويخفف من آلام شد الأحزمة والعقد الاجتماعي الجديد، والتأكد من أن يبقى الرأي العام يستوعب عملية التطهير بصفتها حملة ضد الفساد، حيث لا أحد فوق القانون”.

ويختم دروسي مقاله بالقول إن “أي معركة قضائية مع الأمير الوليد ستضع ادعاءات الحكومة تحت الاختبار، وقد تؤدي في المحصلة للتخريب على خطط الأمير محمد، وربما هذا ما يأمل الأمير الوليد أن يعمل لصالحه في مفاوضاته للتوصل إلى تسوية مع الحكومة من سجنه في ريتز كارلتون”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.